وأما تصوير صورة الشجر وجبال الأرض وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام هذا حكم نقش التصوير . وأما اتخاذ ما فيه صورة حيوان فإن كان معلقا على حائط أو ثوبا أو عمامة [ ص: 120 ] أو نحو ذلك مما لا يعد ممتهنا فهو حرام وإن كان في بساط يداس ومخدة ووسادة ونحوها مما يمتهن فليس بحرام ، ولكن هل يمنع دخول ملائكة الرحمة ذلك البيت وسيأتي .
قال : ولا فرق في ذلك كله بين ما له ظل وما لا ظل له قال هذا تلخيص مذهبنا في المسألة ، وبمعناه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وغيرهم . وقال بعض السلف : إنما ينهى عما كان له ظل ، ولا بأس بالصور التي ليس لها ظل ، وهذا مذهب باطل فإن الستر الذي أنكر النبي صلى الله عليه وسلم الصور فيه لا يشك أحد أنه مذموم وليس لصورته ظل مع باقي الأحاديث المطلقة في كل صورة . وقال الزهري : النهي في الصورة على العموم وكذلك استعمال ما هي فيه ، ودخول البيت الذي هي فيه سواء كانت رقما في ثوب أو غير رقم وسواء كانت في حائط أو ثوب أو بساط ممتهن أو غير ممتهن عملا بظاهر الأحاديث لا سيما حديث النمرقة الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وهذا مذهب قوي وقال آخرون : يجوز منها ما كان رقما في ثوب سواء امتهن أم لا ، وسواء علق في حائط أم لا ، قال : وهو مذهب القاسم بن محمد وأجمعوا على منع ما كان له ظل ووجوب تغييره .
قال القاضي عياض : إلا ما ورد في اللعب بالبنات لصغار البنات والرخصة في ذلك ، لكن كره nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك شراء الرجل ذلك لابنته وادعى بعضهم أن إباحة اللعب بالبنات منسوخ بهذه الأحاديث انتهى .
وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : فقطعته مرفقتين فلقد رأيته متكئا على إحداهما وفيها صورة ) .
قوله : ( فنزعه ) فيه الإرشاد إلى إزالة التصاوير المنقوشة على الستور .
قوله : ( فقطعته وسادتين ) فيه أن الصورة والتمثال إذا غيرا لم يكن بهما بأس بعد ذلك وجاز افتراشهما والارتفاق عليهما . قوله : ( فكان يرتفق ) في القاموس ارتفق : اتكأ على مرفق يده أو على المخدة .
قوله : ( فقطعته مرفقتين ) تثنية مرفقة كمكنسة وهي المخدة . والحديث يدل على جواز افتراش الثياب التي كانت فيها تصاوير وعلى استحباب الارتفاق لما يشعر به لفظ كان من استمراره على ذلك وكثيرا ما يتجنبه الرؤساء تكبرا .
قوله : ( فمر ) بضم الميم أي فقال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم : مر .
قوله : ( يصير كهيئة الشجرة ) لأن الشجرة ونحوه مما لا روح فيه لا يحرم صنعته ولا التكسب به من غير فرق بين الشجرة المثمرة وغيرها . قال ابن رسلان : وهذا مذهب العلماء كافة إلا nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا فإنه جعل الشجرة المثمرة من المكروه لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حاكيا عن الله تعالى : { nindex.php?page=hadith&LINKID=42861ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي } .
قوله : ( وأمر بالستر ) رواية أبي داود " ومر " ، وكذلك قوله " وأمر بالكلب "
قوله : ( منتبذتين ) أي مطروحتين على الأرض ، ولفظ أبي داود " منبوذتين " .
قوله : ( وكان للحسن nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين ) فيه جواز تربية جرو الكلب للولد الصغير ، وقد يستدل به على طهارة الكلب ، وقد تقدم الكلام على ذلك وعلى جواز اتخاذه لغير الاصطياد .
قوله : ( تحت نضد ) بفتح النون والضاد المعجمة فعل بمعنى مفعول : أي تحت متاع البيت المنضود بعضه فوق بعض . وقيل : هو السرير سمي بذلك لأن النضد يوضع عليه : أي يجعل بعضه فوق بعض .
وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق " شجر الجنة نضد من أصلها إلى فرعها " أي ليس لها سوق بارزة ، ولكنها منضودة بالورق والثمار من أسفلها إلى أعلاها . والحديث يدل على أنها لا . تدخل الملائكة البيوت التي فيها تماثيل أو كلب كما ورد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة الأنصاري عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وأبي داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي بلفظ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30140لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تماثيل } زاد أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي مرفوعا " ولا جنب " قيل : أراد الملائكة السياحين غير الحفظة وملائكة الموت . قال في معالم السنن : الملائكة الذين ينزلون بالبركة والرحمة ، وأما الحفظة فلا يفارقون الجنب وغيره .
قال النووي في شرح مسلم : سبب امتناع الملائكة من بيت فيه صورة كونها معصية فاحشة ، وسبب امتناعهم من بيت فيه كلب كثرة أكله النجاسات ، ولأن بعضها يسمى شيطانا كما جاء في الحديث ، والملائكة ضد [ ص: 122 ] الشياطين ، وخص nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ذلك بما كان يحرم اقتناؤه من الكلاب ، وبما لا يجوز تصويره من الصور لا كلب الصيد والماشية ، ولا الصورة التي في البساط والوسادة وغيرهما ، فإن ذلك لا يمنع دخول الملائكة والأظهر أنه عام في كل كلب وفي كل صورة ، وأنهم يمتنعون من الجميع لإطلاق الأحاديث ، ولأن الجرو الذي كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم تحت السرير كان له فيه عذر فإنه لم يعلم به ومع هذا امتنع جبريل من دخول البيت لأجل ذلك الجرو .
وما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36745من صور صورة عذبه الله بها يوم القيامة حتى ينفخ فيها الروح وما هو بنافخ } فهذه الأحاديث قاضية بعدم الفرق [ ص: 123 ] بين المطبوع من الصور والمستقل ، لأن اسم الصورة صادق على الكل إذ هي كما في كتب اللغة : الشكل ، وهو يقال لما كان منها مطبوعا على الثياب شكلا ، نعم حديث nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وأبي داود وغيرهما بلفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30140لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تمثال } وفيه أنه قال : إلا رقما في ثوب فهذا إن صح رفعه كان مخصصا لما رقم في الأثواب من التماثيل . قوله : ( أحيوا ما خلقتم ) هذا من باب التعليق بالمحال والمراد أنهم يعذبون يوم القيامة ويقال لهم : لا تزالون في عذاب حتى تحيوا ما خلقتم وليسوا بفاعلين وهو كناية عن دوام العذاب واستمراره وهذا الذي قدرناه في تفسير الحديث مصرح بمعناه في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المتقدم والأحاديث يفسر بعضها بعضا .