قوله : ( يوم النحر ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري أن ذلك كان في حجة الوداع وفي أخرى [ ص: 88 ] له يخطب يوم النحر كما في الباب وفي أخرى له أيضا على راحلته . قال القاضي عياض : جمع بعضهم بين هذه الروايات بأنه موقف واحد على أن معنى خطب أنه علم الناس لا أنها خطبة من خطب الحج المشروعة . قال : ويحتمل أن يكون ذلك في موطنين : أحدهما : على راحلته عند الجمرة ولم يقل في هذا خطب ، والثاني : يوم النحر بعد صلاة الظهر وذلك وقت الخطبة المشروعة من خطب الحج يعلم الإمام فيها الناس ما بقي عليهم من مناسكهم وصوب النووي هذا الاحتمال الثاني فإن قيل : لا منافاة بين هذا الذي صوبه وبين ما قبله فإنه ليس في شيء من طرق الأحاديث بيان الوقت الذي خطب فيه الناس . فيجاب بأن في رواية حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس التي ذكرها المصنف رميت بعدما أمسيت وهي تدل على أن هذه القصة كانت بعد الزوال ; لأن المساء إنما يطلق على ما بعد الزوال وكأن السائل علم أن السنة للحاج أن يرمي الجمرة أول ما يقدم ضحى فلما أخرها إلى بعد الزوال سأل عن ذلك .
والحاصل أنه قد اجتمع من الروايات أن ذلك كان في حجة الوداع يوم النحر بعد الزوال عند الجمرة والرجل المذكور في هذه الأحاديث قال الحافظ في الفتح : لم نقف بعد البحث الشديد على اسم أحد ممن سأل في هذه القصة . قوله : ( حلقت قبل أن أرمي ) في هذه الرواية قدم السؤال عن الحلق قبل الرمي ، وفي الرواية الثانية قدم السؤال عن الحلق قبل النحر وكذلك في حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام وفي الرواية الأخرى منه قدم الإفاضة قبل الحلق ، وفي الرواية الثالثة منه قدم الذبح قبل الرمي وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قدم الحلق قبل الذبح وفي الرواية الأخرى منه قدم الزيارة قبل الرمي
والأحاديث المذكورة في الباب تدل على جواز تقديم بعض الأمور المذكورة فيها على بعض وهي الرمي والحلق والتقصير والنحر وطواف الإفاضة وهو إجماع كما قال nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في المغني قال في الفتح : إلا أنهم اختلفوا في وجوب الدم في بعض المواضع قال القرطبي : روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ولم يثبت عنه أن من قدم شيئا على شيء فعليه دم ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة والحسن nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي وأصحاب الرأي .
وتعقبه الحافظ بأن نسبة ذلك إلى nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي وأصحاب الرأي فيها نظر وقال : إنهم لا يقولون بذلك إلا في بعض المواضع وإنما أوجبوا الدم ; لأن العلماء قد أجمعوا على أنها مترتبة أولها : رمي جمرة العقبة ، ثم نحر الهدي أو ذبحه ، ثم الحلق أو التقصير ثم طواف الإفاضة ولم يخالف في ذلك أحد إلا ابن جهم المالكي استثنى القارن فقال : لا يحلق حتى يطوف ، ورد عليه النووي بالإجماع فالمراد بإيجابهم الدم على من قدم شيئا على شيء يعنون من الأشياء المذكورة في هذا الترتيب المجمع عليه بأن فعل ما يخالفه .
وقد روي إيجاب الدم عن الهادي والقاسم وذهب جمهور العلماء من الفقهاء وأصحاب الحديث [ ص: 89 ] إلى الجواز وعدم وجوب الدم قالوا ; لأن قوله صلى الله عليه وسلم ( ولا حرج ) يقتضي رفع الإثم والفدية معا ; لأن المراد بنفي الحرج نفي الضيق ، وإيجاب أحدهما فيه ضيق وأيضا لو كان الدم واجبا لبينه صلى الله عليه وسلم ; لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز وبهذا يندفع ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من أن الرخصة مختصة بمن كان جاهلا أو ناسيا لا من كان عامدا فعليه الفدية .
قال الطبري : لم يسقط النبي صلى الله عليه وسلم الحرج إلا وقد أجزأ الفعل إذ لو لم يجزئ لأمره بالإعادة ; لأن الجهل والنسيان لا يضيعان غير إثم الحكم الذي يلزمه في الحج كما لو ترك الرمي ونحوه فإنه لا يأثم بتركه ناسيا أو جاهلا لكن يجب عليه الإعادة . قال : والعجب ممن يحمل قوله ولا حرج على نفي الإثم فقط ثم يخص ذلك ببعض الأمور دون بعض فإن كان الترتيب واجبا يجب بتركه دم فليكن في الجميع وإلا فما وجه تخصيص بعض دون بعض من تعميم الشارع الجميع بنفي الحرج انتهى ، وذهب بعضهم إلى تخصيص الرخصة بالناسي والجاهل دون العامد واستدل على ذلك بقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=13ابن عمرو : فما سمعته يومئذ يسأل عن أمر ينسى أو يجهل . . . إلخ وبقوله في رواية للشيخين من حديثه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=5206أن رجلا قال له صلى الله عليه وسلم : لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي فقال : ارم ولا حرج } .
وذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد إلى التخصيص المذكور كما حكى ذلك عنه nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم وقد قوى ذلك ابن دقيق العيد فقال : ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد قوي من جهة أن الدليل دل على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في الحج بقوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18285خذوا عني مناسككم } وهذه الأحاديث المرخصة في تقديم ما وقع عنه تأخيره قد قرنت بقول السائل : لم أشعر فيختص هذا الحكم بهذه الحالة وتبقى صورة العمد على أصل وجوب الاتباع في الحج .
وأيضا الحكم إذا رتب على وصف يمكن أن يكون معتبرا لم يجز إطراحه ولا شك أن عدم الشعور مناسب لعدم المؤاخذة وقد علق به الحكم فلا يجوز إطراحه بإلحاق العمد به إذ لا يساويه .
ويدل على تعدد السائل قول nindex.php?page=showalam&ids=13ابن عمرو في حديثه المذكور في الباب : وأتاه آخر فقال : إني أفضت . . . إلخ .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام في حديثه المذكور : وأتاه آخر كذلك ، قوله : ( وجاء آخر ) وتعليق سؤال بعضهم بعدم الشعور لا يستلزم سؤال غيره به حتى يقال : [ ص: 90 ] إنه يختص الحكم بحالة عدم الشعور ولا يجوز إطراحها بإلحاق العمد بها ، ولهذا يعلم أن التعويل في التخصيص على وصف عدم الشعور المذكور في سؤال بعض السائلين غير مفيد للمطلوب نعم إخبار nindex.php?page=showalam&ids=13ابن عمرو عن أعم العام وهو قوله : " فما سئل يومئذ عن شيء " مخصص بإخباره مرة أخرى عن أخص منه مطلقا وهو قوله : فما سمعته يومئذ يسأل عن أمر مما ينسى المرء أو يجهل ولكن عند من جوز التخصيص بمثل هذا المفهوم قوله : ( رميت بعدما أمسيت ) فيه دليل على أن من رمى بعد دخول وقت المساء وهو الزوال صح رميه ولا حرج عليه في ذلك