باب ما يصنع بفاضل مال الكعبة 2518 - ( عن أبي وائل قال : جلست إلى شيبة في هذا المسجد فقال : جلس إلي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في مجلسك هذا ، فقال : لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين ، قلت : ما أنت بفاعل ؟ قال : لم ؟ قلت : لم يفعله صاحباك ، فقال : هما المرءان يقتدى بهما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ) .
2519 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية - أو قال : - بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ، ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها من الحجر } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم )
قوله : ( جلست إلى nindex.php?page=showalam&ids=4137شيبة هو ابن عثمان بن طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الله بن عبد الدار بن قصي العبدري الحجبي ) بفتح المهملة والجيم ثم موحدة : نسبة إلى حجابة الكعبة قوله : ( فيها ) أي في الكعبة ; والمراد بالصفراء : الذهب ، والبيضاء : الفضة قال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي : غلط من ظن أن المراد بذلك حلية الكعبة ، وإنما أراد الكنز الذي بها وهو ما كان يهدى إليها فيدخر ما يزيد عن الحاجة ، وأما الحلي فمحبسة عليها كالقناديل فلا يجوز صرفها في غيرها وقال ابن الجوزي : كانوا في الجاهلية يهدون إلى الكعبة المال [ ص: 40 ] تعظيما لها فيجتمع فيها
قوله : ( هما المرءان ) تثنية مرء بفتح الميم ويجوز ضمها والراء ساكنة على كل حال بعدها همزة : أي الرجلان قوله : ( يقتدى بهما ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري " أقتدي بهما " قال ابن بطال : أراد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ذلك لكثرة إنفاقه في منافع المسلمين ، ثم لما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرض له أمسك ، وإنما ترك ذلك لأن ما جعل في الكعبة وسبل لها يجري مجرى الأوقاف فلا يجوز تغييره عن وجهه ، وفي ذلك تعظيم للإسلام وترهيب للعدو
قال في الفتح : أما التعليل الأول فليس بظاهر من الحديث ، بل يحتمل أن يكون تركه صلى الله عليه وسلم لذلك رعاية لقلوب قريش كما ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم ، ثم أيد هذا الاحتمال بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة المذكور في الباب ، ثم قال : فهذا هو التعليل المعتمد ا هـ والمصير إلى هذا الاحتمال لا بد منه لنصه صلى الله عليه وسلم عليه فلا يلتفت إلى الاحتمالات المخالفة له ، وعلى هذا فإنفاقه جائز كما جاز nindex.php?page=showalam&ids=14لابن الزبير بناء البيت على قواعد إبراهيم لزوال السبب الذي لأجله ترك بناءه صلى الله عليه وسلم واستدل التقي السبكي بحديث أبي وائل هذا على جواز تحلية الكعبة بالذهب والفضة وتعليق قناديلهما فيها وفي مسجد المدينة ، فقال : هذا الحديث عمدة في مال الكعبة وهو ما يهدى إليها أو ينذر لها قال وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يجوز تحلية الكعبة بالذهب والفضة ولا تعليق قناديلهما فيها ، ثم حكى وجهين في ذلك : أحدهما : الجواز تعظيما كما في المصحف ، والآخر : المنع إذ لم يقل أحد من السلف به فهذا مشكل ، لأن للكعبة من التعظيم ما ليس لبقية المساجد ، بدليل تجويز سترها بالحرير والديباج .
وفي جواز ستر المساجد بذلك خلاف ، ثم تمسك للجواز بما وقع في أيام nindex.php?page=showalam&ids=15490الوليد بن عبد الملك من تذهيبه سقوف المسجد النبوي ، قال : ولم ينكر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ولا أزاله في خلافته ، ثم استدل للجواز بأن تحريم استعمال الذهب والفضة إنما هو فيما يتعلق بالأواني المعدة للأكل والشرب ونحوهما قال : وليس في تحلية المساجد بالقناديل الذهب شيء من ذلك ويجاب عنه بأن حديث أبي وائل لا يصلح للاستدلال به على جواز تحلية الكعبة وتعليق القناديل من الذهب والفضة كما زعم ، لأنه إن أراد أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وقرره فقد عرفت الحامل له صلى الله عليه وسلم على ذلك ، وإن أراد وقوع الإجماع من الصحابة أو ممن بعدهم عليه فممنوع ، وإن أراد غير ذلك فما هو ؟ وأما القياس على ستر الكعبة بالحرير والديباج فقد تعقب بأن تجويز ذلك قام الإجماع عليه ، وأما التحلية بالذهب والفضة فلم ينقل عن فعل من يقتدى به كما قال في الفتح ، وفعل الوليد وترك nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز لا حجة فيهما ، نعم القول بالتحريم يحتاج إلى دليل ولا سيما مع ما قدمنا من اختصاص تحريم استعمال آنية الذهب والفضة بالأكل والشرب ، ولكن لا أقل من الكراهة ، فإن وضع الأموال التي ينتفع بها أهل الحاجات في المواضع التي لا ينفع الوضع فيها آجلا ولا عاجلا ما لا يشك في كراهته