قوله : ( إذا جلس ) الضمير المستتر فيه ، وفي قوله : ثم جهدها للرجل ، والضمير البارز في قوله : شعبها وجهدها للمرأة .
قوله : ( شعبها ) الشعب جمع شعبة وهي القطعة من الشيء ، قيل : المراد هنا يداها ورجلاها ، وقيل : رجلاها وفخذاها . وقيل : ساقاها وفخذاها ، وقيل : فخذاها وأسكتاها . وقيل : فخذاها وشفراها ، وقيل : نواحي فرجها الأربع ، قاله في الفتح : قال الأزهري : والأسكتان : ناحيتا الفرج ، والشفران : طرفا الناحيتين .
قوله : ( ثم جهدها ) بفتح الجيم والهاء يقال : جهد وأجهد أي بلغ المشقة ، قيل : معناه كدها بحركته ، أو بلغ جهده في العمل بها ، والمراد به هنا معالجة الإيلاج ، كنى به عنها . والحديث يدل على أن إيجاب الغسل لا يتوقف على الإنزال ، بل يجب بمجرد الإيلاج أو ملاقاة الختان الختان كما سيأتي ، وقد ذهب إلى ذلك الخلفاء الأربعة والعترة والفقهاء وجمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن بعضهم أنه قال : انعقد إجماع الصحابة على إيجاب الغسل من التقاء الختانين ، قال : وليس ذلك عندنا كذلك ، ولكنا نقول : إن الاختلاف في هذا ضعيف ، وإن الجمهور الذين هم الحجة على من خالفهم من السلف والخلف ، انعقد إجماعهم على إيجاب الغسل من التقاء الختانين أو مجاوزة الختان الختان انتهى .
وجعلوا أحاديث الباب ناسخة لحديث " الماء من الماء " وخالف في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري وزيد بن خالد nindex.php?page=showalam&ids=37وابن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ nindex.php?page=showalam&ids=46ورافع بن خديج .
وروي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ومن غير الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز والظاهرية ، وقالوا : لا يجب الغسل إلا إذا وقع الإنزال ، وتمسكوا بحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=15096الماء من الماء } المتفق عليه ، ويمكن تأييد ذلك بحمل الجهد المذكور في الحديث على الإنزال ، ولكنه لا يتم بعد التصريح بقوله : " وإن لم ينزل " في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وأصرح من ذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الآتي بعد هذا ، [ ص: 277 ] لتصريحه بأن مجرد مس الختان للختان موجب للغسل ، ولكنها لا تتم دعوى النسخ التي جزم بها الأولون إلا بعد تسليم تأخر حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وغيرهما ، وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف حديث أبي بن كعب ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج للاستدلال بهما على النسخ ، وهما صريحان في ذلك ، وسنذكرهما .
وقد ذكر الحازمي في الناسخ والمنسوخ آثارا تدل على النسخ ، ولو فرض عدم التأخر لم ينتهض حديث " الماء من الماء " لمعارضة حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ; لأنه مفهوم ، وهما منطوقان ، والمنطوق أرجح من المفهوم . قال النووي : وقد أجمع على وجوب الغسل متى غابت الحشفة في الفرج ، وإنما كان الخلاف فيه لبعض الصحابة ومن بعدهم ، ثم انعقد الإجماع على ما ذكرنا ، وهكذا قال ابن العربي وصرح أنه لم يخالف في ذلك إلا nindex.php?page=showalam&ids=15858داود .
قوله : ( فقد وجب عليه الغسل ) هو بضم الغين المعجمة اسم للاغتسال ، وحقيقته إفاضة الماء على الأعضاء ، وزادت الهادوية مع الدلك ، ولم نجد في كتب اللغة ما يشعر بأن الدلك داخل في مسمى الغسل ، فالواجب ما صدق عليه اسم الغسل المأمور به لغة ، اللهم إلا أن يقال : حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=16400بلوا الشعر وأنقوا البشر } - على فرض صحته - مشعر بوجوب الدلك ; لأن الإنقاء لا يحصل بمجرد الإفاضة . لا يقال : إذا لم يجب الدلك لم يبق فرق بين الغسل والمسح ; لأنا نقول : المسح الإمرار على الشيء باليد يصيب ما أصاب ويخطئ ما أخطأ فلا يجب فيه الاستيعاب بخلاف الغسل ، فإنه يجب فيه الاستيعاب .
