تمام الحديث : " فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل ، وكان خبيب هو الذي قتل يوم بدر الحارث فمكث عندهم أسيرا حتى أجمعوا على قتله ، فاستعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحد بها فأعارته ، قالت : فغفلت عن صبي لي فدرج إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه فلما رأيته فزعت فزعة حتى عرف ذلك مني وفي يده الموسى ، فقال : أتخشين أن أقتله ما كنت لأفعل إن شاء الله تعالى ، وكانت تقول : ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب ، لقد رأيته يأكل من قطف عنب وما بمكة يومئذ ثمرة وإنه لموثق بالحديد ، وما كان إلا رزقا رزقه الله خبيبا ، فخرجوا به من الحرم ليقتلوه فقال : دعوني أصل ركعتين ثم انصرف إليهم فقال : لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت فكان أول من سن الركعتين عند القتل ، وقال : اللهم أحصهم عددا ، وقال :
ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي شق كان في الله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
[ ص: 300 ] ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله ، وبعث قريش إلى nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم ليأتوا بشيء من جسده بعد موته وكان قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر ، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يقدروا منه على شيء ، هكذا في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وسنن أبي داود .
قوله : ( لبني لحيان ) هم قبيلة معروفة اسم أبيهم لحيان بكسر اللام وقيل بفتحها وسكون المهملة ، وهو ابن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر . قوله : ( فنفروا لهم ) أي أمروا جماعة منهم أن ينفروا إلى الرهط المذكورين . قوله : ( فدفد ) بفاءين ودالين مهملتين : الموضع الغليظ المرتفع . قال في مختصر النهاية : هو المكان المرتفع .
قوله : ( خبيب ) بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة وسكون التحتية وآخره موحدة أيضا وهو ابن عدي من الأنصار . قوله : ( دثنة ) بفتح الدال المهملة وكسر المثلثة بعدها نون واسمه زيد . قوله : ( ورجل آخر ) هو عبد الله بن طارق ، وعالجوه : أي مارسوه والمراد أنهم خادعوه ليتبعهم فأبى . والاستحداد : حلق العانة . والقطف : العنقود ، وهو اسم لكل ما تقطفه . والشلو : العضو من الإنسان . والممزع بتشديد الزاي بعدها مهملة المفرق ، والظلة الشيء المظل من فوق . والدبر بتشديد الدال وسكون الباء وبعدها راء مهملة جماعة النحل . وقد استدل nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه الله تعالىبهذا الحديث على أنه يجوز لمن لم يقدر على المدافعة ولا أمكنه الهرب أن يستأسر ، وهكذا ترجم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على هذا الحديث : " باب هل يستأسر الرجل ومن لم يستأسر " أي هل يسلم نفسه للأسر أم لا ؟ .
ووجه الاستدلال بذلك أنه لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر ما وقع من الثلاثة المذكورين من الدخول تحت أسر الكفار ، ولا أنكر ما وقع من السبعة المقتولين من الإصرار على الامتناع من الأسر ، ولو كان ما وقع من إحدى الطائفتين غير جائز لأخبر صلى الله عليه وسلم أصحابه بعدم جوازه وأنكره ، فدل ترك الإنكار على أنه يجوز لمن لا طاقة له بعدوه أن يمتنع من الأسر وأن يستأسر