مقدمة ابن كثير [ ص: 5 ] قال الشيخ الإمام الأوحد البارع الحافظ المتقن عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن الخطيب أبي حفص عمر بن كثير البصروي الشافعي رحمه الله تعالى ورضي عنه
الحمد لله الذي افتتح كتابه بالحمد فقال
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ) [ الفاتحة : 2 - 4 ] ، وقال تعالى (
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ) [ الكهف : 1 - 5 ] ، وافتتح خلقه بالحمد فقال تعالى
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ) [ الأنعام : 1 ] ، واختتمه بالحمد فقال بعد ذكر مآل أهل الجنة وأهل النار (
وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين ) [ الزمر : 75 ] ؛ ولهذا قال الله ] تعالى (
وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ) [ القصص : 70 ] ، كما قال
الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير ) [ سبأ : 1 ] .
فله الحمد في الأولى والآخرة أي في جميع ما خلق وما هو خالق هو المحمود في ذلك كله كما يقول المصلي اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ؛ ولهذا يلهم أهل الجنة تسبيحه وتحميده كما يلهمون النفس أي يسبحونه ويحمدونه عدد أنفاسهم لما يرون من عظيم نعمه عليهم وكمال قدرته وعظيم سلطانه وتوالي مننه ودوام إحسانه كما قال تعالى (
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) [ يونس : 9 ، 10 ]
والحمد لله الذي أرسل رسله
مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) [ النساء : 165 ] ، وختمهم بالنبي الأمي العربي المكي الهادي لأوضح السبل أرسله إلى جميع خلقه من الإنس والجن من لدن بعثته إلى قيام الساعة كما قال تعالى
[ ص: 6 ] قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ) [ الأعراف : 158 ] ، وقال تعالى (
لأنذركم به ومن بلغ ) [ الأنعام : 19 ] .
فمن بلغه هذا القرآن من عرب وعجم وأسود وأحمر وإنس وجان فهو نذير له ولهذا قال تعالى (
ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ) [ هود : 17 ] . فمن كفر بالقرآن ممن ذكرنا فالنار موعده بنص الله تعالى وكما قال تعالى (
فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم ) [ القلم 44 45 ] ، .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500671بعثت إلى الأحمر والأسود . قال
مجاهد يعني الإنس والجن . فهو صلوات الله وسلامه عليه رسول الله إلى جميع الثقلين الإنس والجن مبلغا لهم عن الله ما أوحاه إليه من هذا الكتاب العزيز الذي
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) [ فصلت : 42 ] .
وقد أعلمهم فيه عن الله تعالى أنه ندبهم إلى تفهمه فقال تعالى
أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) [ النساء 82 ] ، وقال تعالى
كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ) [ ص : 29 ] ، وقال تعالى (
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) [ محمد : 24 ] .
فالواجب على العلماء
الكشف عن معاني كلام الله وتفسير ذلك ، وطلبه من مظانه وتعلم ذلك وتعليمه كما قال تعالى (
وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ) [ آل عمران : 187 ] ، وقال تعالى
إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) [ آل عمران 77 ]
فذم الله تعالى أهل الكتاب قبلنا بإعراضهم عن كتاب الله إليهم وإقبالهم على الدنيا وجمعها واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله
فعلينا أيها المسلمون أن ننتهي عما ذمهم الله تعالى به وأن نأتمر بما أمرنا به من تعلم كتاب الله المنزل إلينا وتعليمه وتفهمه وتفهيمه قال الله تعالى
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون ) [ الحديد 16 ، 17 ] . ففي ذكره تعالى لهذه الآية بعد التي قبلها تنبيه على أنه تعالى كما يحيي الأرض بعد موتها كذلك يلين القلوب بالإيمان بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي والله المؤمل المسؤول أن يفعل بنا ذلك إنه
[ ص: 7 ] جواد كريم
فإن قال قائل فما أحسن طرق التفسير
فالجواب إن أصح الطرق في ذلك أن
يفسر القرآن بالقرآن فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له بل قد قال
الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن قال الله تعالى
( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما ) [ النساء 105 ] ، وقال تعالى
وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ) [ النحل 44 ] ، وقال تعالى
وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) [ النحل : 64 ] .
ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500672ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه يعني : السنة والسنة أيضا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن وقد استدل
الإمام الشافعي رحمه الله وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك
والغرض أنك
تطلب تفسير القرآن منه فإن لم تجده فمن السنة ، كما
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500673قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن بم تحكم ؟ قال بكتاب الله قال : فإن لم تجد ؟ قال بسنة رسول الله قال فإن لم تجد قال أجتهد برأيي . قال فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره ، وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله وهذا الحديث في المساند والسنن بإسناد جيد كما هو مقرر في موضعه
وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى
أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح لا سيما علماؤهم وكبراؤهم كالأئمة الأربعة والخلفاء الراشدين والأئمة المهديين
nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الإمام أبو جعفر محمد بن جرير حدثنا أبو
كريب ، حدثنا
جابر بن نوح حدثنا
الأعمش ، عن
أبي الضحى عن مسروق قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله يعني ابن مسعود : والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم
[ ص: 8 ] بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته . وقال
الأعمش أيضا ، عن
أبي وائل عن
ابن مسعود قال كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن .
وقال
أبو عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل فتعلمنا القرآن والعمل جميعا .
ومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرآن وببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له حيث قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500674اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل .
وقال
ابن جرير حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع حدثنا
سفيان عن
الأعمش عن
مسلم قال قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله يعني ابن مسعود نعم ترجمان القرآن
ابن عباس . ثم رواه عن
يحيى بن داود عن
إسحاق الأزرق عن
سفيان عن
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11870مسلم بن صبيح أبي الضحى عن
مسروق ، عن
ابن مسعود أنه قال نعم الترجمان للقرآن
ابن عباس . ثم رواه عن
بندار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15637جعفر بن عون عن
الأعمش به كذلك
فهذا إسناد صحيح إلى
ابن مسعود أنه قال عن
ابن عباس هذه العبارة وقد مات
ابن مسعود رضي الله عنه في سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح وعمر بعده
ابن عباس ستا وثلاثين سنة فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد
ابن مسعود
وقال
الأعمش عن
أبي وائل استخلف
علي nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس على الموسم فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة وفي رواية سورة النور ففسرها تفسيرا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا .
ولهذا غالب ما يرويه
nindex.php?page=showalam&ids=14468إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500675بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
عبد الله ؛ ولهذا كان
عبد الله بن عمرو يوم اليرموك قد أصاب زاملتين من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما بما فهمه
[ ص: 9 ] من هذا الحديث من الإذن في ذلك
ولكن هذه
الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتضاد فإنها على ثلاثة أقسام
أحدها ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح .
والثاني ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه
والثالث ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في هذا كثيرا ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف ولون كلبهم ، وعدتهم وعصا موسى من أي الشجر كانت وأسماء الطيور التي أحياها الله
لإبراهيم وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة ونوع الشجرة التي كلم الله منها
موسى إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز كما قال تعالى (
سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا ) [ الكهف : 22 ] ، فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث فدل على صحته إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما ثم أرشد على أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته فقال في مثل هذا (
قل ربي أعلم بعدتهم ) فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس ممن أطلعه الله عليه فلهذا قال (
فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ) أي لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام وأن تنبه على الصحيح منها وتبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته فتشتغل به عن الأهم فالأهم فأما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص إذ قد يكون الصواب في الذي تركه أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضا فإن صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب أو جاهلا فقد أخطأ وكذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته ، أو حكى أقوالا متعددة لفظا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى فقد ضيع الزمان وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبي زور والله الموفق للصواب
[ قال
سفيان بن عيينة عن
عبد الله بن أبي يزيد كان
ابن عباس إذا سئل عن الآية في القرآن قال به فإن لم يكن وكان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر به ، فإن لم يكن فعن
أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فإن لم يكن اجتهد برأيه .
[ ص: 10 ] فصل
إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين
كمجاهد بن جبر فإنه كان آية في التفسير كما قال
محمد بن إسحاق حدثنا
أبان بن صالح عن
مجاهد ، قال عرضت المصحف على
ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها .
وقال
ابن جرير حدثنا
أبو كريب ، حدثنا
طلق بن غنام عن
عثمان المكي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة قال رأيت
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا سأل
ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه قال فيقول له
ابن عباس اكتب حتى سأله عن التفسير كله . ولهذا كان
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري يقول إذا جاءك التفسير عن
مجاهد فحسبك به .
nindex.php?page=showalam&ids=15992وكسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة مولى ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق بن الأجدع nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك بن مزاحم وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدهم فتذكر أقوالهم في الآية فيقع في عباراتهم تباين في الألفاظ يحسبها من لا علم عنده اختلافا فيحكيها أقوالا وليس كذلك فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو بنظيره ومنهم من ينص على الشيء بعينه والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن فليتفطن اللبيب لذلك والله الهادي
وقال
شعبة بن الحجاج وغيره
أقوال التابعين في الفروع ليست حجة فكيف تكون حجة في التفسير ؟ يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم وهذا صحيح أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة فإن اختلفوا فلا يكون بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة العرب أو أقوال الصحابة في ذلك
فأما
تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام لما رواه
محمد بن جرير رحمه الله حيث قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار حدثنا
يحيى بن سعيد حدثنا
سفيان ، حدثني
عبد الأعلى هو ابن عامر الثعلبي عن
سعيد بن جبير عن
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500676من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار .
وهكذا أخرجه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، من طرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري به . ورواه
أبو داود عن
مسدد ، عن
أبي عوانة عن
عبد الأعلى به . وقال
الترمذي هذا حديث حسن
[ ص: 11 ]
وهكذا رواه
ابن جرير أيضا عن
يحيى بن طلحة اليربوعي عن
شريك ، عن
عبد الأعلى به مرفوعا . ولكن رواه
محمد بن حميد عن
الحكم بن بشير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16717عمرو بن قيس الملائي عن عبد
الأعلى عن
سعيد ، عن
ابن عباس فوقفه . وعن
محمد بن حميد عن
جرير عن
ليث عن
بكر ، عن
سعيد بن جبير عن
ابن عباس من قوله فالله أعلم
وقال
ابن جرير حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14748العباس بن عبد العظيم العنبري حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15679حبان بن هلال حدثنا
سهيل أخو حزم حدثنا
أبو عمران الجوني عن
جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500677من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ .
وقد روى هذا الحديث
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث
سهيل بن أبي حزم القطعي وقال
الترمذي غريب وقد تكلم بعض أهل العلم في
سهيل .
وفي لفظ لهم
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500678من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد أخطأ أي لأنه قد تكلف ما لا علم له به وسلك غير ما أمر به فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ لأنه لم يأت الأمر من بابه كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر لكن يكون أخف جرما ممن أخطأ والله أعلم وهكذا سمى الله القذفة كاذبين فقال (
فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ) [ النور : 13 ] ، فالقاذف كاذب ولو كان قد قذف من زنى في نفس الأمر لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به ولو كان أخبر بما يعلم لأنه تكلف ما لا علم له به والله أعلم
ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به كما روى
شعبة عن
سليمان ، عن
عبد الله بن مرة عن
أبي معمر قال : قال
أبو بكر الصديق رضي الله عنه أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا
محمد بن يزيد عن
العوام بن حوشب عن
إبراهيم التيمي ؛ أن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق سئل عن قوله (
وفاكهة وأبا ) [ عبس 31 ] ، فقال أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم منقطع .
وقال
أبو عبيد أيضا حدثنا
يزيد عن
حميد عن
أنس ؛ أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قرأ على المنبر
[ ص: 12 ] وفاكهة وأبا ) [ عبس 31 ] ، فقال هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب ثم رجع إلى نفسه فقال إن هذا لهو التكلف يا
عمر .
وقال
عبد بن حميد حدثنا
سليمان بن حرب حدثنا
حماد بن زيد عن
ثابت عن
أنس ، قال كنا عند
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي ظهر قميصه أربع رقاع فقرأ (
وفاكهة وأبا ) فقال ما الأب ثم قال إن هذا لهو التكلف فما عليك ألا تدريه .
وهذا كله محمول على أنهما رضي الله عنهما إنما أرادا استكشاف علم كيفية الأب وإلا فكونه نبتا من الأرض ظاهر لا يجهل لقوله (
فأنبتنا فيها حبا وعنبا ) الآية [ عبس 27 28 ] ،
وقال
ابن جرير حدثنا
يعقوب بن إبراهيم حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية عن
أيوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة أن
ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها فأبى أن يقول فيها . إسناده صحيح
وقال
أبو عبيد حدثنا
إسماعيل بن إبراهيم عن
أيوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة قال سأل رجل
ابن عباس عن (
يوم كان مقداره ألف سنة ) [ السجدة 5 ] ، فقال له
ابن عباس فما
يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) [ المعارج 4 ] ؟ فقال له الرجل إنما سألتك لتحدثني فقال
ابن عباس هما يومان ذكرهما الله تعالى في كتابه الله أعلم بهما فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم .
وقال أيضا
ابن جرير حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17381يعقوب يعني ابن إبراهيم حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
مهدي بن ميمون عن
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم قال : جاء
nindex.php?page=showalam&ids=16259طلق بن حبيب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=193جندب بن عبد الله فسأله عن آية من القرآن ؟ فقال أحرج عليك إن كنت مسلما إلا ما قمت عني أو قال أن تجالسني .
وقال
مالك ، عن
يحيى بن سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب إنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال إنا لا نقول في القرآن شيئا .
وقال
الليث ، عن
يحيى بن سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب إنه كان
لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن .
وقال
شعبة ، عن
عمرو بن مرة قال سأل رجل
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن آية من القرآن فقال لا
[ ص: 13 ] تسألني عن القرآن وسل من يزعم أنه لا يخفى عليه منه شيء يعني :
عكرمة .
وقال
ابن شوذب حدثني
يزيد بن أبي يزيد قال كنا نسأل
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام وكان أعلم الناس فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع .
وقال
ابن جرير حدثني
أحمد بن عبدة الضبي حدثنا
حماد بن زيد ، حدثنا
عبيد الله بن عمر قال لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ونافع .
وقال
أبو عبيد حدثنا
عبد الله بن صالح عن
الليث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، قال ما سمعت أبي تأول آية من كتاب الله قط .
وقال
أيوب nindex.php?page=showalam&ids=16453وابن عون nindex.php?page=showalam&ids=17235وهشام الدستوائي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين سألت
عبيدة السلماني ، عن آية من القرآن فقال ذهب الذين كانوا يعلمون فيم أنزل القرآن فاتق الله وعليك بالسداد .
وقال
أبو عبيد حدثنا
معاذ ، عن
ابن عون ، عن
عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه ، قال إذا حدثت عن الله فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده .
حدثنا
هشيم عن
مغيرة عن
إبراهيم ، قال كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه .
وقال
شعبة عن
عبد الله بن أبي السفر قال قال
الشعبي والله ما من آية إلا وقد سألت عنها ولكنها الرواية عن الله عز وجل .
وقال
أبو عبيد حدثنا
هشيم ، حدثنا
عمر بن أبي زائدة عن
الشعبي عن
مسروق ، قال اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله .
فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير ولا منافاة لأنهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه وهذا هو الواجب على كل أحد فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به فكذلك يجب القول فيما
[ ص: 14 ] سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالى
لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) آل عمران : 187 ، ولما جاء في الحديث المروي من طرق
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500679من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار .
فأما الحديث الذي رواه
أبو جعفر بن جرير
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14748عباس بن عبد العظيم حدثنا
محمد بن خالد بن عثمة حدثنا
جعفر بن محمد بن الزبيري حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة ، قالت
ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا تعد علمهن إياه
جبريل عليه السلام ثم رواه عن
أبي بكر محمد بن يزيد الطرسوسي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17126معن بن عيسى عن
جعفر بن خالد عن
هشام ، به .
فإنه حديث منكر غريب
وجعفر هذا هو ابن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام القرشي الزبيري قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لا يتابع في حديثه وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11886الحافظ أبو الفتح الأزدي منكر الحديث
وتكلم عليه
الإمام أبو جعفر بما حاصله أن هذه الآيات مما لا يعلم إلا بالتوقيف عن الله تعالى مما وقفه عليها
جبريل وهذا تأويل صحيح لو صح الحديث فإن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه ومنه ما يعلمه العلماء ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها ومنه ما لا يعذر أحد في جهله كما صرح بذلك
ابن عباس فيما قال
ابن جرير حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار حدثنا
مؤمل حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج قال : قال
ابن عباس التفسير على أربعة أوجه وجه تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله .
قال
ابن جرير وقد روي نحوه في حديث في إسناده نظر
حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى الصدفي أنبأنا
ابن وهب قال : سمعت
عمرو بن الحارث يحدث عن
الكلبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبي صالح مولى أم هانئ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنزل القرآن على أربعة أحرف حلال وحرام لا يعذر أحد بالجهالة به وتفسير تفسره [ العرب وتفسير [ ص: 15 ] تفسره العلماء ومتشابه لا يعلمه إلا الله عز وجل ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب .
والنظر الذي أشار إليه في إسناده هو من جهة
محمد بن السائب الكلبي فإنه متروك الحديث لكن قد يكون إنما وهم في رفعه ولعله من كلام
ابن عباس كما تقدم والله أعلم بالصواب .