289 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=10407إذا قعد بين شعبها الأربع ، ثم مس الختان الختان فقد وجب الغسل } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم والترمذي وصححه ولفظه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9839إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل } ) . ولها حديث آخر بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9659إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ، فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم واغتسلنا } وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان وابن القطان ، وأعله nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بأن الأوزاعي أخطأ فيه . ورواه غيره عن nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم مرسلا ، واستدل على ذلك بأن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبا الزناد قال : سألت nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد سمعت في هذا الباب شيئا ؟ قال : لا . وابنه عبد الرحمن قال عن أبيه . وأجاب من صححه بأنه يحتمل أن يكون القاسم كان نسيه ، ثم ذكر أو حدث به ابنه عبد الرحمن ثم نسي . قال الحافظ : ولا يخلو الجواب عن نظر . قال النووي : هذا الحديث أصله صحيح ، ولكن فيه تغيير ، وتبع في ذلك ابن الصلاح .
قوله : ( بين شعبها ) قد تقدم تفسير الشعب .
قوله : ( الختان ) [ ص: 278 ] المراد به هنا موضع الختن ، والختن في المرأة قطع جلدة في أعلى الفرج مجاورة لمخرج البول ، كعرف الديك ويسمى : الخفاض .
قوله : ( جاوز ) ورد بلفظ المجاوزة ، وبلفظ الملاقاة ، وبلفظ الملامسة ، وبلفظ الإلزاق ، والمراد بالملاقاة : المحاذاة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبو بكر : إذا غابت الحشفة في الفرج فقد وقعت الملاقاة .
قال ابن سيد الناس : وهكذا معنى مس الختان الختان أي قاربه وداناه ، ومعنى إلزاق الختان بالختان إلصاقه به ، ومعنى المجاوزة ظاهر . قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي حاكيا عن ابن العربي : وليس المراد حقيقة اللمس ولا حقيقة الملاقاة ، وإنما هو من باب المجاز والكناية عن الشيء بما بينه وبينه ملامسة أو مقاربة ، وهو ظاهر وذلك أن ختان المرأة في أعلى الفرج ، ولا يمسه الذكر في الجماع . وقد أجمع العلماء كما أشار إليه على أنه لو وضع ذكره على ختانها . ولم يولجه لم يجب الغسل على واحد منهما فلا بد من قدر زائد على الملاقاة ، وهو ما وقع مصرحا به في حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9660إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل } أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، والتصريح بلفظ الوجوب في هذا الحديث والذي قبله مشعر بأن ذلك على وجه الحتم ، ولا خلاف فيه بين القائلين بأن مجرد ملاقاة الختان الختان سبب للغسل .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه الله: وهو يفيد الوجوب وإن كان هناك حائل انتهى . وذلك ; لأن الملاقاة والمجاوزة لا يتوقف صدقهما على عدمه .
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن الزهري قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد . وفي رواية أبي داود عن ابن شهاب حدثني بعض من أرضى أن nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد أخبره أن أبي بن كعب أخبره ، وجزم موسى بن هارون nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني بأن الزهري لم يسمعه من سهل . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة : هذا الرجل الذي لم يسمه الزهري هو nindex.php?page=showalam&ids=11973أبو حازم ، ثم ساقه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11973أبي حازم عن nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد عن أبي قال : ( إن الفتيا ) . وساقه بلفظ : الكتاب إلا أنه قال : ( في بدء الإسلام ) . وقد ساقه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة أيضا عن الزهري ، قال : أخبرني سهل ، قال الحافظ : وهذا يدفع قول من جزم بأنه لم يسمعه منه ، لكن قال nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة : أهاب أن [ ص: 279 ] تكون هذه اللفظة غلطا من nindex.php?page=showalam&ids=16769محمد بن جعفر الراوي له عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن الزهري . قال الحافظ : وأحاديث أهل البصرة عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر يقع الوهم فيها ، لكن في كتاب ابن شاهين من طريق يعلى بن منصور عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس عن الزهري حدثني سهل ، وكذا أخرجه بقي بن مخلد في مسنده عن أبي كريب عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : يحتمل أن يكون الزهري سمعه من رجل عن سهل ، ثم لقي سهلا فحدث ، أو سمعه من سهل ثم ثبته فيه nindex.php?page=showalam&ids=11973أبو حازم ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن سيف بن وهب عن أبي حرب بن أبي الأسود عن عميرة بن يثربي عن أبي بن كعب نحوه .
والحديث يدل على ما قاله الجمهور من النسخ ، وقد سبق الكلام عليه .
وفيه أيضا مجهول ; لأنه قال : عن بعض ولد nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج فلينظر ، فالظاهر ضعف الحديث لا حسنه ،
وهو من أدلة مذهب الجمهور . وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير nindex.php?page=showalam&ids=55وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=50وأبي أيوب nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وغيرهم .