هذا الحديث قد رواه من الصحابة أمهات المؤمنين وسهلة بنت سهيل وهي من المهاجرات nindex.php?page=showalam&ids=170وزينب بنت أم سلمة وهي ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم ورواه من التابعين nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن [ ص: 372 ] محمد nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير وحميد بن نافع ، ورواه عن هؤلاء الزهري nindex.php?page=showalam&ids=12531وابن أبي مليكة nindex.php?page=showalam&ids=16337وعبد الرحمن بن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=17314ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة ، ثم رواه عن هؤلاء nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=16108وشعيب nindex.php?page=showalam&ids=17419ويونس nindex.php?page=showalam&ids=15632وجعفر بن ربيعة nindex.php?page=showalam&ids=17124ومعمر nindex.php?page=showalam&ids=16036وسليمان بن بلال وغيرهم ، وهؤلاء هم أئمة الحديث المرجوع إليهم في أعصارهم ، ثم رواه عنهم الجم الغفير والعدد الكثير وقد قال بعض أهل العلم : إن هذه السنة بلغت طرقها نصاب التواتر
وقد استدل بذلك من قال : إن إرضاع الكبير يثبت به التحريم ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=8أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما حكاه عنه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم وأما nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر فأنكر الرواية عنه في ذلك ، وقال : لا يصح ، وإليه ذهبت عائشة nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد وابن علية وحكاه النووي عن nindex.php?page=showalam&ids=15858داود الظاهري ، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ويؤيد ذلك الإطلاقات القرآنية كقوله تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } وذهب الجمهور إلى أن حكم الرضاع إنما يثبت في الصغير وأجابوا عن قصة سالم بأنها خاصة به كما وقع من أمهات المؤمنين لما قالت لهن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بذلك محتجة به
وأجيب بأن دعوى الاختصاص تحتاج إلى دليل وقد اعترفن بصحة الحجة التي جاءت بها nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، ولا حجة في إبائهن لها كما أنه لا حجة في أقوالهن ; ولهذا سكتت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة لما قالت لها nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1876أما لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ؟ } ولو كانت هذه السنة مختصة بسالم لبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بين اختصاص nindex.php?page=showalam&ids=177أبي بردة بالتضحية بالجذع من المعز ، واختصاص nindex.php?page=showalam&ids=2546خزيمة بأن شهادته كشهادة رجلين وأجيب أيضا بدعوى نسخ قصة سالم المذكورة ، واستدل على ذلك بأنها كانت في أول الهجرة عند نزول قوله تعالى: { ادعوهم لآبائهم } وقد ثبت اعتبار الصغر من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ولم يقدم المدينة إلا قبل الفتح ، ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ولم يسلم إلا في فتح خيبر ورد ذلك بأنهما لم يصرحا بالسماع من النبي صلى الله عليه وسلم ، وأيضا حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مما لا تثبت به الحجة كما سيجيء ، ولو كان النسخ صحيحا لما ترك التشبث به أمهات المؤمنين
ومن أجوبتهم أيضا حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=30754لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام } وحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=12433إنما الرضاعة من المجاعة } وسيأتي الجواب عن ذلك كما سيأتي الجواب عن حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=30755لا رضاع إلا ما كان في الحولين } وقد اختلفوا في تقدير المدة التي يقتضي الرضاع فيها التحريم على أقوال : الأول : أنه لا يحرم منه إلا ما كان في الحولين ، وقد حكاه في البحر عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود والعترة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ا هـ وروي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16438وابن شبرمة [ ص: 373 ] وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبي عبيد nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر
