قوله : ( إذا كانوا ثلاثة ) مفهوم العدد هنا غير معتبر لما سيأتي في حديث مالك بن الحويرث قوله : ( وأحقهم بالإمامة أقرؤهم ) وقوله في الحديث الآخر { nindex.php?page=hadith&LINKID=43308يؤم القوم أقرؤهم } فيه حجة لمن قال : يقدم في الإمامة الأقرأ على الأفقه وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وبعض أصحابهما . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وأصحابهما والهادوية : الأفقه مقدم على الأقرإ .
قال النووي : لأن الذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط ، والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط ، وقد يعرض في الصلاة أمر لا يقدر على مراعاة الصواب فيه إلا كامل الفقه . وأجابوا عن الحديث بأن الأقرأ من الصحابة كان هو الأفقه . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : المخاطب بذلك الذين كانوا في عصره كان أقرؤهم أفقههم ، فإنهم كانوا يسلمون كبارا ويتفقهون قبل أن يقرءوا فلا يوجد قارئ منهم إلا وهو فقيه ، وقد يوجد الفقيه وهو ليس بقارئ ، لكن قال النووي وابن سيد الناس : إن قوله في الحديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=23726فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة } دليل على تقديم الأقرأ مطلقا . وبه يندفع هذا الجواب عن ظاهر الحديث ; لأن التفقه في أمور الصلاة لا يكون إلا من السنة ، وقد جعل القارئ مقدما على العالم بالسنة . وأما ما قيل من أن الأكثر حفظا للقرآن من الصحابة أكثرهم فقها فهو وإن صح باعتبار مطلق الفقه لا يصح باعتبار الفقه في أحكام الصلاة لأنها بأسرها مأخوذة من السنة قولا وفعلا وتقريرا ، وليس في القرآن إلا الأمر بها على جهة الإجمال وهو مما يستوي في معرفته القارئ للقرآن وغيره .
وقد اختلف في المراد من قوله : " يؤم القوم أقرؤهم " فقيل المراد أحسنهم قراءة وإن كان أقلهم حفظا ، وقيل : أكثرهم حفظا للقرآن . ويدل على ذلك ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح عن عمرو بن سلمة أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=15920انطلقت مع أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام قومه ، فكان فيما أوصانا : ليؤمكم أكثركم قرآنا ، فكنت أكثرهم قرآنا فقدموني } وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وسيأتي في باب ما جاء في إمامة الصبي قوله : ( فإن كانوا في القراءة سواء ) أي استووا في القدر المعتبر منها إما في حسنها أو في كثرتها وقلتها على القولين ، ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : " فإن كانت القراءة واحدة " قوله : ( فأعلمهم بالسنة ) فيه أن مزية العلم مقدمة على غيرها من المزايا الدينية قوله : ( فأقدمهم هجرة ) الهجرة المقدم بها في الإمامة لا تختص بالهجرة في عصره صلى الله عليه وسلم ، بل هي التي لا تنقطع إلى يوم القيامة كما وردت بذلك الأحاديث وقال به الجمهور .
وأما حديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31101لا هجرة بعد الفتح } فالمراد به الهجرة من مكة إلى المدينة أو لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل [ ص: 189 ] الهجرة قبل الفتح ، وهذا لا بد منه للجمع بين الأحاديث . قال النووي : وأولاد من تقدمت هجرته من المهاجرين أولى من أولاد من تأخرت هجرته ، وليس في الحديث ما يدل على ذلك قوله : ( فأقدمهم سنا ) أي يقدم في الإمامة من كبر سنه في الإسلام ، لأن ذلك فضيلة يرجح بها ، والمراد بقوله : " سلما " في الرواية التي ذكرها المصنف الإسلام ، فيكون من تقدم إسلامه أولى ممن تأخر إسلامه ، وجعل البغوي أولاد من تقدم إسلامه أولى من أولاد من تأخر إسلامه ، والحديث لا يدل عليه .
قوله : ( ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ) قال النووي : معناه أن صاحب البيت والمجلس وإمام المسجد أحق من غيره . قال ابن رسلان : لأنه موضع سلطنته انتهى . والظاهر أن المراد به السلطان الذي إليه ولاية أمور الناس لا صاحب البيت ونحوه ، ويدل على ذلك ما في رواية أبي داود بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=42349ولا يؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه } وظاهره أن السلطان مقدم على غيره وإن كان أكثر منه قرآنا وفقها وورعا وفضلا ، فيكون كالمخصص لما قبله .
