قوله : ( آراب ) بالمد جمع إرب بكسر أوله وإسكان ثانيه وهو العضو . والحديث يدل على أن أعضاء السجود سبعة وأنه ينبغي للساجد أن يسجد عليها كلها ، وقد اختلف العلماء في وجوب السجود على هذه السبعة الأعضاء فذهبت العترة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أحد قوليه إلى وجوب السجود على جميعها للأوامر التي سيأتي من غير فصل بينها . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أحد قوليه وأكثر الفقهاء : الواجب السجود على الجبهة فقط لقوله صلى الله عليه وسلم " ومكن جبهتك " ووافقهم المؤيد بالله في عدم وجوب السجود على القدمين والحق ما قاله الأولون .
قوله : ( أمر ) قال الحافظ : هو بضم الهمزة في جميع الروايات على البناء لما لم يسم فاعله وهو الله جل جلاله . قال nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي : وعرف ذلك بالعرف وذلك يقتضي الوجوب ونظره الحافظ قال : لأنه ليس فيه صيغة أفعل وهو ساقط لأن لفظ أمر دل على المطلوب من صيغة أفعل كما تقرر في الأصول ولكن الذي يتوجه على القول باقتضائه الوجوب على الأمة أنه لا يتم إلا على القول بأن خطابه صلى الله عليه وسلم خطاب لأمته ، وفيه خلاف معروف ولا شك أن عموم أدلة التأسي تقتضي ذلك ، وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن عمرو بن دينار عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بلفظ ( أمرنا ) هو دال على العموم . قوله : ( سبعة أعظم ) سمي كل واحد عظما وإن اشتمل على عظام باعتبار الجملة ، ويجوز أن يكون من باب تسمية الجملة باسم بعضها كذا قال ابن دقيق العيد
قوله : ( ولا يكف شعرا ولا ثوبا ) جملة معترضة بين المجمل والمبين ، والمراد بالشعر : شعر الرأس . وظاهره أن ترك الكف واجب حال الصلاة لا خارجها ، ورده nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض بأنه خلاف ما عليه الجمهور فإنهم كرهوا ذلك للمصلي سواء فعله في الصلاة أو قبل أن يدخلها . قال الحافظ : واتفقوا على أنه لا يفسد الصلاة لكن حكى nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن الحسن وجوب الإعادة . قيل : والحكمة في ذلك أنه إذا رفع ثوبه وشعره عن مباشرة الأرض أشبه المتكبرين . قوله : ( الجبهة ) احتج به من قال بوجوب السجود على الجبهة دون الأنف وإليه ذهب الجمهور . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : أنه يجزئ السجود على الأنف وحده ، وقد نقل nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر إجماع الصحابة على أنه لا يجزئ السجود على الأنف وحده وذهب الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق وابن حبيب من المالكية وغيرهم إلى أنه يجب أن يجمعهما وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي
واستدل nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة بالرواية الثانية من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المذكور في الباب لأنه ذكر الجبهة وأشار إلى الأنف ، فدل على أنه المراد ، ورده ابن دقيق العيد فقال : إن الإشارة لا تعارض التصريح بالجبهة لأنها قد لا تعين المشار إليه بخلاف العبارة فإنها معينة ، وفيه أن الإشارة الحسية أقوى من الدلالة اللفظية ، وعدم التعيين المدعى ممنوع ، وقد صرح النحاة أن التعيين فيها يقع بالعين والقلب وفي المعرف باللام بالقلب فقط ، ولهذا جعلوها أعرف منه ، بل قال ابن السراج : إنها أعرف المعارف
واستدل القائلون بوجوب الجمع بينهما بالرواية الثالثة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المذكور لأنه جعلهما كعضو واحد ، ولو كان كل واحد منهما عضوا مستقلا للزم أن تكون الأعضاء ثمانية ، وتعقب بأنه يلزم منه أن يكتفي بالسجود على الأنف وحده والجبهة وحدها ، فيكون دليلا nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة لأن كل واحد منهما بعض العضو وهو يكفي كما في غيره من الأعضاء ، وأنت [ ص: 300 ] خبير بأن المشي على الحقيقة هو المتحتم ، والمناقشة بالمجاز بدون موجب للمصير إليه غير ضائرة ، ولا شك أن الجبهة والأنف حقيقة في المجموع ، ولا خلاف أن السجود على مجموع الجبهة والأنف مستحب ، وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من حديث وائل قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=68874رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على الأرض واضعا جبهته وأنفه في سجوده ، } .
وروى إسماعيل بن عبد الله المعروف بسموية في فوائده عن عكرمة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : إذا سجد أحدكم فليضع أنفه على الأرض فإنكم قد أمرتم بذلك . قوله : ( واليدين ) المراد بهما : الكفان بقرينة ما تقدم من النهي عن افتراش السبع والكلب . قوله : ( والرجلين ) وفي الرواية الثانية والثالثة : الركبتين والقدمين ، وهي معينة للمراد من الرجلين في الرواية الأولى . والحديث يدل على وجوب السجود على السبعة الأعضاء جميعا ، وقد تقدم الخلاف في ذلك ، وظاهره أنه لا يجب كشف شيء من هذه الأعضاء ، لأن مسمى السجود يحصل بوضعها دون كشفها . قال ابن دقيق العيد : ولم يختلف في أن كشف الركبتين غير واجب لما يحذر فيه من كشف العورة ، وأما عدم وجوب كشف القدمين فلدليل لطيف ، وهو أن الشارع وقت المسح على الخف بمدة يقع فيها الصلاة بالخف فلو وجب كشف القدمين لوجب نزع الخف المقتضي لنقض الطهارة فتبطل الصلاة ا هـ .
ويمكن أن يخص ذلك بلابس الخف لأجل الرخصة . وأما كشف اليدين والجبهة فسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعد هذا . وقد ذهب الهادي والقاسم nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي إلى أنه لا يجب الكشف عن شيء من السبعة الأعضاء . وذهب الناصر والمرتضى وأبو طالب nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أحد قوليه إلى أنه يجب في الجبهة دون غيرها . وقال المؤيد بالله nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : إنه يجزئ السجود على كور العمامة ، وفي قول nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي أنه يجب كشف اليدين كالجبهة ، وقال المؤيد بالله nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأهل القول الأول : إنه لا يجب كعصابة الحرة وسيأتي الدليل على ذلك .