القول الثاني : أن الرضاع المقتضي للتحريم ما كان قبل الفطام وإليه ذهبت أم سلمة ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي ولم يصح عنه ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال الحسن والزهري والأوزاعي وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة . القول الثالث : أن الرضاع في حال الصغر يقتضي التحريم ولم يحده القائل بحد ، وروي ذلك عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما خلا عائشة ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب القول الرابع : ثلاثون شهرا ، وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر القول الخامس : في الحولين وما قاربهما
روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وروي عنه أن الرضاع بعد الحولين لا يحرم قليله ولا كثيره كما في الموطأ القول السادس : ثلاث سنين ، وهو مروي عن جماعة من أهل الكوفة ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح القول السابع : سبع سنين ، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز القول الثامن : حولان واثنا عشر يوما ، روي عن nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة
القول التاسع : أن الرضاع يعتبر فيه الصغر إلا فيما دعت إليه الحاجة كرضاع الكبير الذي لا يستغنى عن دخوله على المرأة ويشق احتجابها منه ، وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وهذا هو الراجح عندي ، وبه يحصل الجمع بين الأحاديث ، وذلك بأن تجعل قصة سالم المذكورة مخصصة لعموم { nindex.php?page=hadith&LINKID=12433إنما الرضاع من المجاعة } ، { nindex.php?page=hadith&LINKID=42303ولا رضاع إلا في الحولين } ، { nindex.php?page=hadith&LINKID=30754ولا رضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام } ، { nindex.php?page=hadith&LINKID=42304ولا رضاع إلا ما أنشر العظم وأنبت اللحم } وهذه طريق متوسطة بين طريقة من استدل بهذه الأحاديث على أنه لا حكم لرضاع الكبير مطلقا ، وبين من جعل رضاع الكبير كرضاع الصغير مطلقا لما لا يخلو عنه واحدة من هاتين الطريقتين من التعسف كما سيأتي بيانه ، ويؤيد هذا أن سؤال سهلة امرأة أبي حذيفة كان بعد نزول آية الحجاب ، وهي مصرحة بعدم جواز إبداء الزينة لغير من في الآية ، فلا يخص منها غير من استثناه الله تعالى إلا بدليل كقضية سالم وما كان مماثلا لها في تلك العلة التي هي الحاجة إلى رفع الحجاب من غير أن يقيد ذلك بحاجة مخصوصة من الحاجات المقتضية لرفع الحجاب ولا بشخص من الأشخاص ولا بمقدار من عمر الرضيع معلوم
[ ص: 374 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30755لا رضاع إلا ما كان في الحولين } رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وقال : لم يسنده عن nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة غير nindex.php?page=showalam&ids=15459الهيثم بن جميل وهو ثقة حافظ ) .
حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه وأعل بالانقطاع لأنه من رواية فاطمة بنت المنذر بن الزبير الأسدية عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ولم تسمع منها شيئا لصغر سنها إذ ذاك وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وابن عدي وقال : يعرف بالهيثم وغيره وكان يغلط ، وصحح nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وقفه ، ورجح ابن عدي الموقوف ، وقال ابن كثير في الإرشاد : رواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطأ عن nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس موقوفا وهو أصح وكذا رواه غير ثور عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قد قدمنا في باب علامات البلوغ من كتاب التفليس عند الكلام على حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه بلفظ : حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=18133 : لا يتم بعد احتلام } الحديث أن