باب ما جاء في القسامة [ ص: 44 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار { nindex.php?page=hadith&LINKID=1453أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي
قوله : ( ما جاء في القسامة ) بفتح القاف وتخفيف السين المهملة وهي مصدر أقسم ، والمراد بها الأيمان واشتقاق القسامة من القسم كاشتقاق الجماعة من الجمع . وقد حكى إمام الحرمين أن القسامة عند الفقهاء اسم للأيمان . وعند أهل اللغة اسم للحالفين ، وقد صرح بذلك في القاموس . وقال في الضياء : إنها الأيمان . وقال في المحكم : إنها في اللغة [ ص: 45 ] الجماعة ثم أطلقت على الأيمان .
قوله : ( أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية ) القسامة في الجاهلية قد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي صفتها عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم كان رجل من بني هاشم استأجره رجل من قريش من فخذ أخرى ، فانطلق معه في إبله ، فمر به رجل من بني هاشم قد انقطعت عروة جوالقه فقال : أغثني بعقال أشد به عروة جوالقي لا تنفر الإبل ، فأعطاه عقالا فشد به عروة جوالقه ، فلما نزلوا عقلت الإبل إلا بعيرا واحدا ، فقال الذي استأجره : ما بال هذا البعير لم يعقل من بين الإبل ، قال : ليس له عقال ، قال : فأين عقاله ؟ فحذفه بعصا كان فيه أجله ، فمر به رجل من أهل اليمن فقال : أتشهد الموسم ؟ قال : ما أشهده وربما شهدته . قال : هل أنت مبلغ عني رسالة مرة من الدهر ؟ قال : نعم ، قال : فإذا شهدت فناد يا قريش ، فإذا أجابوك فناد يا آل هاشم ، فإن أجابوك فسل عن أبي طالب فأخبره أن فلانا قتلني في عقال ومات المستأجر . فلما قدم الذي استأجره أتاه أبو طالب فقال : ما فعل صاحبنا ؟ قال : مرض فأحسنت القيام عليه ووليت دفنه ، قال : قد كان أهل ذاك منك ، فمكث حينا ثم إن الرجل الذي أوصى إليه أن يبلغ عنه وافى الموسم فقال يا قريش ، قالوا : هذه قريش ، قال : يا آل بني هاشم ، قالوا : هذه بنو هاشم . قال : أين أبو طالب ؟ قالوا : هذا أبو طالب ، قال : أمرني فلان أن أبلغك رسالة أن فلانا قتله في عقال ، فأتاه أبو طالب فقال : اختر منا إحدى ثلاث : إن شئت أن تودي مائة من الإبل فإنك قتلت صاحبنا ، وإن شئت حلف خمسون من قومك أنك لم تقتله ، فإن أبيت قتلناك به ، فأتى قومه فأخبرهم ، فقالوا : نحلف ، فأتته امرأة من بني هاشم كانت تحت رجل منهم كانت قد ولدت منه ، فقالت : يا أبا طالب أحب أن تجير ابني هذا برجل من الخمسين ولا تصبر يمينه حيث تصبر الأيمان ، ففعل فأتاه رجل منهم فقال : يا أبا طالب أردت خمسين رجلا أن يحلفوا مكان مائة من الإبل فيصيب كل رجل منهم بعيران ، هذان البعيران فاقبلهما مني ولا تصبر يميني حيث تصبر الأيمان ، فقبلهما ، وجاء ثمانية وأربعون فحلفوا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : فوالذي نفسي بيده ما حال الحول ومن الثمانية والأربعين عين تطرف انتهى .
قوله : ( عن سهل بن أبي حثمة قال انطلق ) ، هكذا في كثير من روايات nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم " عن رجال من كبراء قومه " وفي أخرى له " عن رجل من كبراء قومه " . قوله : ( ومحيصة ) قد تقدم ضبطه في الباب الذي قبل هذا وهو ابن عم عبد الله بن سهل . قوله : ( يتشحط [ ص: 46 ] في دمه ) بالشين المعجمة والحاء المهملة المشددة بعدها طاء مهملة أيضا وهو الاضطراب في الدم . كما في القاموس .
