قوله : ( تسخم ) بسين مهملة ثم خاء معجمة ، قال في القاموس : السخم : محركة السواد ، والأسخم الأسود ، ثم قال : وقد تسخم عليه وسخم بصدره تسخيما أغضبه ووجهه سوده . قوله : ( ويخزيان ) بالخاء والزاي المعجمتين أي يفضحان ويشهران . قال في القاموس خزي كرضي خزيا بالكسر وقع في بلية وشهرة فذل بذلك وأخزاه الله : فضحه . قوله : ( فإذا هي تلوح ) يعني آية الرجم . قوله : ( رأيته يجنأ ) بفتح أوله وسكون الجيم وفتح النون بعدها همزة أي ينحني . قال في القاموس : جنأ عليه كجعل وفرح جنوءا وجنأ : أكب كأجنأ وجانأ وتجانأ وكفرح : أشرف كاهله على صدره فهو [ ص: 112 ] أجنأ ، والمجنأ بالضم : الترس لا حديد فيه انتهى . وفي هذه اللفظة روايات كثيرة هذه أصحها على ما ذكره صاحب المشارق
قوله : ( رجلا من أسلم ) هو ماعز بن مالك الأسلمي . قوله : ( وامرأة هي الجهنية ) ويقال لها : الغامدية . قوله : ( محمم ) بضم الميم الأولى وفتح الحاء المهملة وتشديد الميم الثانية مفتوحة اسم مفعول أي مسود الوجه ، والتحميم : التسويد ، وأحاديث الباب تدل على أن حد الزنا يقام على الكافر كما يقام على المسلم . وقد حكى صاحب البحر الإجماع على أنه يجلد الحربي ، وأما الرجم فذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف والقاسمية إلى أنه يرجم المحصن من الكفار . وذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي والناصر والإمام يحيى إلى أنه يجلد ولا يرجم . قال الإمام يحيى : والذمي كالحربي في الخلاف . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا حد عليه
وأما الحربي المستأمن فذهبت العترة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف إلى أنه يحد . وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد إلى أنه لا يحد . وقد بالغ nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر فنقل الاتفاق على أن شرط الإحصان الموجب للرجم هو الإسلام . وتعقب بأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد لا يشترطان ذلك ومن جملة من قال : بأن الإسلام شرط nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة شيخ nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وبعض الشافعية . وأحاديث الباب تدل على أنه يحد الذمي كما يحد المسلم . والحربي والمستأمن يلحقان بالذمي بجامع الكفر . وقد أجاب من اشترط الإسلام عن أحاديث الباب بأنه صلى الله عليه وسلم إنما أمضى حكم التوراة على أهلها ولم يحكم عليهم بحكم الإسلام ، وقد كان ذلك عند المدينة
وكان إذ ذاك مأمورا باتباع حكم التوراة ثم نسخ ذلك الحكم بقوله تعالى : { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم } ولا يخفى ما في هذا الجواب من التعسف ، ونصب مثله في مقابلة أحاديث الباب من الغرائب ، وكونه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك عند مقدمه المدينة لا ينافي ثبوت الشرعية ، فإن هذا حكم شرعه الله لأهل الكتاب وقرره رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا طريق لنا إلى ثبوت الأحكام التي توافق أحكام الإسلام إلا بمثل هذه الطريق ، ولم يتعقب ذلك في شرعنا ما يبطله ، ولا سيما وهو مأمور بأن يحكم بينهم بما أنزل الله ومنهي عن اتباع أهوائهم كما صرح بذلك القرآن . وقد أتوه صلى الله عليه وسلم يسألونه عن الحكم ولم يأتوه ليعرفهم شرعهم فحكم بينهم بشرعه ونبههم على أن ذلك ثابت في شرعهم كثبوته في شرعه ، ولا يجوز أن يقال : إنه حكم بينهم بشرعهم مع مخالفته لشرعه لأن الحكم منه بما هو منسوخ عنده لا يجوز على مثله وإنما أراد بقوله : فإني أحكم بينكم بالتوراة . كما وقع في رواية من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة إلزامهم الحجة
وأما الاحتجاج بقوله تعالى : { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم } فغاية ما فيه أن الله شرع هذا الحكم بالنسبة إلى نساء المسلمين ، وهو مخرج على الغالب كما في الخطابات الخاصة بالمؤمنين والمسلمين مع أن كثيرا منها يستوي فيه الكافر والمسلم بالإجماع ، ولو سلمنا [ ص: 113 ] أن الآية تدل بمفهومها على أن نساء الكفار خارجات عن ذلك الحكم فهذا المفهوم قد عارضه منطوق حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر المذكور في الباب ، فإنه مصرح { nindex.php?page=hadith&LINKID=16002بأنه صلى الله عليه وسلم رجم اليهودية مع اليهودي } . ومن غرائب التعصبات ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه قال : إنما رجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهوديين لأن اليهود يومئذ لم يكن لهم ذمة فتحاكموا إليه . وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم إذا أقام الحد على من لا ذمة له فلأن يقيمه على من له ذمة بالأولى ، كذا قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي معترضا على قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إن مجيء اليهود سائلين له صلى الله عليه وسلم يوجب له عهدا كما لو دخلوا للتجارة فإنهم في أمان إلى أن يردوا إلى مأمنهم . وأجاب بعضهم بأنه صلى الله عليه وسلم لما أمر برجمهما من دون استفصال عن الإحصان كان دليلا على أنه حكم بينهم بشرعهم ; لأنه لا يرجم في شرعه إلا المحصن وتعقب ذلك بأنه قد ثبت في طريق عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني { nindex.php?page=hadith&LINKID=35047أن أحبار اليهود اجتمعوا في بيت المدراس وقد زنى رجل منهم بامرأة بعد إحصانهما } .
فهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم قد علم الإحصان بإخبارهم له لأنهم جاءوا إليه سائلين يطلبون رخصة فيبعد أن يكتموا عنه مثل ذلك . ومن جملة ما تمسك به من قال : إن الإسلام شرط حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا وموقوفا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=35504من أشرك بالله فليس بمحصن } ورجح nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره الوقف . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه في مسنده على الوجهين ، ومنهم من أول الإحصان في هذا الحديث بإحصان القذف . ولأحاديث الباب فوائد ليس هذا موضع بسطها .