قوله : ( جاء رجل ) اسمه ضمضم بن قتادة . قوله : ( يعرض بأن ينفيه ) وجه التعريض أنه قال : غلام أسود أي وأنا أبيض فكيف يكون مني ؟ وفيه دليل على أن [ ص: 330 ] التعريض بالقذف لا يكون قذفا ، وإليه ذهب الجمهور . وعن المالكية يجب به الحد إذا كانوا يفهمونها ، وكذلك قالت الهادوية ، إلا أنهم اشترطوا أن يقر بأن قصده القذف . وأجابوا عن حديث الباب بأنه لا حجة فيه لأن الرجل لم يرد قذفا ، بل جاء سائلا مستفتيا عن الحكم بما وقع له من الريبة فلما ضرب له المثل أذعن ، وقال المهلب : التعريض إذا كان على سبيل السؤال لا حد فيه ، وإنما يجب الحد في التعريض إذا كان على سبيل المواجهة . وقال ابن المنير : الفرق بين الزوج والأجنبي في التعريض أن الأجنبي يقصد الأذية المحضة والزوج يعذر بالنسبة إلى صيانة النسب
قوله : ( من أورق ) هو الذي يميل إلى الغبرة ، ومنه قيل للحمامة : ورقاء . قوله : ( فأنى ذلك ) بفتح النون الثقيلة : أي من أين أتاها اللون الذي خالفها هل هو بسبب فحل من غير لونها طرأ عليها أو لأمر آخر ؟ . قوله : ( نزعه عرق ) المراد بالعرق : الأصل من النسب تشبيها بعرق الشجرة ، ومنه قولهم : فلان عريق في الأصالة : أي إن أصله متناسب ، وكذا معرق في الكرم ، وهو ضرب مثل لتعريف السائل وتوضيح البيان بتشبيه المجهول بالمعلوم ، وهو من قياس التشبيه كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي . قال ابن العربي : فيه دليل على صحة القياس والاعتبار بالنظير . وتوقف فيه ابن دقيق العيد فقال : هو تشبيه في أمر وجودي ، والنزاع إنما هو في التشبيه في الأحكام الشرعية من طريق واحدة قوية .
وفي الحديث دليل على أنه لا يجوز للأب أن ينفي ولده بمجرد كونه مخالفا له في اللون . وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي وابن رشد الإجماع على ذلك . وتعقبهما الحافظ بأن الخلاف في ذلك ثابت عند الشافعية فقالوا : إن لم ينضم إلى المخالفة في اللون قرينة زنى لم يجز النفي ، فإن اتهمها فأتت بولد على لون الرجل الذي اتهمها به جاز النفي على الصحيح عندهم ، وعند الحنابلة يجوز النفي مع القرينة مطلقا .