وقد روي التخفيف فيه وفي محيصة . قوله : ( كبر كبر ) أي دع من هو أكبر منك سنا يتكلم ، هكذا في رواية يحيى بن سعيد أن الذي تكلم هو عبد الرحمن بن سهل وكان أصغرهم .
وفي رواية أن الذي تكلم هو محيصة وكان أصغر من حويصة . قوله : ( أتحلفون وتستحقون صاحبكم ) فيه دليل على مشروعية القسامة .
وإليه ذهب جمهور الصحابة والتابعين والعلماء من الحجاز والكوفة والشام ، حكى ذلك القاضي عياض ، ولم يختلف هؤلاء في الجملة إنما اختلفوا في التفاصيل على ما سيأتي بيانه . وروى القاضي عياض عن جماعة من السلف منهم nindex.php?page=showalam&ids=12134أبو قلابة nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم بن عبد الله والحكم بن عتيبة nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار وإبراهيم بن علية nindex.php?page=showalam&ids=14429ومسلم بن خالد
nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز في رواية عنه أن القسامة غير ثابتة لمخالفتها لأصول الشريعة من وجوه : منها : أن البينة على المدعي واليمين على المنكر في أصل الشرع . ومنها : أن اليمين لا يجوز إلا على ما علمه الإنسان قطعا بالمشاهدة الحسية أو ما يقوم مقامها . وأيضا لم يكن في حديث الباب حكم بالقسامة ، وإنما كانت القسامة من أحكام الجاهلية فتلطف لهم النبي صلى الله عليه وسلم ليريهم كيف بطلانها ، وإلى عدم ثبوت القسامة أيضا ذهب الناصر كما حكاه عنه صاحب البحر .
وأجيب بأن القسامة أصل من أصول الشريعة مستقل لورود الدليل بها فتخصص بها الأدلة العامة ، وفيها حفظ للدماء وزجر للمعتدين ، ولا يحل طرح سنة خاصة لأجل سنة عامة ، وعدم الحكم في حديث سهل بن أبي حثمة لا يستلزم عدم الحكم مطلقا ، فإنه صلى الله عليه وسلم قد عرض على المتخاصمين اليمين وقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=94850إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يأذنوا بحرب } كما في رواية متفق عليها ، وهو لا يعرض إلا ما كان شرعا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي : هذا الحديث ليس له أصل .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن الشعبي " أن قتيلا وجد بين وادعة وشاكر ، فأمرهم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أن يقيسوا ما بينهما فوجدوه إلى وادعة أقرب ، فأحلفهم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر خمسين يمينا ، كل رجل ما قتلته ولا علمت قاتله ، ثم أغرمهم الدية ، فقالوا : يا أمير المؤمنين لا أيماننا دفعت [ ص: 47 ] عن أموالنا ، ولا أموالنا دفعت عن أيماننا ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : كذلك الحق " وأخرج نحوه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، وفيه أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=40032إنما قضيت عليكم بقضاء نبيكم صلى الله عليه وسلم } قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم منكر ، وفيه عمر بن صبح أجمعوا على تركه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ليس بتكذيب إنما رواه الشعبي عن nindex.php?page=showalam&ids=14057الحارث الأعور . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16878مجالد عن الشعبي عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف عن أبي إسحاق عن الحارث بن الأزمع لكن لم يسمعه أبو إسحاق من الحارث وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16360وعبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار nindex.php?page=showalam&ids=16560وعراك بن مالك أن رجلا من بني سعد بن ليث أجرى فرسا فوطئ على أصبع رجل من جهينة فمات ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر للذين ادعى عليهم : أتحلفون خمسين يمينا ما مات منها ، فأبوا ، فقال للآخرين : احلفوا أنتم ، فأبوا ، فقضى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بشطر الدية على السعديين ، وسيأتي حكمه صلى الله عليه وسلم على اليهود بالدية . قوله : ( فيدفع برمته ) قد تقدم ضبط الرمة وتفسيرها في الباب الأول .
وقد استدل بهذا من قال : إنه يجب القود بالقسامة ، وإليه ذهب الزهري nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة nindex.php?page=showalam&ids=11863وأبو الزناد nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أحد قوليه nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ومعظم الحجازيين . وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير . واختلف في ذلك على nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز .
