قوله : ( ما يحملك ) إجابة عن الحامل على الفعل بأنه المحبة وحدها . قوله : ( أدخلك الجنة ) التبشير له بالجنة يدل على الرضا بفعله وعبر بالفعل الماضي وإن كان الدخول مستقبلا تنبيها على تحقيق الوقوع كما نص عليه أئمة المعاني ، قال ناصر الدين بن المنير في هذا الحديث : إن المقاصد تغير أحكام الفعل ، لأن الرجل لو قال إن الحامل له على إعادتها أنه لا يحفظ غيرها لأمكن أن يأمره بحفظ غيرها لكنه اعتل بحبها فظهرت صحة قصده فصوبه . قال : وفيه دليل على جواز تخصيص بعض القرآن بميل النفس إليه والاستكثار منه ولا يعد ذلك هجرانا لغيره . والحديث يدل على جواز قراءة سورتين في كل ركعة مع فاتحة الكتاب على ذلك التأويل من غير فرق بين الأوليين والأخريين لأن قوله في كل ركعة يشمل الأخريين
قوله : ( فقلت يصلي بها في ركعة ) قال النووي : معناه ظننت أنه يسلم بها فيقسمها على ركعتين ، وأراد بالركعة الصلاة بكمالها وهي ركعتان ولا بد من هذا التأويل لينتظم الكلام بعده . قوله : ( فمضى ) معناه قرأ معظمها بحيث غلب على ظني أنه لا يركع الركعة الأولى إلا في آخر البقرة ، فحينئذ قلت يركع الركعة الأولى بها فجاوز وافتتح النساء . قوله : ( ثم افتتح آل عمران ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : فيه دليل لمن يقول : إن ترتيب السور اجتهاد من المسلمين حين كتبوا المصحف وأنه لم يكن ذلك من ترتيب النبي صلى الله عليه وسلم بل وكله إلى أمته بعده قال : وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والجمهور ، واختاره nindex.php?page=showalam&ids=12604أبو بكر الباقلاني . قال nindex.php?page=showalam&ids=12604ابن الباقلاني : هو أصح القولين مع احتمالهما ، قال : والذي نقوله إن ترتيب السور ليس بواجب في الكتابة ولا في الصلاة ولا في الدرس ولا في التلقين والتعليم ، وأنه لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك نص ولا يحرم مخالفته ولذلك اختلف ترتيب المصاحف قبل مصحف عثمان قال : وأما من قال من أهل العلم إن ذلك بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 266 ] كما استقر في مصحف عثمان ، وإنما اختلفت المصاحف قبل أن يبلغهم التوقيف فتأويل قراءته صلى الله عليه وسلم النساء ثم آل عمران هنا على أنه كان قبل التوقيف والترتيب
قال : ولا خلاف أنه يجوز للمصلي أن يقرأ في الركعة الثانية سورة قبل التي قرأها في الأولى وإنما يكره ذلك في ركعة ولمن يتلو في غير الصلاة ، قال : وقد أباح بعضهم وتأول نهي السلف عن قراءة القرآن منكوسا على من يقرأ من آخر السورة إلى أولها ولا خلاف أن ترتيب آيات كل سورة بتوقيف من الله على ما بني عليه الآن في المصحف وهكذا نقلته الأمة عن نبيها صلى الله عليه وسلم قوله : ( فقرأها مترسلا إذا مر بآية ) . . . إلخ فيه استحباب الترسل والتسبيح عند المرور بآية فيها تسبيح والسؤال عند قراءة آية فيها سؤال والتعوذ عند تلاوة آية فيها تعوذ ، والظاهر استحباب هذه الأمور لكل قارئ من غير فرق بين المصلي وغيره وبين الإمام والمنفرد والمأموم وإلى ذلك ذهبت الشافعية . قوله : ( ثم ركع فجعل يقول سبحان ربي العظيم ) فيه استحباب تكرير هذا الذكر في الركوع ، وكذلك سبحان ربي الأعلى في السجود ، وإلى ذلك ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة والكوفيون nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد والجمهور . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا يتعين ذلك للاستحباب ، وسيأتي الكلام على ذلك في باب الذكر في الركوع والسجود
قوله : ( ثم قال سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ثم قام قياما طويلا ) فيه رد لما ذهب إليه أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من أن تطويل الاعتدال عن الركوع لا يجوز وتبطل به الصلاة وسيأتي الكلام على ذلك . والحديث أيضا يدل على استحباب تطويل صلاة الليل وجواز الائتمام في النافلة
واختلفوا هل من شرط ذلك الفور أم يصح على التراخي [ ص: 267 ] قبل وفاته صلى الله عليه وسلم قله : ( أم قرأ ذلك عمدا ) تردد الصحابي في أن إعادة النبي صلى الله عليه وسلم للسورة هل كان نسيانا لكون المعتاد من قراءته أن يقرأ في الركعة الثانية غير ما قرأ به في الأولى فلا يكون مشروعا لأمته أو فعله عمدا لبيان الجواز فتكون الإعادة مترددة بين المشروعية وعدمها وإذا دار الأمر بين أن يكون مشروعا أو غير مشروع فحمل فعله صلى الله عليه وسلم على المشروعية أولى لأن الأصل في أفعاله التشريع والنسيان على خلاف الأصل . ونظيره ما ذكره الأصوليون فيما إذا تردد فعله صلى الله عليه وسلم بين أن يكون جبليا أو لبيان الشرع والأكثر على التأسي به
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وجمهور أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إنه لا يقرأ غير الفاتحة . وقال بعض السلف : لا يقرأ شيئا ، وكلاهما خلاف هذه الأحاديث الصحيحة وسيأتي الكلام على ذلك في باب تأكيد ركعتي الفجر . وقد استدل nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه اللهبالحديث على جواز قراءة بعض سورة في الركعة كما فعل في ترجمة الباب .