nindex.php?page=showalam&ids=16383المنذري قال : وقد روي هذا الحديث يعني حديث علي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك وليس فيها شيء يثبت ا هـ وهو يشير برواية nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله إلى حديثه هذا ولا يخفى أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المذكور ههنا يشهد له ، وكذلك يشهد له حديث علي المتقدم هنالك قوله : ( إلا ما فتق الأمعاء ) أي سلك فيها ، والفتق : الشق ، والأمعاء جمع المعى بفتح الميم وكسرها قوله : ( الثدي ) أي في زمن الثدي ، وهو لغة معروفة فإن العرب تقول : مات فلان في الثدي : أي في زمن الرضاع قبل الفطام كما وقع التصريح بذلك في آخر الحديث
قوله : ( انظرن من إخوانكن ) هو أمر بالتأمل فيما وقع من الرضاع هل هو رضاع صحيح مستجمع للشروط المعتبرة قال المهلب : المعنى انظرن ما سبب هذه الأخوة فإن حرمة الرضاع [ ص: 375 ] إنما هي في الصغر حيث تسد الرضاعة المجاعة وقال أبو عبيد : معناه أن الذي إذا جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن من الرضاع هو الصبي لا حيث يكون الغذاء بغير الرضاع قوله : ( فإنما الرضاعة من المجاعة ) هو تعليل للباعث على إمعان النظر والتفكر بأن الرضاعة التي تثبت بها الحرمة هي حيث يكون الرضيع طفلا يسد اللبن جوعته
وأما من كان يأكل ويشرب فرضاعه لا عن مجاعة لأن في الطعام والشراب ما يسد جوعته ، بخلاف الطفل الذي لا يأكل الطعام ومثل هذا المعنى حديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30752لا رضاع إلا ما أنشر العظم وأنبت اللحم } فإن إنشار العظم وإنبات اللحم إنما يكون لمن كان غذاؤه اللبن وقد احتج بهذه الأحاديث من قال : إن رضاع الكبير لا يقتضي التحريم مطلقا وهم الجمهور كما تقدم وأجاب القائلون بأن رضاع الكبير يقتضي التحريم مطلقا وهم من تقدم ذكره عن هذه الأحاديث ، فقالوا : أما حديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31367لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء } فأجابوا عنه بأنه منقطع كما تقدم ولا يخفى أن تصحيح الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم لهذا الحديث يدفع علة الانقطاع فإنهما لا يصححان ما كان منقطعا إلا وقد صح لهما اتصاله ، لما تقرر في علم الاصطلاح أن المنقطع من قسم الضعيف وأجابوا عن حديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30755لا رضاع إلا ما كان في الحولين } بأنه موقوف كما تقدم ، ولا حجة في الموقوف ، وبما تقدم من اشتهار nindex.php?page=showalam&ids=15459الهيثم بن جميل بالغلط وهو المنفرد برفعه ولا يخفى أن الرفع زيادة يجب المصير إليها على ما ذهب إليه أئمة الأصول وبعض أئمة الحديث إذا كانت ثابتة من طريق ثقة ، والهيثم ثقة كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني مع كونه مؤيدا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر المذكور
وأجابوا عن حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=12434فإنما الرضاعة من المجاعة } بأن شرب الكبير يؤثر في دفع مجاعته قطعا كما يؤثر في دفع مجاعة الصغير أو قريبا منه وأورد عليهم أن الأمر إذا كان كما ذكرتم من استواء الكبير والصغير فما الفائدة في الحديث ، وتخلصوا عن ذلك بأن فائدته إبطال تعلق التحريم بالقطرة من اللبن والمصة التي لا تغني من جوع ولا يخفى ما في هذا من التعسف ولا ريب أن سد الجوعة باللبن الكائن في ضرع المرضعة إنما يكون لمن لم يجد طعاما ولا شرابا غيره ، وأما من كان يأكل ويشرب فهو لا تسد جوعته عند الحاجة بغير الطعام والشراب ، وكون الرضاع مما يمكن أن يسد به جوعة الكبير أمر خارج عن محل النزاع ، فإنه ليس النزاع فيمن يمكن أن تسد جوعته به ، إنما النزاع فيمن لا تسد جوعته إلا به ، وهكذا أجابوا عن الاحتجاج بحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=30752لا رضاع إلا ما أنشر العظم وأنبت اللحم } فقالوا : إنه يمكن أن يكون الرضاع كذلك في حق الكبير ما لم يبلغ أرذل العمر ، ولا يخفى ما فيه من التعسف ، والحق ما قدمنا أن قضية سالم مختصة بمن حصل له ضرورة بالحجاب لكثرة الملابسة ، فتكون هذه الأحاديث مخصصة بذلك النوع فتجتمع حينئذ الأحاديث ويندفع التعسف [ ص: 376 ] من الجانبين