قال أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ويقدم السلطان أو نائبه على صاحب البيت وإمام المسجد وغيرهما لأن ولايته وسلطنته عامة . قالوا : ويستحب لصاحب البيت أن يأذن لمن هو أفضل منه قوله : ( على تكرمته ) قال النووي وابن رسلان : بفتح التاء وكسر الراء : الفراش ونحوه مما يبسط لصاحب المنزل ويختص به دون أهله ، وقيل : هي الوسادة وفي معناها السرير ونحوه .
ومنهم من جوز أن يكون مراده بالكبر ما هو أعم من السن والقدر ، وهو مقيد بالاستواء في القراءة والفقه كما في الروايتين الأخريين . وقد زعم بعضهم أنه معارض لقوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43308يؤم القوم أقرؤهم } ثم جمع بأن قصة [ ص: 190 ] مالك بن الحويرث واقعة عين غير قابلة للعموم ، بخلاف قوله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43308يؤم القوم أقرؤهم } والتنصيص على تقاربهم في القراءة والعلم يرد عليه قوله : ( وكنا يومئذ متقاربين في العلم ) قال في الفتح : أظن في هذه الرواية إدراجا ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة رواه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13382إسماعيل ابن علية عن nindex.php?page=showalam&ids=22خالد قال : قلت nindex.php?page=showalam&ids=12134لأبي قلابة : فأين القراءة ؟ قال : فإنهما كانا متقاربين ، ثم ذكر ما يدل على عدم الإدراج .
1080 - ( وعن مالك بن الحويرث قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36460من زار قوما فلا يؤمهم ، وليؤمهم رجل منهم } رواه الخمسة إلا nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه . وأكثر أهل العلم أنه لا بأس بإمامة الزائر بإذن رب المكان لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي مسعود : " إلا بإذنه " ) .
أما حديث مالك بن الحويرث فحسنه الترمذي ، وفي إسناده أبو عطية ، قال أبو حاتم : لا يعرف ولا يسمى ، ويشهد له حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بإسناد صحيح . nindex.php?page=showalam&ids=13665والأثرم بلفظ : " من السنة أن يتقدم صاحب البيت " وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده وحديث عبد الله بن حنطب عند nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=14273 : الرجل أحق بصدر فراشه ، وأحق بصدر دابته ، وأحق أن يؤم في بيته } وما تقدم من حديث أبي مسعود عند أبي داود بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=42349ولا يؤم الرجل في بيته } . وأما حديث أبي مسعود الذي أشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف فقد تقدم في أول الباب .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فقد حسنه الترمذي ، وفي إسناده أبو اليقظان عثمان بن عمير البجلي ، وهو ضعيف ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره ، وتركه nindex.php?page=showalam&ids=13577ابن [ ص: 191 ] مهدي ، وقد أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
وفي حديث أبي أمامة اختلاف ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني قوله : ( { nindex.php?page=hadith&LINKID=36460من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم } ) فيه أن المزور أحق بالإمامة من الزائر وإن كان أعلم أو أقرأ من المزور قال الترمذي : والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، قالوا : صاحب المنزل أحق بالإمامة من الزائر .
وقال بعض أهل العلم : إذا أذن له فلا بأس أن يصلي به . وقال إسحاق : لا يصلي أحد بصاحب المنزل وإن أذن له ، قال : وكذلك في المسجد إذا زارهم يقول : ليصل رجل منهم انتهى . وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف عن أكثر أهل العلم : أنه لا بأس بإمامة الزائر بإذن رب المكان ، واستدل بما ذكره ، وقد عرفت مما سلف أن أبا داود زاد في حديث أبي مسعود : { nindex.php?page=hadith&LINKID=42349ولا يؤم الرجل في بيته } فيصلح حينئذ قوله في آخر حديثه : " إلا بإذنه " لتقييد جميع الجمل المذكورة فيه التي من جملتها قوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=42349ولا يؤم الرجل في بيته } على ما ذهب إليه جماعة من أئمة الأصول ، وقال به nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد قالا : ما لم يقم دليل على اختصاص القيد ببعض الجمل .
ويعضد التقييد بالإذن عموم قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر " وهم به راضون " . وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : " إلا بإذنهم " كما قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف فإنه يقتضي جواز إمامة الزائر عند رضا المزور . قال العراقي : ويشترط أن يكون المزور أهلا للإمامة ، فإن لم يكن أهلا كالمرأة في صورة كون الزائر رجلا ، والأمي في صورة كون الزائر قارئا ونحوهما فلا حق له في الإمامة . .