[ ص: 70 ] (
ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا إن ( 29 )
إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا ( 30 ) ) .
يقول تعالى آمرا
بالاقتصاد في العيش ذاما للبخل ناهيا عن السرف (
ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ) أي لا تكن بخيلا منوعا لا تعطي أحدا شيئا كما قالت اليهود عليهم لعائن الله (
يد الله مغلولة ) [ المائدة 64 ] أي نسبوه إلى البخل تعالى وتقدس الكريم الوهاب
وقوله : (
ولا تبسطها كل البسط ) أي ولا تسرف في الإنفاق فتعطي فوق طاقتك وتخرج أكثر من دخلك فتقعد ملوما محسورا
وهذا من باب اللف والنشر أي فتقعد إن بخلت ملوما يلومك الناس ويذمونك ويستغنون عنك كما قال
زهير بن أبي سلمى في المعلقة
ومن كان ذا مال ويبخل بماله على قومه يستغن عنه ويذمم
ومتى بسطت يدك فوق طاقتك قعدت بلا شيء تنفقه فتكون كالحسير ، وهو الدابة التي قد عجزت عن السير فوقفت ضعفا وعجزا فإنها تسمى الحسير وهو مأخوذ من الكلال كما قال تعالى : (
فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ) [ الملك 3 ، 4 ] أي كليل عن أن يرى عيبا هكذا فسر هذه الآية بأن المراد هنا البخل والسرف
ابن عباس والحسن وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج وابن زيد وغيرهم
وقد جاء في الصحيحين من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501214مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثدييهما إلى تراقيهما فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت أو : وفرت على جلده حتى تخفي بنانه وتعفو أثره وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزقت كل حلقة مكانها فهو يوسعها فلا تتسع
هذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الزكاة .
وفي الصحيحين من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن زوجته
فاطمة بنت المنذر عن جدتها
أسماء بنت أبي بكر قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501215أنفقي هكذا وهكذا وهكذا ولا توعي فيوعي الله عليك ولا توكي فيوكي الله عليك وفي لفظ ولا تحصي فيحصي الله عليك "
وفي صحيح
مسلم من طريق
عبد الرزاق عن
معمر عن
همام عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501216إن الله قال لي أنفق أنفق عليك .
وفي الصحيحين من طريق
معاوية بن أبي مزرد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11839سعيد بن يسار عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي
[ ص: 71 ] الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501217ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان من السماء يقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا "
وروى
مسلم عن
قتيبة عن
إسماعيل بن جعفر عن
العلاء عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501218ما نقص مال من صدقة وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ومن تواضع لله رفعه الله وفي حديث
أبي كثير عن
عبد الله بن عمرو مرفوعا
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501219إياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالفجور ففجروا "
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق
سعدان بن نصر عن
أبي معاوية عن
الأعمش عن
ابن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501220ما يخرج رجل صدقة حتى يفك لحيي سبعين شيطانا وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد حدثنا
أبو عبيدة الحداد حدثنا
سكين بن عبد العزيز حدثنا
إبراهيم الهجري عن
أبي الأحوص عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501221ما عال من اقتصد "
وقوله تعالى ] (
إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) إخبار أنه تعالى هو الرزاق القابض الباسط المتصرف في خلقه بما يشاء فيغني من يشاء ويفقر من يشاء بما له في ذلك من الحكمة ولهذا قال : (
إنه كان بعباده خبيرا بصيرا ) أي خبير بصير بمن يستحق الغنى ومن يستحق الفقر ، كما جاء في الحديث
إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه وإن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه
وقد يكون الغنى في حق بعض الناس استدراجا والفقر عقوبة عياذا بالله من هذا وهذا