[ ص: 161 ] قوله ( جلبة ) بجيم ولام موحدة ومفتوحات : أي أصواتهم حال حركتهم قوله : ( فعليكم السكينة ) ضبطه nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي بنصب السكينة على الإغراء ، وضبطه النووي بالرفع على أنها جملة في موضع الحال ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : " وعليكم بالسكينة " وقد استشكل بعضهم دخول الباء ; لأنه متعد بنفسه كقوله تعالى { عليكم أنفسكم } قال الحافظ : وفيه نظر لثبوت زيادة الباء في الأحاديث الصحيحة كحديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21781عليكم برخصة الله ، فعليه بالصوم ، وعليك بالمرأة } قوله : ( فما أدركتم ) قال الكرماني : الفاء جواب شرط محذوف : أي إذا ثبت لكم ما هو أولى بكم فما أدركتم فصلوا .
قال في الفتح : أو التقدير إذا فعلتم فما أدركتم فصلوا : أي فعلتم الذي آمركم به من السكينة وترك الإسراع . قوله : ( وما فاتكم فأتموا ) أي أكملوا . وقد اختلف في هذه اللفظة في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة ، فرواية الجمهور " فأتموا " ورواية معاوية بن هشام عن شيبان " فاقضوا " ، كذا ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عنه .
ومثله روى أبو داود ، وكذلك وقع الخلاف في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة كما ذكر المصنف . قال الحافظ : والحاصل أن أكثر الروايات ورد بلفظ " فأتموا " وأقلها بلفظ " فاقضوا " ، وإنما يظهر فائدة ذلك إذا جعلنا بين التمام والقضاء مغايرة ، لكن إذا كان مخرج الحديث واحدا واختلف في لفظة منه وأمكن رد الاختلاف إلى معنى واحد كان أولى ، وهذا كذلك ; لأن القضاء وإن كان يطلق على الفائتة غالبا لكنه يطلق على الأداء أيضا ، ويرد بمعنى الفراغ كقوله تعالى : { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا } ويرد لمعان أخر ، فيحمل قوله هنا : " فاقضوا " على معنى الأداء ، والفراغ فلا يغاير قوله : " فأتموا " فلا حجة لمن تمسك برواية " فاقضوا " على أن ما أدركه مع الإمام هو آخر صلاته حتى يستحب له الجهر في الركعتين الآخرتين وقراءة السورة وترك القنوت بل هو أولها وإن كان آخر صلاة إمامه ، لأن الآخر لا يكون إلا عن شيء تقدمه .
وأوضح دليل على ذلك أنه يجب عليه أن يتشهد في آخر صلاته على كل حال ، فلو كان ما يدركه مع الإمام آخرا له لما احتاج إلى إعادة التشهد . وقول ابن بطال : إنه ما تشهد إلا لأجل السلام ; لأن السلام يحتاج إلى سبق تشهد ليس بالجواب الناهض على دفع الإيراد المذكور . واستدل nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر لذلك أيضا أنهم أجمعوا على أن تكبيرة الافتتاح لا تكون إلا في الركعة الأولى ، وقد عمل بمقتضى اللفظين الجمهور فإنهم قالوا : إن ما أدرك مع الإمام هو أول صلاته إلا أنه يقضي مثل الذي فاته من قراءة السورة مع أم القرآن في الرباعية ، لكن لم يستحبوا له إعادة الجهر في الركعتين الباقيتين .
وكان الحجة فيه قول nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام : " ما أدركت مع الإمام فهو أول صلاتك ، واقض ما سبقك به من القرآن " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي . وعن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=15215والمزني أنه لا يقرأ إلا أم القرآن فقط ، قال الحافظ : وهو القياس .
قوله : ( إذا سمعتم الإقامة ) [ ص: 162 ] هو أخص من قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة " إذا أتيتم الصلاة " لكن الظاهر أنه في مفهوم الموافقة ، وأيضا سامع الإقامة لا يحتاج إلى الإسراع ; لأنه يتحقق إدراك الصلاة كلها فينتهي عن الإسراع من باب الأولى . وقد لحظ بعضهم معنى غير هذا فقال : الحكمة في التقييد بالإقالة أن المسرع إذا أقيمت الصلاة يصل إليها فيقرأ في تلك الحال فلا يحصل تمام الخشوع في الترتيل وغيره ، بخلاف من جاء قبل ذلك فإن الصلاة قد لا تقام حتى يستريح .
وفيه أنه لا يكره الإسراع لمن جاء قبل الإقامة .
وهو مخالف لصريح قوله : " إذا أتيتم الصلاة " ; لأنه يتناول ما قبل الإقامة ، وإنما قيد الحديث الثاني بإقامة ; لأن ذلك هو الحامل في الغالب على الإسراع . قوله : ( والوقار ) قال عياض nindex.php?page=showalam&ids=14979والقرطبي : هو بمعنى السكينة وذكر على سبيل التأكيد . وقال النووي : الظاهر أن بينهما فرقا وأن السكينة : التأني في الحركات واجتناب العبث . والوقار في الهيئة بغض البصر وخفض الصوت وعدم الالتفات .
قوله : ( ولا تسرعوا ) فيه زيادة تأكيد فيستفاد منه الرد على من أول قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة " فلا تفعلوا " بالاستعجال المفضي إلى عدم الوقار ، وأما الإسراع الذي لا ينافي الوقار لمن خاف فوت التكبيرة فلا ، كذا روي عن إسحاق بن راهويه . والحديثان يدلان على مشروعية المشي إلى الصلاة على سكينة ووقار وكراهية الإسراع والسعي .
والحكمة في ذلك ما نبه عليه صلى الله عليه وسلم كما وقع عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=23589فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة } أي أنه في حكم المصلي فينبغي له اعتماد ما ينبغي للمصلي اعتماده واجتناب ما ينبغي للمصلي اجتنابه . وقد استدل بحديثي الباب أيضا على أن من أدرك الإمام راكعا لم تحسب له تلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته ; لأنه فاته القيام والقراءة فيه . قال في الفتح : وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وجماعة ، بل حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في جزء القراءة خلف الإمام ، عن كل من ذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام ، واختاره ابن خزيمة والضبعي وغيرهما من الشافعية .
وقواه الشيخ تقي الدين السبكي من المتأخرين . وقد قدمنا البحث عن هذا في باب ما جاء في قراءة المأموم وإنصاته إذا سمع إمامه . قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه اللهبعد أن ساق الحديثين ما لفظه : وفيه حجة لمن قال : إن ما أدركه المسبوق آخر صلاته ، واحتج من قال بخلافه بلفظة الإتمام . انتهى . وقد عرفت الجمع بين الروايتين . .