وحكى في البحر عن أمير المؤمنين nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية والمرتضى nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أحد قوليه أنه لا يجب القود بالقسامة ، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه وسائر الكوفيين وكثير من البصريين وبعض المدنيين nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري والأوزاعي والهادوية ، بل الواجب عندهم جميعا اليمين ، فيحلف خمسون رجلا من أهل القرية خمسين يمينا ما قتلناه ولا علمنا قاتله ، ولا يمين على المدعي ، فإن حلفوا لزمتهم الدية عند جمهورهم . وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن الحسن أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر والجماعة الأولى لم يكونوا يقتلون بالقسامة .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أن القسامة إنما توجب العقل ولا تشيط الدم وقال nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق في مصنفه : قلت لعبيد الله بن عمر العمري : أعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاد بالقسامة ؟ قال : لا ، قلت : فأبو بكر ؟ قال : لا ، قلت : فعمر ؟ قال : لا ، قلت : فلم تجترئون عليها ؟ فسكت .
وقد استدل بقوله صلى الله عليه وسلم : " تقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته " nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك في المشهور عنه أن القسامة إنما تكون على رجل واحد . وقال الجمهور : يشترط أن تكون على معين سواء كان واحدا أو أكثر . واختلفوا هل يختص القتل بواحد من الجماعة المعينين أو يقتل الكل . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب : لهم أن يحلفوا على جماعة ويختاروا واحدا للقتل ويسجن الباقون عاما ويضربون مائة مائة . قال الحافظ : وهو قول لم يسبق إليه . وقال جماعة من أهل العلم : إن شرط القسامة أن تكون على غير معين . [ ص: 48 ] واستدلوا على ذلك بحديث سهل بن أبي حثمة المذكور ، فإن الدعوى فيه وقعت على أهل خيبر من غير تعيين . ويجاب عن ذلك بأن غايته أن القسامة تصح على غير معين ، وليس فيه ما يدل على اشتراط كونها على غير معين ولا سيما وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قرر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية .
وقد قدمنا أن أول قسامة كانت في الجاهلية قسامة أبي طالب وهي دعوى على معين كما تقدم . فإن قيل : إذا كانت على معين كان الواجب في العمد القود ، وفي الخطإ الدية فما وجه إيجاب القسامة ؟ فيقال : لما لم يكن على ذلك المعين بينة ولم يحصل منه مصادقة كان ذلك مجرد لوث ، فإن اللوث في الأصل هو ما يثمر صدق الدعوى ، وله صور ذكرها صاحب البحر : منها : وجود القتيل في بلد يسكنه محصورون ، فإن كان يدخله غيرهم اشترط عداوة المستوطنين للقتيل كما في قصة أهل خيبر . ومنها : وجوده في صحراء وبالقرب منه رجل في يده سلاح مخضوب بالدم ولم يكن هناك غيره . ومنها وجوده بين صفي القتال ، ومنها : وجوده ميتا بين مزدحمين في سوق أو نحوه .
ومنها : كون الشهاد على القتل نساء أو صبيانا لا يقدر تواطؤهم على الكذب هذا معنى كلام البحر . ومن صور اللوث أن يقول المقتول في حياته دمي عند فلان أو هو قتلني أو نحو ذلك فإنها تثبت القسامة بذلك عندnindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث . وادعى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن ذلك عليه الأئمة قديما وحديثا واعترض هذه الدعوى ابن العربي وفي الفتح أنه لم يقل بذلك غيرهما . ومنها : إذا كان الشهود غير عدول أو كان الشاهد واحدا فإنها تثبت القسامة عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ، ولم يحك صاحب البحر اشتراط اللوث إلا عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وحكي عن القاسمية والحنفية أنه لا يشترط . ورد بأن عدم الاشتراط غفلة عن أن الاختصاص بموضع الجناية نوع من اللوث والقسامة لا تثبت بدونه .
