3105 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة قال : كنا نتحدث أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن ماعز بن مالك لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يرجمه ، وإنما رجمه عند الرابعة . رواهما nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ) .
3106 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة أيضا قال : كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتحدث أن الغامدية وماعز بن مالك ، لو رجعا بعد اعترافهما ، أو قال : لو لم يرجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما ، وإنما رجمهما بعد الرابعة . رواه أبو داود ) .
[ ص: 115 ] قصة ماعز قد رواها جماعة من الصحابة منهم من ذكره المصنف ومنهم جماعة لم يذكرهم ، وقد اتفق عليها الشيخان من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر من دون تسمية صاحب القصة . وقد أطال أبو داود في سننه واستوفى طرقها .
وحديث أبي بكر أخرجه أيضا أبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني ، وفي أسانيدهم كلهم جابر الجعفي وهو ضعيف .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة الآخر أخرج نحوه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، وفي إسناده بشير بن مهاجر الكوفي الغنوي . وقد أخرج له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ووثقه nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين . وقال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : منكر الحديث يجيء بالعجائب مرجئ متهم وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي : يكتب حديثه ، ولكنه يشهد لهذا الحديث حديثه الأول الذي ذكره المصنف . وحديث أبي بكر الذي قبله ، وكذلك الرواية الأخرى من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس التي عزاها المصنف إلى أبي داود ; لأن قوله فيها : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13295شهدت على نفسك أربع مرات ، اذهبوا به فارجموه } يشعر بأن ذلك هو العلة في ثبوت الرجم وقد سكت أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=16383والمنذري عن هذه الرواية ورجالها رجال الصحيح .
قوله : ( أبك جنون ) وقع في رواية من حديث nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة " فسأل : أبه جنون ؟ فأخبر بأنه ليس بمجنون " وفي لفظ : " فأرسل إلى قومه فقالوا : ما نعلم إلا أنه في العقل من صالحينا " وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد : " ما نعلم به بأسا " ويجمع بين هذه الروايات بأنه سأله أولا ثم سأل عنه احتياطا .
وفيه دليل على أنه يجب على الإمام الاستفصال والبحث عن حقيقة الحال ولا يعارض هذا عدم استفصاله صلى الله عليه وسلم في قصة العسيف المتقدمة لأن عدم ذكر الاستفصال فيها لا يدل على العدم لاحتمال أن يقتصر الراوي على نقل بعض الواقع . قوله : ( فهل أحصنت ) بفتح الهمزة أي تزوجت . وقد روي في هذه القصة زيادات في الاستفصال ، منها في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وأبي داود بلفظ { nindex.php?page=hadith&LINKID=32367لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت } والمعنى أنك تجوزت بإطلاق لفظ الزنا على مقدماته وفي رواية لهم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا { nindex.php?page=hadith&LINKID=1410أفنكتها ؟ قال : نعم } وسيأتي ذلك في باب استفسار المقر .
قوله : ( اذهبوا به فارجموه ) فيه دليل على أنه لا يجب أن يكون الإمام أول من يرجم وسيأتي الكلام على ذلك في باب إن السنة بداءة الشاهد بالرجم وبداءة الإمام به .
