(
قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون ( 68 )
قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ( 69 )
قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون ( 70 )
قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون ( 71 ) 30 )
أخبر تعالى عن تعنت
بني إسرائيل وكثرة سؤالهم لرسولهم . ولهذا لما ضيقوا على أنفسهم ضيق عليهم ، ولو أنهم ذبحوا أي بقرة كانت لوقعت الموقع عنهم ، كما قال
ابن عباس وعبيدة وغير واحد ، ولكنهم شددوا فشدد عليهم ، فقالوا : (
ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ) ما هذه البقرة ؟ وأي شيء صفتها ؟
قال
ابن جرير : حدثنا
أبو كريب ، حدثنا
عثام بن علي ، عن
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال بن عمرو ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال : لو أخذوا أدنى بقرة اكتفوا بها ، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم .
إسناد صحيح ، وقد رواه غير واحد عن
ابن عباس . وكذا قال
عبيدة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
ومجاهد ،
وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية وغير واحد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قال [ لي ]
عطاء : لو أخذوا أدنى بقرة كفتهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إنما أمروا بأدنى بقرة ، ولكنهم لما شددوا على أنفسهم شدد الله عليهم ؛ وايم الله لو أنهم لم يستثنوا ما بينت لهم آخر الأبد .
(
قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر ) أي : لا كبيرة هرمة ولا صغيرة لم يلحقها
[ ص: 299 ]
الفحل ، كما قاله
أبو العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
ومجاهد ،
وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16574وعطية العوفي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه ،
والضحاك ،
والحسن ،
وقتادة ، وقاله
ابن عباس أيضا .
وقال
الضحاك ، عن
ابن عباس (
عوان بين ذلك ) [ يقول : نصف ] بين الكبيرة والصغيرة ، وهي أقوى ما يكون من الدواب والبقر وأحسن ما تكون . وروي عن
عكرمة ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني ،
والضحاك نحو ذلك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : العوان : النصف التي بين ذلك التي ولدت ، وولد ولدها .
وقال
هشيم ، عن
جويبر ، عن
كثير بن زياد ، عن
الحسن في البقرة : كانت بقرة وحشية .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس : من لبس نعلا صفراء لم يزل في سرور ما دام لابسها ، وذلك قوله تعالى : (
صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ) وكذا قال
مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه أنها كانت صفراء .
وعن
ابن عمر : كانت صفراء الظلف . وعن
سعيد بن جبير : كانت صفراء القرن والظلف .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
نصر بن علي ، حدثنا
نوح بن قيس ، أنبأنا
أبو رجاء ، عن
الحسن في قوله : (
بقرة صفراء فاقع لونها ) قال : سوداء شديدة السواد .
وهذا غريب ، والصحيح الأول ، ولهذا أكد صفرتها بأنه (
فاقع لونها )
وقال
عطية العوفي : (
فاقع لونها ) تكاد تسود من صفرتها .
وقال
سعيد بن جبير : (
فاقع لونها ) قال : صافية اللون . وروي عن
أبي العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
والحسن ،
وقتادة نحوه .
وقال
شريك ، عن
مغراء عن
ابن عمر : ( فاقع لونها ) قال : صاف .
وقال
العوفي في تفسيره ، عن
ابن عباس : (
فاقع لونها ) شديدة الصفرة ، تكاد من صفرتها تبيض .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
تسر الناظرين ) أي : تعجب الناظرين وكذا قال
أبو العالية ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس .
[ وفي التوراة : أنها كانت حمراء ، فلعل هذا خطأ في التعريب أو كما قال الأول : إنها كانت شديدة الصفرة تضرب إلى حمرة وسواد ، والله أعلم ] .
[ ص: 300 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه : إذا نظرت إلى جلدها يخيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها .
قوله : (
إن البقر تشابه علينا ) أي : لكثرتها ، فميز لنا هذه البقرة وصفها وحلها لنا (
وإنا إن شاء الله ) إذا بينتها لنا ) لمهتدون ) إليها .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أحمد بن يحيى الأودي الصوفي ، حدثنا
أبو سعيد أحمد بن داود الحداد ، حدثنا
سرور بن المغيرة الواسطي ، ابن أخي
منصور بن زاذان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16292عباد بن منصور ، عن
الحسن ، عن
أبي رافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا أن بني إسرائيل قالوا : ( وإنا إن شاء الله لمهتدون ) لما أعطوا ، ولكن استثنوا .
ورواه الحافظ
أبو بكر بن مردويه في تفسيره من وجه آخر ، عن
سرور بن المغيرة ، عن
زاذان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16292عباد بن منصور ، عن
الحسن ، عن حديث
أبي رافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500798قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا أن بني إسرائيل قالوا : ( وإنا إن شاء الله لمهتدون ) ما أعطوا أبدا ، ولو أنهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوا لأجزأت عنهم ، ولكنهم شددوا ، فشدد الله عليهم .
