. قوله : ( ظلمت نفسي ) قال في الفتح : أي بملابسة ما يوجب العقوبة أو ينقص الحظ ، وفيه أن الإنسان لا يعرى عن تقصيره ولو كان صديقا . قوله : ( كثيرا ) وروي بالثاء المثلثة وبالباء الموحدة . قال النووي : ينبغي أن يجمع بينهما فيقول كثيرا كبيرا . قال . الشيخ عز الدين بن جماعة : ينبغي أن يجمع بين الروايتين فيأتي مرة بالمثلثة ومرة بالموحدة ، فإذا أتى بالدعاء مرتين فقد نطق بما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم بيقين ، وإذا أتى بما ذكره النووي لم يكن آتيا بالسنة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينطق به كذلك ا هـ
قوله : ( ولا يغفر الذنوب إلا أنت ) [ ص: 340 ] قال الحافظ : فيه إقرار بالوحدانية واستجلاب للمغفرة وهو كقوله تعالى : { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله } فأثنى على المستغفرين ، وفي ضمن ثنائه بالاستغفار لوح بالأمر به كما قيل إن كل شيء أثنى الله على فاعله فهو آمر به ، وكل شيء ذم فاعله فهو ناه عنه . قوله : ( مغفرة من عندك ) قال الطيبي : ذكر التنكير يدل على أن المطلوب غفران عظيم لا يدرك كنهه ووصفه بكونه من عنده سبحانه وتعالى مريدا بذلك التعظيم ; لأن الذي يكون من عند الله لا يحيط به وصف . وقال ابن دقيق العيد : يحتمل وجهين : أحدهما الإشارة إلى التوحيد المذكور كأنه قال : لا يفعل هذا إلا أنت فافعله أنت
. والثاني وهو أحسن أنه أشار إلى طلب مغفرة متفضل بها لا يقتضيها سبب من العبد من عمل حسن ولا غيره ، وبهذا الثاني جزم ابن الجوزي . قوله : ( إنك أنت الغفور الرحيم ) قال الحافظ : هما صفتان ذكرتا ختما للكلام على جهة المقابلة لما تقدم ، فالغفور مقابل لقوله اغفر لي ، والرحيم مقابل لقوله ارحمني وهي مقابلة مرتبة . والحديث يدل على مشروعية هذا الدعاء في الصلاة ، ولم يصرح بمحله . قال ابن دقيق العيد : ولعل الأولى أن يكون في أحد موطنين : السجود أو التشهد لأنه أمر فيهما بالدعاء ، وقد أشار nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إلى محله فأورده في باب الدعاء قبل السلام . قال في الفتح : في الحديث من الفوائد استحباب طلب التعليم من العالم خصوصا ما في الدعوات المطلوب فيها جوامع الكلم
788 - ( وعن عبيد بن القعقاع قال : رمق رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فجعل يقول في صلاته : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14944اللهم اغفر لي ذنبي ، ووسع لي في داري ، وبارك لي فيما رزقتني } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ) . عبيد بن القعقاع ، ويقال حميد بن القعقاع لا يعرف حاله ، والراوي عنه أبو مسعود الجريري لا يعرف حاله ، وقد اختلف فيه على nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة . قال ابن حجر في المنفعة : وله شاهد من حديث أبي موسى في الدعاء nindex.php?page=showalam&ids=14687للطبراني وأبو مسعود الجريري هو nindex.php?page=showalam&ids=13999سعيد بن إياس ، ثقة أخرج له الجماعة ، فلا وجه لقول من قال : لا يعرف حاله
والحديث فيه مشروعية الدعاء بهذه الكلمات في مطلق الصلاة من غير تقييد بمحل منها مخصوص ، وجهالة الراوي عنه صلى الله عليه وسلم لا تضر ; لأن جهالة الصحابي مغتفرة ، كما ذهب إلى ذلك الجمهور ، ودلت عليه الأدلة ، وقد ذكرت الأدلة على ذلك في الرسالة التي سميتها " القول المقبول في رد رواية المجهول من غير صحابة الرسول " . قوله : ( رمق رجل ) الرمق : اللحظ الخفيف كما في القاموس . [ ص: 341 ]
وأما صاحب التيسير فساقه باللفظ الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف . قوله : ( كان يقول في صلاته ) هذا الدعاء ورد مطلقا في الصلاة غير مقيد بمكان مخصوص . قوله : ( الثبات في الأمر ) سؤال الثبات في الأمر من جوامع الكلم النبوية ; لأن من يثبته الله في أموره عصم عن الوقوع في الموبقات ولم يصدر منه أمر على خلاف ما يرضاه الله تعالى
قوله : ( والعزيمة على الرشد ) هي تكون بمعنى إرادة الفعل وبمعنى الجد في طلبه ، والمناسب هنا هو الثاني . قوله : ( قلبا سليما ) أي غير عليل بكدر المعصية ولا مريض بالاشتمال على الغل والانطواء على الإحن
قوله : ( من خير ما تعلم ) هو سؤال لخير الأمور على الإطلاق ; لأن علمه جل جلاله محيط بجميع الأشياء ، وكذلك التعوذ من شر ما يعلم والاستغفار لما يعلم ، فكأنه قال : أسألك من خير كل شيء ، وأعوذ بك من شر كل شيء وأستغفرك لكل ذنب .