وفيه أيضا دليل على أنه لا يجب الحفر للمرجوم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بذلك ، وسيأتي بيان ذلك في باب ما جاء في الحفر للمرجوم . قوله : ( فلما أذلقته الحجارة ) بالذال المعجمة والقاف أي بلغت منه الجهد . قوله : ( أعضل ) بالعين المهملة والضاد المعجمة أي ضخم عضلة الساق . قوله : ( إنه قد زنى الآخر ) هو مقصور بوزن الكبد أي الأبعد
قوله : ( فأقر عند النبي صلى الله عليه وسلم أربع مرات ) [ ص: 116 ] قد تطابقت الروايات التي ذكرها المصنف في هذا الباب على أن ماعزا أقر أربع مرات . ووقع في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بلفظ : " فاعترف ثلاث مرات " . ووقع عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك قال : " فرده مرتين " وفي أخرى " مرتين أو ثلاثا " قال nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة : فذكرته nindex.php?page=showalam&ids=15992لسعيد بن جبير ، فقال : إنه رده أربع مرات . وقد جمع بين الروايات بحمل رواية المرتين على أنه اعترف مرتين في يوم ومرتين في يوم آخر
ويدل على ذلك ما أخرجه أبو داود عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=17541جاء ماعز إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا مرتين فطرده ثم جاء فاعترف بالزنا مرتين } كما في الرواية المذكورة في الباب ، فلعله اقتصر الراوي على ما وقع منه في أحد اليومين ، وأما رواية الثلاث فلعله اقتصر الراوي فيها على المرات التي رده فيها فإنه لم يرده في الرابعة بل استثبت وسأله عن عقله ثم أمر برجمه . قوله : ( لو رجعا بعد اعترافهما ) أي رجعا إلى رحالهما ويحتمل أنه أراد الرجوع عن الإقرار ولكن الظاهر الأول لقوله " أو قال لو لم يرجعا " فإن المراد به : لم يرجعا إليه صلى الله عليه وسلم ، فيكون معنى الحديث : لو رجعا إلى رحالهما ولم يرجعا إليه صلى الله عليه وسلم بعد كمال الإقرار لم يرجمهما . وقد استدل بأحاديث الباب القائلون بأنه يشترط في الإقرار بالزنا أن يكون أربع مرات ، فإن نقص عنها لم يثبت الحد وهم العترة nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=16330وابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح هكذا في البحر ، وفيه أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وحماد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور nindex.php?page=showalam&ids=16542والبتي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي أنه يكفي وقوع الإقرار مرة واحدة
وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=15858داود . وأجابوا عن أحاديث الباب بما سلف من الاضطراب ويرد عليهم بما تقدم . واستدلوا بحديث العسيف المتقدم فإن فيه أنه صلى الله عليه وسلم قال لأنيس : " واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها " وبما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم والترمذي وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت { أنه صلى الله عليه وسلم رجم امرأة من جهينة ولم تقر إلا مرة واحدة } . وسيأتي الحديث في باب تأخير الرجم عن الحبلى
ومن ذلك حديث اليهوديين فإنه لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم كرر عليهما الإقرار . قالوا : ولو كان تربيع الإقرار شرطا لما تركه النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الواقعات التي يترتب عليها سفك الدماء وهتك الحرم . وأجاب الأولون عن هذه الأدلة بأنها مطلقة قيدتها الأحاديث التي فيها أنه وقع الإقرار أربع مرات ، ورد بأن الإطلاق والتقييد من عوارض الألفاظ ، وجميع الأحاديث التي ذكر فيها تربيع الإقرار أفعال ولا ظاهر لها ، وغاية ما فيها جواز تأخير إقامة الحد بعد وقوع الإقرار مرة إلى أن ينتهي إلى أربع ، ثم لا يجوز التأخير بعد ذلك ، وظاهر السياقات مشعر بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما فعل ذلك في قصة ماعز لقصد التثبت كما يشعر ذلك قوله له : " أبك جنون ؟ " ثم سؤاله بعد ذلك لقومه ، فتحمل الأحاديث التي فيها التراخي عن إقامة الحد بعد صدور الإقرار مرة على من كان أمره ملتبسا في ثبوت العقل واختلاله والصحو والسكر ونحو ذلك . وأحاديث إقامة الحد بعد الإقرار مرة واحدة على من كان معروفا بصحة العقل وسلامة إقراره عن المبطلات
