[ ص: 110 ] قوله : ( باب المكاتب ) بفتح الفوقانية : من تقع له الكتابة ، وبكسرها : من تقع منه والكتابة بكسر الكاف وفتحها قال الراغب : اشتقاقها من كتب بمعنى أوجب ، ومنه قوله تعالى: { كتب عليكم الصيام } أو بمعنى جمع وضم ، ومنه كتب الخط قال الحافظ : وعلى الأول تكون مأخوذة من معنى الالتزام ، وعلى الثاني تكون مأخوذة من الخط لوجوده عند عقدها غالبا قال الروياني : الكتابة إسلامية ولم تكن تعرف في الجاهلية
وقال ابن التين : كانت الكتابة متعارفة قبل الإسلام فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم وقال nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة وقد كانوا يكاتبون في الجاهلية بالمدينة قوله : ( أن بريرة ) قد تقدم ضبط هذا الاسم وبيان اشتقاقه في باب من اشترى عبدا بشرط أن يعتقه من كتاب البيع ، وتقدم أيضا طرف من شرح هذا الحديث في باب أن من شرط الولاء أو شرط شرطا فاسدا من كتاب البيع أيضا قوله : ( فإن أحبوا ، . . . إلخ ) ظاهره أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة طلبت أن يكون الولاء لها إذا بذلت جميع مال الكتابة ولم يقع ذلك إذ لو وقع لكان اللوم على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بطلبها ولاء من أعتقه غيرها
وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة بلفظ يزيل الإشكال فقال : " أن أعدها لهم عدة واحدة وأعتقك ويكون ولاؤك لي فعلت " وكذلك رواه وهيب عن هشام ، فعرف بذلك أنها أرادت أن تشتريها شراء صحيحا ثم تعتقها ، إذ العتق فرع ثبوت الملك ، ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ابتاعي فأعتقي " والمراد بالأهل هنا في قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : " ارجعي إلى أهلك " : السادة ، والأهل في الأصل : الآل ، وفي الشرع : من تلزم نفقته قوله : ( إن شاءت أن تحتسب ) هو من الحسبة بكسر الحاء المهملة : أي تحتسب الأجر عند الله ولا يكون لها ولاء
قوله : ( فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : " فسمع بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فسألني " وفي أخرى له : " فسمع بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أو بلغه " قوله : ( ابتاعي فأعتقي ) هو كقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر { nindex.php?page=hadith&LINKID=69946لا يمنعك ذلك } قوله : ( على تسع أواق ) في رواية معلقة nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : " خمس أواق نجمت عليها في خمس سنين " ولكن المشهور رواية التسع ، وقد جزم الإسماعيلي بأن رواية الخمس غلط ويمكن الجمع بأن التسع أصل والخمس كانت بقيت عليه وبهذا جزم القرطبي والمحب الطبري ويعكر عليه ما في تلك الرواية بلفظ : " ولم تكن قضت من كتابتها شيئا " وأجيب بأنها كانت حصلت الأربع الأواقي قبل أن تستعين ثم جاءتها وقد بقي عليها خمس
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي : يجاب بأن الخمس هي التي كانت استحقت عليها بحلول نجمها من جملة التسع الأواقي المذكورة ويؤيده ما وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري ذكرها في أبواب المساجد بلفظ : " فقال أهلها : إن شئت أعطيت ما يبقى " وقد قدمنا بقية الكلام على هذا الحديث في ذلك الباب من كتاب البيع فليرجع إليه ، وله فوائد أخر خارجة عن المقصود قال ابن بطال : أكثر [ ص: 111 ] الناس من تخريج الوجوه في حديث بريرة حتى بلغوها نحو مائة وجه وقال النووي : صنف فيه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير تصنيفين كبيرين أكثرا فيهما من استنباط الفوائد .
حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب باللفظ الأول ، أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه ، وقال الترمذي غريب قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لم أجد أحدا روى هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمرا ولم أر من رضيت من أهل العلم يثبته ، وعلى هذا فتيا المفتين وأخرجه باللفظ الثاني أيضا nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ، وحسن الحافظ إسناده في بلوغ المرام ، وهو من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش وفيه مقال وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : هو حديث منكر وهو عندي خطأ ا هـ وفي إسناده أيضا nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني عن nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ولم يسمع عنه ، كما قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم وحديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لم أر أحدا ممن رضيت من أهل العلم يثبت واحدا من هذين الحديثين قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : أراد هذا وحديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، يعني الذي قبله ا هـ وهو من رواية الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عنها وقد صرح nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر بسماع الزهري من نبهان وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة عن نبهان من طريق أخرى وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس سكت [ ص: 112 ] عنه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=16383والمنذري ، وهو عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي مسند ومرسل ، ورجال إسناده عند أبي داود ثقات وحديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام أخرجه أيضا أبو داود لأنه قال في السنن بعد إخراجه لحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما لفظه : ورواه ، يعني حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وهيب عن أيوب عن عكرمة عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وجعله nindex.php?page=showalam&ids=13382إسماعيل ابن علية من قول عكرمة ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طرق
قوله : ( فهو رقيق ) أي تجري عليه أحكام الرق ، وفيه دليل على جواز بيع المكاتب لأنه رق مملوك ، وكل مملوك يجوز بيعه وهبته والوصية به ، وهو القديم من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر قال : بيعت بريرة بعلم النبي صلى الله عليه وسلم وهي مكاتبة ولم ينكر ذلك ففيه أبين بيان أن بيعه جائز قال : ولا أعلم خبرا يعارضه ، قال : ولا أعلم دليلا على عجزها وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الجديد nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وأصحاب الرأي : إنه لا يجوز بيعه ، وبه قالت العترة ، قالوا : لأنه قد خرج من ملكه بدليل تحريم الوطء والاستخدام ، وتأول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي حديث بريرة على أنها كانت قد عجزت وكان بيعها فسخا لكتابتها ، وهذا التأويل يحتاج إلى دليل
قوله : ( فلتحتجب منه ) ظاهر الأمر الوجوب إذا كان مع المكاتب من المال ما يفي بما عليه من مال الكتابة لأنه قد صار حرا وإن لم يكن قد سلمه إلى مولاته وقيل : إنه محمول على الندب قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يجوز أن يكون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة بالاحتجاب من مكاتبها إذا كان عنده ما يؤدي لتعظيم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فيكون ذلك مختصا بهن ، ثم قال : ومع هذا فاحتجاب المرأة ممن يجوز له أن يراها واسع ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم سودة أن تحتجب من رجل قضى أنه أخوها ، وذلك يشبه أن يكون للاحتياط وأن الاحتجاب ممن له أن يراها مباح ا هـ
والقرينة القاضية بحمل هذا الأمر على الندب حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب المذكور فإنه يقتضي أن حكم المكاتب قبل تسليم جميع مال الكتابة حكم العبد ، والعبد يجوز له النظر إلى سيدته كما هو مذهب أكثر السلف لقوله تعالى: { أو ما ملكت أيمانهن } وذهب جماعة من أهل العلم منهم الهادوية إلى أنه لا يجوز للعبد النظر إلى سيدته ومن متمسكاتهم لذلك ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أنه قال : لا تغرنكم آية النور ، فالمراد بها الإماء قال في البحر : وخصهن بالذكر لتوهم مخالفتهن للحرائر في قوله تعالى: { أو نسائهن } ا هـ وقد تمسك بحديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب جمهور أهل العلم من الصحابة وغيرهم فقالوا : حكم المكاتب قبل تسليم جميع مال الكتابة حكم العبد في جميع الأحكام من الإرث والأرش والدية والحد وغير ذلك
وتمسك من قال بأنه يعتق من المكاتب بقدر ما أدى من مال الكتابة ، وتتبعض الأحكام التي يمكن تبعضها في حقه بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وحديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي المذكورين وقد قدمنا في باب ميراث المعتق بعضه من كتاب الفرائض أقوالا في المكاتب الذي قد أدى بعض [ ص: 113 ] مال كتابته قوله : ( يودى المكاتب ) بضم أوله وفتح الدال المهملة مبنيا للمجهول : أي يؤدي الجاني عليه من ديته أو أرشه لما كان منه حرا بحساب دية الحر وأرشه ولما كان منه عبدا بحساب دية العبد وأرشه
2612 - ( وعن موسى بن أنس : أن سيرين سأل nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك المكاتبة ، وكان كثير المال فأبى ، فانطلق إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فقال : كاتبه ، فأبى ، فضربه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بالدرة وتلا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر { فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ) .
