وفيه من الفقه جواز الحكم في المسجد ، وأن من قيل : له : بع ، أو : هب ، أو : أبر ، فقال : قد فعلت ، صح ذلك منه ، وأن الإيماء المفهوم يقوم مقام النطق ) .
قوله : ( سجف حجرته ) بكسر السين المهملة وفتحها وسكون الجيم وهو الستر ، وقيل الرقيق منه يكون في مقدم البيت ، ولا يسمى سجفا إلا أن يكون مشقوق الوسط كالمصراعين ، والحجرة ما يجعل عليه الرجل حاجزا في بيته قوله : ( ضع من دينك هذا وأومأ إليه ) فيه دليل على أن الإشارة المفهمة بمنزلة الكلام لأنها تدل كما تدل عليه الحروف والأصوات فيصح بيع الأخرس وشراؤه وإجارته وسائر عقوده إذا فهم ذلك عنه قوله : ( أي الشطر ) هو النصف على المشهور
ووقع في حديث الإسراء ما يدل على أن الشطر يطلق على الجزء ، والمراد بهذا الأمر الواقع منه صلى الله عليه وسلم الإرشاد إلى الصلح والشفاعة في ترك بعض الدين ، وفيه فضيلة الصلح وحسن التوسط بين المتخاصمين قوله : ( قد فعلت . . . إلخ ) يحتمل أن يكون في نزاعهما في مقدار الدين كأن يدعي صاحب الدين مقدارا زائدا على ما يقر به المديون ، فأمره صلى الله عليه وسلم أن يضع الشطر من المقدار الذي ادعاه فيكون الصلح حينئذ عن إنكار ، ويدل الحديث على جوازه ، ويحتمل أن يكون النزاع بينهما في التقاضي باعتبار حلول الأجل وعدمه مع الاتفاق على مقدار أصل الدين فلا يكون في الحديث دليل [ ص: 320 ] على جواز الصلح عن إنكار
وقد ذهب إلى بطلان الصلح عن إنكار nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة والهادوية قوله : ( قم فاقضه ) قيل : هذا أمر على جهة الوجوب لأن رب الدين لما طاوع بوضع الشطر تعين على المديون أن يعجل إليه دينه لئلا يجمع على رب المال بين الوضيعة والمطل