أحدها أن الأنبياء كلهم معصومون من الكبائر والصغائر ، وهذا هو اللائق بشرفهم لولا مخالفته لصرائح القرآن والسنة المشعرة بأن لهم ذنوبا . قوله : ( دقه وجله ) بكسر أولهما : أي قليله وكثيره . قوله : ( وأوله وآخره ) هو من عطف الخاص على العام
قوله : ( وعلانيته وسره ) هو كذلك ، قال النووي : فيه [ ص: 342 ] تكثير ألفاظ الدعاء وتوكيده وإن أغنى بعضها عن بعض .
قوله : ( فأوجز فيها ) لعله لم يصاحب هذا الإيجاز تمام الصلاة على الصفة التي عهدوا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا لم يكن للإنكار عليه وجه ، فقد ثبت من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=34478ما صليت خلف أحد أوجز صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام } . قوله : ( فأنكروا ذلك عليه ) فيه جواز الإنكار على من أخف الصلاة من دون استكمال . قوله : ( ألم أتم الركوع والسجود ) فيه إشعار بأنه لم يتم غيرهما ولذلك أنكروا عليه . قوله : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به ) يحتمل أنه كان يدعو به في الصلاة ويكون فعل nindex.php?page=showalam&ids=56عمار قرينة تدل على ذلك ، ويحتمل أنه كان يدعو به من غير تقييد بحال الصلاة كما هو الظاهر من الكلام
قوله : ( وكلمة الحق في الغضب والرضا ) إنما جمع بين الحالتين لأن الغضب ربما حال بين الإنسان وبين الصدع بالحق وكذلك الرضا بما قاد في بعض الحالات إلى المداهنة وكتم كلمة الحق . قوله : ( والقصد في الفقر والغنى ) القصد في كتب اللغة : بمعنى استقامة الطريق والاعتدال وبمعنى ضد الإفراط وهو المناسب هنا ; لأن بطر الغنى ربما جر إلى الإفراط ، وعدم الصبر على الفقر ربما أوقع في التفريط ، فالقصد فيهما هو الطريقة القويمة
قوله : ( ولذة النظر إلى وجهك ) فيه متمسك للأشعرية ومن قال بقولهم ، والمسألة طويلة الذيل ومحلها علم الكلام وقد أفردتها برسالة مطولة سميتها : البغية في الرؤية . قوله : ( والشوق إلى لقائك ) إنما سأله صلى الله عليه وسلم لأنه من موجبات محبة الله للقاء عبده لحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=35332من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه } ومحبة الله تعالى لذلك من أسباب المغفرة
قوله : ( مضرة ) إنما قيد صلى الله عليه وسلم بذلك لأن الضراء ربما كانت نافعة آجلا أو عاجلا فلا يليق الاستعاذة منها . قوله : ( مضلة ) وصفها صلى الله عليه وسلم بذلك لأن من الفتن ما يكون من أسباب الهداية ، وهي بهذا الاعتبار مما لا يستعاذ به . قال أهل اللغة : الفتنة الامتحان والاختبار .
792 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل قال : لقيني النبي صلى الله عليه وسلم فقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=8794إني أوصيك بكلمات تقولهن في كل صلاة : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وأبو داود ) . الحديث قال الحافظ سنده قوي ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف في هذا الباب المشتمل على أدعية الصلاة بناء على أن لفظ الحديث في كل صلاة كما في الكتاب ، وقد رواه غيره بلفظ " دبر كل صلاة " وهو عند nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بلفظ " في دبر كل صلاة "
وكذلك رويته من طريق مشايخي مسلسلا بالمحبة ، فلا يكون باعتبار هذه الزيادة من أدعية الصلاة ; لأن دبر الصلاة بعدها على الأقرب كما سيأتي ، ويحتمل دبر الصلاة آخرها قبل الخروج منها ; لأن دبر الحيوان منه ، وعليه بعض أئمة الحديث ، فلعل nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف أراد ذلك ولكنه يشكل عليه إيراده لأدعية مقيدة بذلك في باب الذكر بعد الصلاة كحديث nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير وحديث المغيرة الآتيين . قوله : ( إني أوصيك بكلمات تقولهن ) في رواية أبي داود " لا تدعهن " والنهي أصله التحريم ، فيدل على وجوب الدعاء بهذه الكلمات ، وقيل إنه نهي إرشاد وهو محتاج إلى قرينة
ووجه تخصيص الوصية بهذه الكلمات أنها مشتملة على جميع خير الدنيا والآخرة .
ويمكن أن يكون حديثا مستقلا ويحمل ذلك على تعدد الواقعة . قوله ( أعط نفسي تقواها ) أي اجعلها متقية سامعة مطيعة . قوله : ( زكها ) أي اجعلها زاكية بما تفضلت به عليها من التقوى وخصال الخير . قوله : ( أنت وليها ) أي متولي أمورها ومولاها : أي مالكها . والحديث يدل على مشروعية الدعاء في السجود وقد تقدم الكلام على ذلك .
قوله : ( في صلاته أو في سجوده ) هذا الشك وقع في رواية محمد بن بشار عن nindex.php?page=showalam&ids=16769محمد بن جعفر عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل عن nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وفي رواية في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : " فخرج إلى الصلاة وهو يقول " الحديث .
وفي رواية له : " وكان في دعائه اللهم اجعل " . . . إلخ من غير تقييد بحال الصلاة ولا بحال الخروج . قوله : ( اجعل في قلبي نورا ) إلى آخر الحديث قال النووي : قال العلماء : سأل النور في أعضائه وجهاته ، والمراد بيان الحق وضياؤه والهداية إليه ، فسأل النور في جميع أعضائه وجسمه وتصرفاته وتقلباته وحالاته وجملته وفي جهاته الست حتى لا يزيغ شيء فيها عنه .