قوله : ( سلما ) بفتح السين المهملة واللام عن بعضهم ، وعن الأكثرين بسكون اللام ، يعني مع كسر السين ، والأول أصوب ، والسلم : الأسير لأنه أسلم والسلم : الصلح كذا في المشارق ( قوله لو كان المطعم . . . إلخ ) إنما قال صلى الله عليه وسلم كذلك لأنها كانت للمطعم عنده يد ، وهي أنه دخل صلى الله عليه وسلم في جواره لما رجع من الطائف فأراد أن يكافئه بها ، والمطعم المذكور هو والد جبير الراوي لهذا الحديث ، ( والنتنى ) جمع نتن بالنون والتاء المثناة من فوق المراد بهم أسارى بدر ، وصفهم بالنتن لما هم عليه من الشرك كما وصفوا بالنجس . قوله : ( لتركتهم له ) يعني بغير فداء ، وبين السبب في ذلك ابن شاهين بنحو ما قدمنا . [ ص: 355 ] وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق القصة في ذلك مبسوطة ، وكذلك الفاكهي بإسناد حسن مرسل ، وفيه أن المطعم أمر أولاده الأربعة فلبسوا السلاح وقام كل واحد منهم عند ركن من الكعبة فبلغ ذلك قريشا ، فقالوا له : أنت الرجل لا تخفر ذمتك .
وقيل إن اليد التي كانت له أنه كان من أشد من سعى في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش في قطيعة بني هاشم ومن معهم من المسلمين حين حصروهم في الشعب ( قوله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا . . . إلخ ) زعمسيف في كتاب الردة له أن الذي أخذ ثمامة وأسره هو nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب ، قال في الفتح : وفيه نظر لأن nindex.php?page=showalam&ids=18العباس إنما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمان فتح مكة ، وقصة ثمامة تقتضي أنها كانت قبل ذلك بحيث اعتمر ثمامة ثم رجع إلى بلاده ثم منعهم أن يميروا أهل مكة ثم شكا أهل مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ثم بعث يشفع فيهم عند ثمامة ( قوله من بني حنيفة ) هو ابن لجيم بجيم ابن صهيب بن علي بن بكر بن وائل : وهي قبيلة كبيرة مشهورة ينزلون اليمامة بين مكة واليمن .
( قوله ثمامة ) بضم المثلثة وأثال بضم الهمزة وبمثلثة خفيفة : وهو ابن النعمان بن مسيلة الحنفي وهو من فضلاء الصحابة ( قوله ماذا عندك ) أي أي شيء عندك ، ويحتمل أن تكون ما استفهامية وذا موصولة وعندك صلة : أي ما الذي استقر في ظنك أن أفعله بك ؟ فأجاب بأنه ظن خيرا ، فقال : عندي يا محمد خير : أي لأنك لست ممن يظلم بل ممن يعفو ويحسن ( قوله : تقتل ذا دم ) بمهملة وتخفيف الميم للأكثر ، وللكشميهني " ذم " بمعجمة بعدها ميم مشددة .
قال النووي : معنى رواية الأكثر إن تقتل تقتل ذا دم بمهملة : أي صاحب دم لدمه موقع يستشفي قاتله بقتله ويدرك ثأره لرياسته وعظمته ، ويحتمل أن يكون المعنى : عليه دم وهو مطلوب به فلا لوم عليك في قتله ، وأما الرواية بالمعجمة فمعناها ذا ذمة ، وثبت ذلك في رواية أبي داود وضعفها عياض بأنه ينقلب المعنى لأنه إذا كان ذا ذمة يمتنع قتله .
وقال النووي : يمكن تصحيحها بأن يحمل على الوجه الأول ، والمراد بالذمة : الحرمة في قومه . وأوجه الجميع الثاني لأنه مشاكل لقوله بعد ذلك " وإن تنعم تنعم على شاكر " وجميع ذلك تفصيل لقوله " عندي خير " وفعل الشرط إذا كرر في الجزاء دل على فخامة الأمر ، قوله : ( قال عندي ما قلت لك : إن تنعم . . . إلخ ) قدم في اليوم الأول القتل ، وفي اليومين الآخرين الإنعام ، وفي ذلك نكتة ، وهي أنه قدم أول يوم أشق الأمرين عليه وأشفاهما لصدر خصومه وهو القتل ، فلما لم يقع قدم الإنعام استعطافا ، وكأنه رأى في اليوم الأول أمارات الغضب دون اليومين الآخرين قوله : ( أطلقوا ثمامة ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق " قال : قد عفوت عنك يا ثمامة وأعتقتك " وزاد أيضا أنه لما كان في الأسر جمعوا ما كان في أهل النبي صلى الله عليه وسلم من طعام ولبن ، فلم يقع ذلك من ثمامة موقعه ، فلما أسلم جاءوا بالطعام فلم يصب منه إلا قليلا [ ص: 356 ] فتعجبوا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11178إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء ، وإن المسلم يأكل في معى واحد } .
قوله : ( فبشره ) أي بخير الدنيا والآخرة ، أو بشره بالجنة ، أو بمحو ذنوبه وتبعاته السابقة . قوله : ( صبوت ) هذا اللفظ كانوا يطلقونه على من أسلم ، وأصله يقال لمن دخل في دين الصابئة وهم فرقة معروفة . قوله : ( لا ، ولكن أسلمت . . . إلخ ) كأنه قال : لا ، ما خرجت من الدين لأن عبادة الأوثان ليست دينا ، فإذا تركتها أكون قد خرجت من دين ، بل استحدثت دين الإسلام . وقوله " مع محمد " أي وافقته على دينه فصرنا متصاحبين في الإسلام .