2613 - ( وعن أبي سعيد المقبري قال : اشترتني امرأة من بني ليث بسوق ذي المجاز بسبعمائة درهم ، ثم قدمت فكاتبتني على أربعين ألف درهم ، فأذهبت إليها عامة المال ثم حملت ما بقي إليها ، فقلت : هذا مالك فاقبضيه ، فقالت : لا والله حتى آخذه منك شهرا بشهر وسنة بسنة ، فخرجت به إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فذكرت ذلك له ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : ارفعه إلى بيت المال ، ثم بعث إليها : هذا مالك في بيت المال وقد عتق nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد ، فإن شئت فخذي شهرا بشهر ، وسنة بسنة ، قال : فأرسلت فأخذته رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ) .
حديث أبي سعيد المقبري هو من رواية ابنه سعيد بن أبي سعيد ، وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وأورده صاحب التلخيص وسكت عنه . قوله : ( أن سيرين ) هو والد nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين الفقيه المشهور ، وكنيته أبو عمرو ، وكان من سبي عين التمر ، اشتراه nindex.php?page=showalam&ids=9أنس في خلافة أبي بكر وروى عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وغيره ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في ثقات التابعين وموسى بن أنس الراوي عنه لم يدرك وقت سؤال سيرين الكتابة من nindex.php?page=showalam&ids=9أنس وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من وجه آخر متصل من طريق سعيد بن أبي عروبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال : أرادني سيرين على المكاتبة فأبيت ، فأتى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب فذكر نحوه
وقد استدل بالآية المذكورة من قال بوجوب الكتابة ، وقد نقله nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق والضحاك وزاد nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي معهما وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي وبه قالت الظاهرية واختاره nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وحكاه في البحر عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء وعمرو بن دينار وقال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه : إنها واجبة إذا طلبها العبد وذهبت العترة والشافعية والحنفية وجمهور العلماء إلى عدم الوجوب وأجابوا عن الآية بأجوبة منها ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13785أبو سعيد الإصطخري : إن القرينة الصارفة للأمر المذكورة آخر الآية ، أعني [ ص: 114 ] قوله تعالى: { إن علمتم فيهم خيرا } فإنه وكل الاجتهاد في ذلك إلى المولى ، ومقتضاه أنه إذا رأى عدمه لم يجبر عليه فدل على أنه غير واجب وقال غيره : الكتابة عقد غرر ، فكان الأصل أن لا تجوز ، فلما وقع الإذن فيها كان أمرا بعد منع والأمر بعد المنع للإباحة ، ولا يرد على هذا كونها مستحبة ، لأن استحبابها ثبت بأدلة أخرى قال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي : لما ثبت أن رقبة العبد وكسبه ملك لسيده دل على أن الأمر بالكتابة غير واجب ، لأن قوله : " خذ كسبي وأعتقني " يصير بمنزلة أعتقني بلا شيء ، وذلك غير واجب اتفاقا وأجاب عن الآية في البحر بأن القياس على المعاوضات صرفها عن الظاهر كالتخصيص ورد بأن القياس المذكور فاسد الاعتبار لأنه في مقابلة النص ويجاب بأن المراد بالقياس المذكور هو الأصل المعلوم من الأصول المقررة وهو صالح للصرف لا للقياس الذي هو إلحاق أصل بفرع حتى يرد بما ذكر واستدل بفعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر المذكور في قصة أبي سعيد المقبري من لم يشترط التنجيم في الكتابة وهم nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك والناصر والمؤيد بالله وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والهادي وأبو العباس وأبو طالب إلى اشتراط التأجيل والتنجيم واستدلوا على ذلك بأن الكتابة مشتقة من الضم وهو ضم بعض النجوم إلى بعض ، وأقل ما يحصل به الضم نجمان واحتجوا أيضا بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بلفظ : " إذا تتابع على المكاتب نجمان فلم يؤد نجومه رد إلى الرق " ولا يخفى أن مثل هذا لا ينتهض للاحتجاج به على الاشتراط ، أما أولا فلأنه قول صحابي ، وأما ثانيا فليس فيه ما يشعر بأن ذلك على جهة الحتم والتأجيل في الأصل إنما جعل لأجل الرفق بالعبد لا بالسيد ، فإذا قدر العبد على التعجيل وتسليم المال دفعة فكيف يمنع من ذلك ؟ والحاصل أن التنجيم جائز بالاتفاق كما حكي ذلك في الفتح وأما كونه شرطا أو واجبا فلا مستند له