وأما ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة من أن الصحابة كانوا يتحدثون أنه لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يرجمه فليس ذلك مما تقوم به الحجة لأن الصحابي لا يكون فهمه حجة إذا عارض الدليل الصحيح . ومما يؤيد ما ذكرناه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قالت له الغامدية : أتريد أن ترددني كما رددت ماعزا ؟ لم ينكر ذلك عليها كما سيأتي في باب تأخير الرجم عن الحبلى ، ولو كان تربيع الإقرار شرطا لقال لها : إنما رددته لكونه لم يقر أربعا ، وهذه الواقعة من أعظم الأدلة الدالة على أن تربيع الإقرار ليس بشرط للتصريح فيها بأنها متأخرة عن قضية ماعز . وقد اكتفى فيها بدون أربع مرات كما سيأتي وأما قوله صلى الله عليه وسلم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المذكور في الباب { nindex.php?page=hadith&LINKID=20620شهدت على نفسك أربع شهادات } فليس في هذا ما يدل على الشرطية أصلا ، وغاية ما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بأنه قد استحق الرجم لذلك وليس فيه ما ينفي الاستحقاق دونه فيما دونه ولا سيما وقد وقع منه الرجم بدون حصول التربيع كما سلف
وأما الاستدلال بالقياس على شهادة الزنا فإنه لما اعتبر فيه أربعة شهود اعتبر في إقراره أن يكون أربع مرات ففي غاية الفساد لأنه يلزم من ذلك أن يعتبر في الإقرار بالأموال والحقوق أن يكون مرتين لأن الشهادة في ذلك لا بد أن تكون من رجلين ، ولا يكفي فيها الرجل الواحد ، واللازم باطل بإجماع المسلمين فالملزوم مثله . وإذ قد تقرر لك عدم اشتراط الأربع عرفت عدم اشتراط ما ذهبت إليه الحنفية والقاسمية من أن الأربع لا تكفي أن تكون في مجلس واحد بل لا بد أن تكون في أربعة [ ص: 118 ] مجالس ; لأن تعدد الأمكنة فرع تعدد الإقرار الواقع فيها ، وإذا لم يشترط في الأصل تبعه الفرع في ذلك . وأيضا لو فرضنا اشتراط كون الإقرار أربعا لم يستلزم كون مواضعه متعددة ؟ أما عقلا فظاهر لأن الإقرار أربع مرات وأكثر منها في موضع واحد من غير انتقال مما لا يخالف في إمكانه عاقل
وأما شرعا فليس في الشرع ما يدل على أن الإقرار الواقع بين يديه صلى الله عليه وسلم وقع من رجل في أربعة مواضع ، فضلا عن وجود ما يدل على أن ذلك شرط ، وأكثر الألفاظ في حديث ماعز بلفظ " أنه أقر أربع مرات ، أو شهد على نفسه أربع شهادات " وأما الرد الواقع بعد كل مرة كما في حديث أبي بكر المذكور فليس في ذلك أنه رد المقر من ذلك الموضع إلى موضع آخر ، ولو سلم فليس الغرض في ذلك الرد هو تعدد المجالس ، بل الاستثبات كما يدل على ذلك ما وقع منه صلى الله عليه وسلم من الألفاظ الدالة على أن ذلك الرد لأجله ، ومما يؤيد ذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المذكور في الباب فإن فيه " أنه جاء اليوم الأول فأقر مرتين فطرده ثم جاء اليوم الثاني فأقر مرتين فأمر برجمه " وهكذا يجاب عن الاستدلال بما روى نعيم بن هزال { nindex.php?page=hadith&LINKID=7184أنه صلى الله عليه وسلم أعرض عن ماعز في المرة الأولى والثانية والثالثة } كما أخرجه أبو داود ، وأخرجه أيضا أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة
والإعراض لا يستلزم أن تكون المواضع التي أقر فيها المقر أربعة بلا شك ولا ريب ولو سلم أنه يستلزم ذلك بقرينة ما روي أنه جاءه من جهة وجهه أولا ثم من عن يمينه ثم من عن شماله ثم من ورائه ، وسيأتي قريبا أنه كان يقر كل مرة في جهة غير الجهة الأولى ، فهذا ليس فيه أيضا أن الإعراض لقصد تعدد الإقرار أو تعدد مجالسه بل لقصد الاستثبات كما سلف لما سلف .