وفي رواية ابن هشام { ولكني تبعت خير الدين دين محمد } . قوله : ( لا والله ) فيه حذف تقديره : والله لا أرجع إلى دينكم ولا أرفق بكم فأترك الميرة تأتيكم من اليمامة .
حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الثاني أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وسكت عنه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=16383والمنذري والحافظ في التلخيص ورجاله ثقات إلا أبا العنبس وهو مقبول .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم ، وفي إسناده nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم مطولا كما سيأتي ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان مختصرا .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الثالث في إسناده nindex.php?page=showalam&ids=16627علي بن عاصم وهو كثير الغلط والخطإ ، وقد وثقه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
وفي الباب عن أمير المؤمنين nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه [ ص: 358 ] عند الترمذي { nindex.php?page=hadith&LINKID=5875أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن جبريل هبط فقال له : خيرهم ، يعني أصحابك في أسارى بدر القتل أو الفداء على أن يقتل منهم قابل مثلهم ، قالوا : الفداء ويقتل منا } . قال الترمذي : وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=88وأبي برزة الأسلمي nindex.php?page=showalam&ids=67وجبير بن مطعم قال : هذا ، يعني حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، حديث حسن غريب من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زائدة . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة عن هشام عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن عبيدة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه . وروى ابن عون عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن عبيدة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه مرسلا .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } إن ذلك كان يوم بدر والمسلمون في قلة ، فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله تعالى : { فإما منا بعد وإما فداء } فجعل النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين بالخيار فيهم ، إن شاءوا قتلوهم ، وإن شاءوا استعبدوهم ، وإن شاءوا فادوهم ، وفي إسناده علي بن أبي طلحة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وهو لم يسمع منه لكنه إنما أخذ التفسير عن ثقات أصحابه nindex.php?page=showalam&ids=16879كمجاهد وغيره ، وقد اعتمده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وأبو حاتم وغيرهما في التفسير .
وأخرج أبو داود عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من وجه آخر قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33335لما كان يوم بدر فأخذ ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم الفداء أنزل الله تعالى : { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } إلى قوله : { عذاب عظيم } ثم أحل لهم الغنائم } قوله : ( لما أسروا الأسارى ) قد ساق nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق في المغازي تفصيل أمر فداء الأسارى فذكر ما يشفي ويكفي قوله : ( قاعدين يبكيان ) إنما وقع البكاء منه صلى الله عليه وسلم ومن أبي بكر ، لما أنزل الله من المعاتبة ، ولما وقع من عرض العذاب على الذين أخذوا الفداء كما في الحديث المذكور قوله : ( من بني عقيل ) بضم العين المهملة كذا في المشارق ( قوله بذحل ) بفتح الذال المعجمة وسكون الحاء المهملة .
قال في مختصر النهاية : الذحل : الوتر وطلب المكافأة بجناية جنيت عليه . وقال في القاموس : الذحل : الثأر ، أو طلب مكافأة بجناية جنيت عليك أو عداوة أتت إليك أو العداوة والحقد ، الجمع أذحال وذحول . وقد استدل nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف بالأحاديث التي ذكرها على ما ترجم الباب به من المن والفداء في حق الأسارى ، ومذهب الجمهور أن الأمر في الأسارى الكفرة من الرجال إلى الإمام يفعل ما هو الأحظى للإسلام والمسلمين . وقال الزهري nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد وطائفة : لا يجوز أخذ الفداء من أسرى الكفار أصلا ، وعن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء [ ص: 359 ] لا تقتل الأسرى ، بل يتخير بين المن والفداء .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك لا يجوز المن بغير فداء . وعن الحنفية لا يجوز المن أصلا لا بفداء ولا بغيره . قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : وظاهر الآية ، يعني قوله تعالى: { فإما منا بعد وإما فداء } حجة للجمهور ، وكذا حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في قصة ثمامة المذكورة في أول الباب . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14330أبو بكر الرازي : احتج أصحابنا لكراهة فداء المشركين بالمال بقوله تعالى : { لولا كتاب من الله سبق } الآية ، ولا حجة لهم في ذلك لأنه كان قبل حل الغنيمة كما قدمنا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والحاصل أن القرآن والسنة قاضيان بما ذهب إليه الجمهور فإنه قد وقع منه صلى الله عليه وسلم المن وأخذ الفداء كما في أحاديث الباب ، ووقع منه القتل فإنه قتل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط وغيرهما ، ووقع منه فداء رجلين من المسلمين برجل من المشركين كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين .
قال الترمذي بعد أن ساق حديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين المذكور : والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن للإمام أن يمن على من شاء من الأسارى ويقتل من شاء منهم ويفدي من شاء ، واختار بعض أهل العلم القتل على الفداء . قال : قال الأوزاعي : بلغني أن هذه الآية منسوخة ، يعني قوله : { فإما منا بعد وإما فداء } نسخها قوله : { واقتلوهم حيث ثقفتموهم } حدثنا بذلك nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن الأوزاعي قال nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحاق بن منصور : قلت nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد إذا أسر الأسير يقتل أو يفادى أحب إليك ، قال : إن قدر أن يفادى فليس به بأس وإن قتل فما أعلم به بأسا . قال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن إبراهيم : الإثخان أحب إلي إلا أن يكون معروفا طمع به الكثير انتهى . وقد ذهب إلى جواز فك الأسير من الكفار بالأسير من المسلمين جمهور أهل العلم لحديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين المذكور .