وهذا حديث غريب من هذا الوجه ، وأحسن أحواله أن يكون من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، كما تقدم مثله عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، والله أعلم .
(
قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث ) أي : إنها ليست مذللة بالحراثة ولا معدة للسقي في السانية ، بل هي مكرمة حسنة صبيحة (
مسلمة ) صحيحة لا عيب فيها (
لا شية فيها ) أي : ليس فيها لون غير لونها .
وقال
عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن
قتادة (
مسلمة ) يقول : لا عيب فيها ، وكذا قال
أبو العالية والربيع ، وقال
مجاهد (
مسلمة ) من الشية .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني : (
مسلمة ) القوائم والخلق (
لا شية فيها ) قال
مجاهد : لا بياض ولا سواد . وقال
أبو العالية والربيع ،
والحسن وقتادة : ليس فيها بياض . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني : (
لا شية فيها ) قال : لونها واحد بهيم . وروي عن
عطية العوفي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه ،
nindex.php?page=showalam&ids=12428وإسماعيل بن أبي خالد ، نحو ذلك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
لا شية فيها ) من بياض ولا سواد ولا حمرة ، وكل هذه الأقوال متقاربة [ في المعنى ، وقد زعم بعضهم أن المعنى في ذلك قوله تعالى : (
إنها بقرة لا ذلول ) ليست بمذللة بالعمل ثم استأنف فقال : (
تثير الأرض ) أي : يعمل عليها بالحراثة لكنها لا تسقي الحرث ، وهذا ضعيف ؛ لأنه فسر الذلول التي لم تذلل بالعمل بأنها لا تثير الأرض ولا تسقي الحرث كذا قرره
القرطبي وغيره ]
[ ص: 301 ]
(
قالوا الآن جئت بالحق ) قال
قتادة : الآن بينت لنا ، وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : وقبل ذلك والله قد جاءهم الحق .
(
فذبحوها وما كادوا يفعلون ) قال
الضحاك ، عن
ابن عباس : كادوا ألا يفعلوا ، ولم يكن ذلك الذي أرادوا ، لأنهم أرادوا ألا يذبحوها .
يعني أنهم مع هذا البيان وهذه الأسئلة ، والأجوبة ، والإيضاح ما ذبحوها إلا بعد الجهد ، وفي هذا ذم لهم ، وذلك أنه لم يكن غرضهم إلا التعنت ، فلهذا ما كادوا يذبحونها .
وقال
محمد بن كعب ،
ومحمد بن قيس : (
فذبحوها وما كادوا يفعلون ) لكثرة ثمنها .
وفي هذا نظر ; لأن كثرة ثمنها لم يثبت إلا من نقل
بني إسرائيل ، كما تقدم من حكاية
أبي العالية nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، ورواه
العوفي عن
ابن عباس . وقال
عبيدة ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إنهم اشتروها بمال كثير وفيه اختلاف ، ثم قد قيل في ثمنها غير ذلك . وقال
عبد الرزاق : أنبأنا
ابن عيينة ، أخبرني
محمد بن سوقة ، عن
عكرمة ، قال : ما كان ثمنها إلا ثلاثة دنانير وهذا إسناد جيد عن
عكرمة ، والظاهر أنه نقله عن أهل الكتاب أيضا .
وقال
ابن جرير : وقال آخرون : لم يكادوا أن يفعلوا ذلك خوف الفضيحة ، إن اطلع الله على قاتل القتيل الذي اختصموا فيه .
ولم يسنده عن أحد ، ثم اختار أن الصواب في ذلك أنهم لم يكادوا يفعلوا ذلك لغلاء ثمنها ، وللفضيحة . وفي هذا نظر ، بل الصواب والله أعلم ما تقدم من رواية
الضحاك ، عن
ابن عباس ، على ما وجهناه . وبالله التوفيق .
مسألة : استدل بهذه الآية في حصر صفات هذه البقرة حتى تعينت أو تم تقييدها بعد الإطلاق على صحة
السلم في الحيوان كما هو مذهب
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد وجمهور العلماء سلفا وخلفا بدليل ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820268 " لا تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها " . وكما وصف النبي صلى الله عليه وسلم إبل الدية في قتل الخطأ وشبه العمد بالصفات المذكورة بالحديث ، وقال
أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري والكوفيون : لا يصح السلم في الحيوان لأنه لا تنضبط أحواله ، وحكى مثله عن
ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة بن اليمان nindex.php?page=showalam&ids=77وعبد الرحمن بن سمرة وغيرهم .