قوله : ( أمرت ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : معلوم أن المراد بقوله : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " أهل الأوثان دون أهل الكتاب ; لأنهم يقولون لا إله إلا الله ويقاتلون ولا يرفع عنهم السيف ، وهذا التخصيص بأهل الأوثان إنما يحتاج إليه في الحديث الذي اقتصر فيه على ذكر الشهادة ، وجعلت لمجردها موجبة للعصمة .
وأما حديث الباب فلا يحتاج إلى ذلك ; لأن العصمة متوقفة على كمال تلك الأمور ، ولا يمكن وجودها جميعا من غير مسلم . والحديث يدل على أن من أخل بواحدة منها فهو حلال الدم والمال إذا لم يتب ، وسيأتي ذكر الخلاف وبيان ما هو الحق في الباب الذي بعد هذا .
وفي الاستتابة وصفتها ومدتها خلاف معروف في الفقه . قوله : ( إلا بحق الإسلام ) المراد ما وجب به في شرائع الإسلام إراقة الدم كالقصاص وزنا المحصن ونحو ذلك ، أو حل به أخذ جزء من المال كأروش الجنايات وقيم المتلفات وما وجب من النفقات وما أشبه ذلك .
قوله : ( وحسابهم على الله ) المراد فيما يستسر به ويخفيه دون ما يعلنه ويبديه . وفيه أن من أظهر الإسلام وأسر الكفر يقبل إسلامه في الظاهر ، وهذا قول أكثر العلماء .
وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إلى أن توبة الزنديق لا تقبل ويحكى ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض معنى هذا وزاد عليه وأوضحه . قال النووي : وقد اختلف أصحابنا في قبول توبة الزنديق وهو الذي ينكر الشرع جملة ، قال : فذكروا فيه خمسة أوجه لأصحابنا ، والأصوب فيها قبولها مطلقا للأحاديث الصحيحة المطلقة ; والثاني : لا تقبل ويتحتم قتله ، لكنه إن صدق في توبته نفعه ذلك في الدار الآخرة فكان من أهل الجنة .
والثالث : إن تاب مرة واحدة قبلت توبته ، فإن تكرر ذلك منه لم تقبل . والرابع : إن أسلم ابتداء من غير طلب قبل منه وإن كان تحت السيف فلا . والخامس : إن كان داعيا إلى الضلال لم يقبل منه وإلا قبل . قال النووي أيضا : ولا بد مع هذا : يعني القيام بالأمور المذكورة في الحديث من الإيمان بجميع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما جاء في الرواية الأخرى التي أشار إليها nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف وهي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=17882حتى يشهدوا [ ص: 358 ] أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها } .
قال النووي : وفي استدلال nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر واعتراض nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنهما دليل على أنهما لم يحفظا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة : يعني من الأحاديث التي فيها ذكر الصلاة والزكاة ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لو سمع ذلك لما خالف ولما كان احتج بالحديث ، فإنه بهذه الزيادة حجة عليه ، ولو سمع أبو بكر هذه الزيادة لاحتج بها ولما احتج بالقياس والعموم ا هـ . وإنما ذكرنا هذا الكلام للتعريف بأن المشهور عند أهل الصحيح والشارحين له خلاف ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في هذه الرواية ، وسيأتي الكلام على مراجعة أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر مبسوطا في كتاب الزكاة . .
قوله : ( بذهيبة ) على التصغير ، وفي رواية " بذهبة " بفتح الذال . قوله : ( بين أربعة ) هم عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وزيد الخير والرابع إما علقمة بن علاثة وإما عامر بن الطفيل كذا في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . قال النووي : قال العلماء : ذكر عامر هنا غلط ظاهر ; لأنه توفي قبل هذا بسنين ، والصواب الجزم بأنه علقمة بن علاثة كما هو مجزوم به في باقي الروايات .
قوله : ( فقال nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وليس بينهما تعارض بل كل واحد منهما استأذن فيه . قوله : ( لعله أن يكون يصلي ) فيه أن الصلاة موجبة لحقن الدم ولكن مع بقية الأمور المذكورة في الأحاديث الأخرى . قوله : ( لم أومر أن أنقب . . . إلخ ) معناه إني أمرت بالحكم بالظاهر والله متولي السرائر كما قال صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=23543فإذا قالوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله } . والحديث استدل به على كفر الخوارج ; لأنهم المرادون بقوله في آخره " قوم يتلون كتاب الله " كما صرح بذلك شراح الحديث وغيرهم . وقد اختلف الناس في ذلك .
قال النووي بعد أن صرح هو nindex.php?page=showalam&ids=14228والخطابي بأن الحديث وأمثاله يدل على كفر الخوارج ، وقد كادت هذه المسألة تكون أشد إشكالا من سائر المسائل ، ولقد رأيت أبا المعالي وقد رغب إليه الفقيه عبد الحق في الكلام عليها ، فاعتذر بأن الغلط فيها يصعب موقعه ; لأن إدخال كافر في الملة وإخراج مسلم منها عظيم في الدين . وقد اضطرب فيها قول nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبي بكر الباقلاني ، وناهيك به في علم الأصول ، وأشار nindex.php?page=showalam&ids=12604ابن الباقلاني إلى أنها من المعوصات ; لأن القوم لم يصرحوا بالتكفير ، وإنما قالوا قولا يؤدي إلى ذلك .
وأنا أكشف لك نكتة الخلاف وسبب الإشكال وذلك أن المعتزلي مثلا إذا قال إن الله تعالى عالم ولكن لا علم له ، وحي ولا حياة له وقع الاشتباه في تكفيره ; لأنا علمنا من دين الأمة ضرورة أن من قال إن الله ليس بحي ولا عالم كان كافرا ، وقامت الحجة على استحالة كون العالم لا علم له ، فهل يقول إن المعتزلي إذا نفى العلم نفى أن يكون الله عالما ، أو يقول قد اعترف بأن الله تعالى عالم فلا يكون نفيه للعلم نفيا للعالم هذا موضع الإشكال . قال : هذا كلام الماوردي ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجماهير أصحابه وجماهير العلماء أن الخوارج لا يكفرون . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية ، وهم طائفة منحخ الرافضة يشهدون لموافقيهم في المذهب [ ص: 360 ] بمجرد قولهم فرد شهادتهم لهذا لا لبدعتهم ، وسيأتي الكلام على الخوارج مبسوطا في كتاب الحدود .
وقد استدل nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف بالحديث على قبول توبة الزنديق فقال : وفيه دليل لمن يقبل توبة الزنديق انتهى .
وقد تقدم الكلام على ذلك ، وما ذكره متوقف على أن مجرد قوله لرسول الله : اتق الله زندقة ، وهو خلاف ما عرف به العلماء الزنديق . وقد ثبت في رواية أخرى في الصحيح أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=39822والله إن هذه قسمة ما عدل فيها وما أريد فيها وجه الله } ، والاستدلال بمثل هذا على ما زعمه nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف أظهر . قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : حكم الشرع أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم كفر وقتل ، ولم يذكر في هذا الحديث أن هذا الرجل قتل .
قال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري : يحتمل أن يكون لم يفهم منه الطعن في النبوة وإنما نسبه إلى ترك العدل في القسمة ، ويحتمل أن يكون استدلال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف ناظرا إلى قوله في الحديث " لعله يصلي " وإلى قوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33011لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس } فإن ذلك يدل على قبول ظاهر التوبة وعصمة من يصلي ، فإذا كان الزنديق قد أظهر التوبة وفعل أفعال الإسلام كان معصوم الدم .