قوله : ( فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم ) أي يخلصونكم عن الأيمان بأن يحلفوا ، فإذا حلفوا انتهت الخصومة فلم يجب عليهم شيء وخلصتم أنتم من الأيمان . والجمع بين هذه الرواية والرواية الأخرى التي فيها تقديم طلب البينة على اليمين حيث قال : " يأتون بالبينة على من قتله ، قالوا : ما لنا بينة " بأن يقال : إن الرواية الأخرى مشتملة على زيادة وهي طلب البينة أولا ثم اليمين ثانيا ، ولا وجه لما زعمه بعضهم من كون طلب البينة وهما في الرواية المذكورة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أن خيبر حينئذ لم يكن بها أحد من المسلمين . قال الحافظ : إن سلم أنه لم يسكن مع اليهود أحد من المسلمين في خيبر فقد ثبت في نفس القصة أن جماعة من المسلمين خرجوا يمتارون تمرا ، فيجوز أن يكون طائفة أخرى خرجوا لمثل ذلك ، ثم قال : وقد وجدنا لطلب البينة في هذه القصة شاهدا ، وذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب وحديث nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج المتقدمين في الباب الأول .
قوله : ( أن يبطل دمه ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري [ ص: 49 ] أن يطل دمه " بضم أوله وفتح الطاء وتشديد اللام : أي يهدر قوله : ( فوداه بمائة من إبل الصدقة ) في الرواية الأولى " فعقله " أي أعطى ديته .
وفي رواية " أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عقله " والعقل : الدية كما تقدم . وقد زعم بعضهم أن قوله : " من إبل الصدقة " غلط من سعيد بن عبيد لتصريح يحيى بن سعيد بقوله : " فعقله النبي صلى الله عليه وسلم من عنده " وجمع بعضهم بين الروايتين باحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اشتراها من إبل الصدقة بمال دفعه من عنده ، أو المراد بقوله : " من عنده " أي من بيت المال المرصد للمصالح وأطلق عليه صدقة باعتبار الانتفاع به مجانا . وحمله بعضهم على ظاهره .
وقد حكى القاضي عياض عن بعض العلماء جواز صرف الزكاة في المصالح العامة ، واستدل بهذا الحديث وغيره . قال القاضي عياض : وذهب من قال بالدية إلى تقديم المدعى عليهم في اليمين إلا nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد فقالا بقول الجمهور يبدأ بالمدعين وردها إن أبوا على المدعى عليهم ، وقال بعكسه أهل الكوفة وكثير من أهل البصرة وبعض أهل المدينة . وقال الأوزاعي : يستحلف من أهل القرية خمسون رجلا خمسين يمينا ما قتلناه ولا علمنا من قتله ، فإن حلفوا برئوا ، وإن نقصت قسامتهم عن عدد أو نكول حلف المدعون على رجل واحد واستحقوا دمه ، فإن نقصت قسامتهم عادت دية ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي : يبدأ المدعى عليهم بالأيمان ، فإن حلفوا فلا شيء عليهم . وقال الكوفيون : إذا حلفوا وجبت عليهم الدية .
قال في الفتح : واتفقوا كلهم على أنها لا تجب القسامة بمجرد دعوى الأولياء حتى يقترن بها شبهة يغلب على الظن الحكم بها . واختلفوا في تصوير الشبهة على سبعة أوجه ثم ذكرها وذكر الخلاف في كل واحدة منها ، وهي ما أسلفناه في بيان صور اللوث . قال في الفتح بعد أن ذكر السابعة من تلك الصور وهي أن يوجد القتيل في محلة أو قبيلة أنه لا يوجب القسامة عند nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وأتباعهم إلا هذه الصورة ولا يجب فيما سواها . وبهذا يتبين لك أن عدم اشتراط اللوث مطلقا بعد الاتفاق على تفسيره بما سلف غير صحيح . ومن شروط القسامة عند الجميع إلا الحنفية أن يوجد بالقتيل أثر . والحاصل أن أحكام القسامة مضطربة غاية الاضطراب ، والأدلة فيها واردة على أنحاء مختلفة ، ومذاهب العلماء في تفاصيلها متنوعة إلى أنواع ، ومتشعبة إلى شعب ، فمن رام الإحاطة بها فعليه بكتب الخلاف ومطولات شروح الحديث .