أبواب الحيض باب بناء المعتادة إذا استحيضت على عادتها .
أبواب الحيض قال في الفتح : أصله السيلان ، وفي العرف : جريان دم المرأة . قال في القاموس : حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا ومحاضا فهي حائض وحائضة : سال دمها ، والمحيض اسم مصدر ومنه الحوض ; لأن الماء يسيل إليه . [ ص: 334 ]
وفي رواية للجماعة إلا nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه " فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي " زاد الترمذي في رواية وقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=62911توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت } وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري " ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ، ثم اغتسلي وصلي " ) .
الحديث قد أسلفنا بعض الكلام عليه في باب الغسل من الحيض ، وعرفناك هنالك أن فيه دلالة على أن المرأة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض وتعمل على إقباله وإدباره فإذا انقضى قدره اغتسلت منه ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث فتتوضأ لكل صلاة لا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة كما سيأتي في باب وضوء المستحاضة لكل صلاة ، وقد بينا في باب غسل المستحاضة لكل صلاة عدم انتهاض الأحاديث الواردة بوجوب الغسل عليها لكل صلاة أو للصلاتين ، أو من طهر إلى طهر ، وعرفناك أن الحق أنه لا يجب عليها الاغتسال إلا عند إدبار الحيضة لهذا الحديث وقد ذكرنا الخلاف في ذلك هنالك .
والحاصل أنه لم يأت في شيء من الأحاديث الصحيحة ما يقضي بوجوب الاغتسال عليها لكل صلاة أو لكل يوم أو للصلاتين ، بل لإدبار الحيضة كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة المذكور ، فلا يجب على المرأة غيره ، وقد أوضحنا هذا في باب غسل المستحاضة . وأحكام المستحاضة مستوفاة في كتب الفروع ، والأحاديث الصحيحة منها ما يقضي بأن الواجب عليها الرجوع إلى العمل بصفة الدم كما في حديث فاطمة بنت أبي حبيش الآتي في الباب الذي بعد هذا .
ومنها ما يقضي باعتبار العادة كما في أحاديث الباب ، ويمكن الرجوع بأن المراد بقوله : " أقبلت حيضتك " الحيضة التي تتميز بصفة الدم ، أو يكون المراد بقوله " إذا أقبلت الحيضة " في حق المعتادة ، والتمييز بصفة الدم في حق غيرها ، وينبغي أن يعلم أن معرفة إقبال الحيضة قد يكون بمعرفة العادة ، وقد يكون بمعرفة دم الحيض ، وقد يكون بمجموع الأمرين .
وفي حديث حمنة بنت جحش بلفظ : " فتحيضي ستة أيام أو سبعة [ ص: 335 ] أيام " وهو يدل على أنها ترجع إلى الحالة الغالبة في النساء وهو غير صالح للاحتجاج كما ستعرف ذلك في باب من قال تحيض ستا أو سبعا ، ولو كان صالحا لكان الجمع ممكنا كما سيأتي .
وقد أطال المصنفون في الفقه الكلام في المستحاضة ، واضطربت أقوالهم اضطرابا يبعد فهمه على أذكياء الطلبة فما ظنك بالنساء الموصوفات بالعي في البيان والنقص في الأديان . وبالغوا في التعسير حتى جاءوا بمسألة المتحيرة فتحيروا . والأحاديث الصحيحة قد قضت بعدم وجودها ; لأن حديث الباب ظاهر في معرفتها إقبال الحيضة وإدبارها ، وكذلك الحديث الآتي في الباب الذي بعد هذا ، فإنه صريح في أن دم الحيض يعرف ويتميز عن دم الاستحاضة ، فطاحت مسألة المتحيرة ولله الحمد ، ولم يبق ههنا ما يستصعب إلا وورود بعض الأحاديث الصحيحة بالإحالة على صفة الدم ، وبعضها بالإحالة على العادة ، وقد عرفت إمكان الجمع بينها بما سلف .
قوله : ( قال توضئي لكل صلاة ) سيأتي الكلام عليه في باب وضوء المستحاضة . قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه اللهبعد أن ساق الحديث : وفيه تنبيه على أنها إنما تبنى على عادة متكررة ا هـ .
والحديث استدل به من قال يجب الاغتسال على المستحاضة لكل صلاة ، أو تجمع بين الصلاتين بغسل واحد ، وقد تقدم الكلام على ذلك في الغسل .
371 - ( { nindex.php?page=hadith&LINKID=40903وعن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أنها استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة تهراق الدم ، فقال : لتنظر قدر الليالي والأيام التي كانت تحيضهن وقدرهن من الشهر ، فتدع الصلاة ، ثم لتغتسل ولتستثفر ثم تصلي } رواه الخمسة إلا الترمذي ) . الحديث أيضا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . قال النووي : إسناده على شرطيهما . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : هو حديث مشهور إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار لم يسمعه منها ، وفي رواية لأبي داود عن سليمان أن رجلا أخبره عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16383المنذري : لم يسمعه سليمان ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن سليمان عن مرجانة عنها ، وساقه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=12644وابن الجارود بتمامه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16220صخر بن جويرية عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن سليمان أنه حدثه رجل عنها . قوله : ( تهراق ) على صيغة ما لم يسم فاعله وفتح الهاء .
قوله : ( ولتستثفر ) الاستثفار : إدخال الإزار بين الفخذين ملويا كما في القاموس وغيره . والحديث يدل على أن المستحاضة ترجع إلى عادتها المعروفة قبل الاستحاضة ، ويدل على أن الاغتسال إنما هو مرة واحدة عند إدبار الحيضة ، وقد تقدم الكلام على ذلك . ويدل على استحباب اتخاذ الثفر ليمنع من خروج الدم حال الصلاة . وقد ورد الأمر بالاستثفار في حديث حمنة بنت جحش أيضا كما سيأتي - إن شاء الله - قوله : ( لتستثفر ) بسكون الثاء المثلثة بعدها فاء مكسورة : أي تشد ثوبا على فرجها ، مأخوذ من ثفر الدابة بفتح الفاء وهو الذي يكون تحت ذنبها .