1188 - ( عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وكان قائد أبيه بعد ما ذهب بصره عن أبيه كعب رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم nindex.php?page=showalam&ids=103لأسعد بن زرارة ، قال : فقلت له : إذا سمعت النداء ترحمت nindex.php?page=showalam&ids=103لأسعد بن زرارة ؟ قال : لأنه أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له : نقيع الخضمات ، قلت : كم كنتم يومئذ ؟ قال : أربعون رجلا . رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وقال فيه : كان أول من صلى بنا صلاة الجمعة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم من مكة ) .
الحديث أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وصححه . قال الحافظ : وإسناده حسن ا هـ ، وفي إسناده nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق وفيه مقال مشهور . قوله : ( هزم النبيت ) هو بفتح الهاء وسكون الزاي : المطمئن من الأرض ، والنبيت بفتح النون وكسر الباء الموحدة وسكون الياء التحتية وبعدها تاء فوقية . قال في القاموس : هو أبو حي باليمن اسمه عمرو بن مالك ا هـ . والمراد به هنا موضع من حرة بني بياضة ، وهي قرية على ميل من المدينة . وبنو بياضة بطن من الأنصار .
قوله : ( في نقيع ) هو بالنون ثم القاف ثم الياء التحتية بعدها عين مهملة . قوله : ( الخضمات ) بالخاء المعجمة وكسر الضاد المعجمة موضع معروف . قوله : ( أربعون رجلا ) استدل به من قال : إن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلا ، وإلى ذلك ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في إحدى الروايتين عنه ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز .
ووجه الاستدلال بحديث الباب أن الأمة أجمعت على اشتراط العدد ، والأصل الظهر ، فلا تصح الجمعة إلا بعدد أثبت بدليل ، وقد ثبت جوازها بأربعين فلا يجوز بأقل منه ، إلا بدليل صحيح . وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20870صلوا كما رأيتموني أصلي } قالوا : ولم تثبت صلاته لها بأقل من أربعين . وأجيب عن ذلك : بأنه لا دلالة في الحديث على اشتراط الأربعين ، لأن هذه واقعة عين . وذلك أن الجمعة فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة قبل الهجرة كما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فلم يتمكن من إقامته هنالك من أجل الكفار ، فلما هاجر من هاجر من أصحابه إلى المدينة كتب إليهم يأمرهم أن يجمعوا فجمعوا ، واتفق أن عدتهم إذن كانت أربعين ، وليس فيه ما يدل على أن من دون الأربعين لا تنعقد بهم [ ص: 275 ] الجمعة .
وقد تقرر في الأصول أن وقائع الأعيان لا يحتج بها على العموم . وروى nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16360وعبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين قال : جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم وقبل أن تنزل الجمعة ، قالت الأنصار : لليهود يوم يجمعون فيه كل أسبوع ، وللنصارى مثل ذلك ، فهلم فلنجعل يوما نجمع فيه فنذكر الله تعالى ونشكره ، فجعلوه يوم العروبة ، واجتمعوا إلى nindex.php?page=showalam&ids=103أسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ ركعتين وذكرهم فسموا الجمعة حين اجتمعوا إليه ، فذبح لهم شاة فتغدوا وتعشوا منها ، فأنزل الله تعالى في ذلك بعد : { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } الآية .
قال الحافظ : ورجاله ثقات إلا أنه مرسل . وقولهم : لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة بأقل من أربعين ، يرده حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر الآتي في باب انفضاض العدد لتصريحه بأنه لم يبق معه صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلا . وما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن ابن مسعود الأنصاري قال : أول من قدم المدينة من المهاجرين nindex.php?page=showalam&ids=104 : مصعب بن عمير ، وهو أول من جمع بها يوم الجمعة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم وهم اثنا عشر رجلا ، وفي إسناده nindex.php?page=showalam&ids=16206صالح بن أبي الأخضر وهو ضعيف قال الحافظ : ويجمع بينه وبين حديث الباب بأن أسعد كان أميرا ومصعبا كان إماما .
قال السيوطي : وإيراد nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي لهذا الحديث أقوى دليل على أنه لم يجد من الأحاديث ما يدل للمسألة صريحا ا هـ . واعلم أن الخلاف في هذه المسألة منتشر جدا ، وقد ذكر الحافظ في فتح الباري خمسة عشر مذهبا ، فقال : وجملة ما للعلماء في ذلك خمسة عشر قولا : أحدها : تصح من الواحد نقله nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم . قلت : وحكاه الدارمي عن القاشاني وصاحب البحر عن nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح .
الثاني : اثنان كالجماعة ، هو قول nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي وأهل الظاهر والحسن بن يحيى . الثالث : [ ص: 276 ] اثنان مع الإمام عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد . قلت : وحكاه في شرح المهذب عن الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وحكاه في البحر عن أبي العباس وتحصيله للهادي والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري
الرابع : ثلاثة معه عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة قلت : وإليه ذهب المؤيد بالله وأبو طالب ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، واختاره nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني والسيوطي وحكاه عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث . الخامس : سبعة ، حكي عن عكرمة . السادس : تسعة ، عند nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة . السابع : اثنا عشر ، عنه في رواية . قلت : وحكاه عنه المتولي والماوردي في الحاوي ، وحكاه الماوردي أيضا عن الزهري والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن .
الثامن : مثله ، غير الإمام ، عند إسحاق . التاسع : عشرون ، في رواية ابن حبيب عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . العاشر : ثلاثون ، في روايته أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . الحادي عشر : أربعون بالإمام ، عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . قلت : ومعه من قدمنا ذكرهم كما حكى ذلك السيوطي .
الثاني عشر : أربعون غير الإمام ، روي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز وطائفة . الثالث عشر : خمسون ، عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وفي رواية كليب عن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز . الرابع عشر : ثمانون ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري . الخامس عشر : جمع كثير بغير قيد . قلت : حكاه السيوطي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قال الحافظ : ولعل هذا الأخير أرجحها من حيث الدليل
واعلم أنه لا مستند لاشتراط ثمانين أو ثلاثين أو عشرين أو تسعة أو سبعة ، كما أنه لا مستند لصحتها من الواحد المنفرد . وأما من قال إنها تصح باثنين فاستدل بأن العدد واجب بالحديث والإجماع ، ورأى أنه لم يثبت دليل على اشتراط عدد مخصوص ، وقد صحت الجماعة في سائر الصلوات باثنين ، ولا فرق بينها وبين الجماعة ، ولم يأت نص من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الجمعة لا تنعقد إلا بكذا ، وهذا القول هو الراجح عندي وأما الذي قال بثلاثة فرأى العدد واجبا في الجمعة كالصلاة ، فشرط العدد في المأمومين المستمعين للخطبة .
وأما الذي قال بأربعة فمستنده حديث أم عبد الله الدوسية المتقدم ، وقد تقدم أنه لا ينتهض للاحتجاج به . وله طريق أخرى عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وفيها متروكون . وله طريق ثالثة عنده أيضا وفيها متروك . قال السيوطي : قد حصل من اجتماع هذه الطرق نوع قوة للحديث وفيه أن الطرق التي لا تخلو كل واحدة منها من متروك لا تصلح للاحتجاج وإن كثرت . وأما الذي قال باثني عشر فمستنده حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر في الانفضاض وسيأتي .
وفيه أنه يدل على صحتها بهذا المقدار ، وأما أنها لا تصح إلا بهم فصاعدا إلا بما دونهم فليس في الحديث ما يدل على ذلك . وأما من قال باشتراط الخمسين فمستنده ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14023الجمعة على الخمسين رجلا ، وليس على ما دون الخمسين جمعة } قال السيوطي : لكنه [ ص: 277 ] ضعيف ومع ضعفه فهو محتمل للتأويل ، لأن ظاهره أن هذا العدد شرط للوجوب لا شرط للصحة فلا يلزم من عدم وجوبها على ما دون الخمسين عدم صحتها منهم .
وأما اشتراط جمع كثير من دون تقيد بعدد مخصوص فمستنده أن الجمعة شعار وهو لا يحصل إلا بكثرة تغيظ أعداء المؤمنين .
وفيه أن كونها شعارا لا يستلزم أن ينتفي وجوبها بانتفاء العدد الذي يحصل به ذلك ، على أن الطلب لها من العباد كتابا وسنة مطلق على اعتبار الشعار فما الدليل على اعتباره ، { وكتبه صلى الله عليه وسلم إلى nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير أن ينظر اليوم الذي يجهر فيه اليهود بالزبور فيجمع النساء والأبناء ، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة تقربوا إلى الله تعالى بركعتين } ، كما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، غاية ما فيه أن ذلك سبب أصل المشروعية ، وليس فيه أنه معتبر الوجوب فلا يصلح للتمسك به على اعتبار عدد يحصل به الشعار وإلا لزم قصر مشروعية الجمعة على بلد تشارك المسلمين في سكونه اليهود وأنه باطل على أنه يعارض حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المذكور ما تقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين في بيان السبب في افتراض الجمعة وليس فيه إلا أنه كان اجتماعهم لذكر الله تعالى وشكره ، وهو حاصل من القليل والكثير بل من الواحد لولا ما قدمنا من أن الجمعة يعتبر فيها الاجتماع وهو لا يحصل بواحد .
وأما الاثنان فبانضمام أحدهما إلى الآخر يحصل الاجتماع وقد أطلق الشارع اسم الجماعة عليهما ، فقال : الاثنان فما فوقهما جماعة ، كما تقدم في أبواب الجماعة ، وقد انعقدت سائر الصلوات بهما بالإجماع ، والجمعة صلاة فلا تختص بحكم يخالف غيرها إلا بدليل ، ولا دليل على اعتبار عدد فيها زائد على المعتبر في غيرها . وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=16308عبد الحق إنه لا يثبت في عدد الجمعة حديث .
وكذلك قال السيوطي : لم يثبت في شيء من الأحاديث تعيين عدد مخصوص .