(
أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ( 78 )
ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ( 79 ) ) .
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم آمرا له بإقامة الصلوات المكتوبات في أوقاتها : (
أقم الصلاة لدلوك الشمس ) قيل لغروبها . قاله
ابن مسعود ،
ومجاهد ،
وابن زيد .
وقال
هشيم ، عن
مغيرة ، عن
الشعبي ، عن
ابن عباس : " دلوكها " : زوالها . ورواه
نافع ، عن
ابن عمر . ورواه
مالك في تفسيره ، عن
الزهري ، عن
ابن عمر . وقاله
أبو برزة الأسلمي وهو رواية أيضا عن
ابن مسعود .
ومجاهد . وبه قال
الحسن ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=11958وأبو جعفر الباقر ،
وقتادة . واختاره
ابن جرير ، ومما استشهد عليه ما رواه عن
ابن حميد ، عن
الحكم بن بشير ، حدثنا
عمرو بن قيس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، [ عن رجل ] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : دعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن شاء من أصحابه فطعموا عندي ، ثم خرجوا حين زالت الشمس ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " اخرج يا أبا بكر ، فهذا حين دلكت الشمس " .
[ ص: 102 ]
ثم رواه عن
سهل بن بكار ، عن
أبي عوانة ، عن
الأسود بن قيس ، عن
نبيح العنزي ، عن
جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نحوه . فعلى هذا تكون هذه الآية دخل فيها أوقات الصلاة الخمسة فمن قوله : (
لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) وهو : ظلامه ، وقيل : غروب الشمس ، أخذ منه الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وقوله [ تعالى ] : (
وقرآن الفجر ) يعني صلاة الفجر .
وقد ثبتت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواترا من أفعاله وأقواله بتفاصيل هذه الأوقات ، على ما عليه عمل أهل الإسلام اليوم ، مما تلقوه خلفا عن سلف ، وقرنا بعد قرن ، كما هو مقرر في مواضعه ، ولله الحمد .
(
إن قرآن الفجر كان مشهودا ) قال
الأعمش ، عن
إبراهيم ، عن
ابن مسعود - وعن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه -
nindex.php?page=hadith&LINKID=821883عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية : ( إن قرآن الفجر كان مشهودا ) قال : " تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
عبد الله بن محمد ، حدثنا
عبد الرزاق ، أخبرنا
معمر ، عن
الزهري ، عن
أبي سلمة -
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821884 " فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة ، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر " . ويقول أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
أسباط ، حدثنا
الأعمش ، عن
إبراهيم ، عن
ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - وحدثنا
الأعمش ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : (
وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821885 " تشهده ملائكة الليل ، وملائكة النهار " .
ورواه
الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، ثلاثتهم عن
عبيد بن أسباط بن محمد ، عن أبيه ، به وقال
الترمذي : حسن صحيح .
وفي لفظ في الصحيحين ، من طريق
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821886 " يتعاقبون فيكم ملائكة الليل وملائكة النهار ، ويجتمعون في صلاة الصبح وفي صلاة العصر ، فيعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم - وهو أعلم بكم - كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون ، وتركناهم وهم يصلون " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : يجتمع الحرسان في صلاة الفجر ، فيصعد هؤلاء ويقيم هؤلاء .
[ ص: 103 ] وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ،
ومجاهد ،
وقتادة ، وغير واحد في تفسير هذه الآية .
وأما الحديث الذي رواه
ابن جرير هاهنا - من حديث
الليث بن سعد ، عن
زيادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ، عن
فضالة بن عبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر حديث النزول وأنه تعالى يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825648 " من يستغفرني أغفر له ، من يسألني أعطه ، من يدعني فأستجيب له حتى يطلع الفجر " . فلذلك يقول : (
وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) فيشهده الله ، وملائكة الليل ، وملائكة النهار - فإنه تفرد به زيادة ، وله بهذا حديث في سنن
أبي داود .
وقوله : (
ومن الليل فتهجد به نافلة لك ) أمر له بقيام الليل بعد المكتوبة ، كما ورد في صحيح
مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=821887عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل : أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة ؟ قال : " صلاة الليل " .
ولهذا أمر تعالى رسوله بعد المكتوبات بقيام الليل ، فإن التهجد : ما كان بعد نوم ؛ قاله
علقمة ،
والأسود nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ، وغير واحد وهو المعروف في لغة العرب . وكذلك ثبتت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان يتهجد بعد نومه ، عن
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ، وغير واحد من الصحابة ، رضي الله عنهم ، كما هو مبسوط في موضعه ، ولله الحمد والمنة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : هو ما كان بعد العشاء . ويحمل على ما بعد النوم .
واختلف في معنى قوله : ( نافلة لك ) فقيل : معناه أنك مخصوص بوجوب ذلك وحدك ، فجعلوا قيام الليل واجبا في حقه دون الأمة . رواه
العوفي عن
ابن عباس ، وهو أحد قولي العلماء ، وأحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، رحمه الله ، واختاره
ابن جرير .
وقيل : إنما جعل قيام الليل في حقه نافلة على الخصوص ؛ لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وغيره من أمته إنما يكفر عنه صلواته النوافل الذنوب التي عليه ؛ قاله
مجاهد ، وهو في المسند عن
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة الباهلي ، رضي الله عنه .
وقوله : (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) أي : افعل هذا الذي أمرتك به ، لنقيمك يوم القيامة مقاما يحسدك فيه الخلائق كلهم وخالقهم ، تبارك وتعالى .
قال
ابن جرير : قال أكثر أهل التأويل : ذلك هو المقام الذي يقومه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس ، ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم .
ذكر من قال ذلك : حدثنا
ابن بشار ، حدثنا
عبد الرحمن ، حدثنا
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
[ ص: 104 ] nindex.php?page=showalam&ids=16238صلة بن زفر ، عن
حذيفة قال : يجمع الناس في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ، حفاة عراة كما خلقوا قياما ، لا تكلم نفس إلا بإذنه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=825649ينادى : يا محمد ، فيقول : " لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشر ليس إليك ، والمهدي من هديت ، وعبدك بين يديك ، وبك وإليك ، لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك رب البيت " . فهذا المقام المحمود الذي ذكره الله عز وجل .
ثم رواه عن
بندار ، عن
غندر ، عن
شعبة ، عن
أبي إسحاق ، به . وكذا رواه
عبد الرزاق عن
معمر nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، عن
أبي إسحاق ، به .
وقال
ابن عباس : هذا المقام المحمود مقام الشفاعة . وكذا قال
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد . وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري .
وقال
قتادة : هو
أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع ، وكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود الذي قال الله : (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )
قلت : لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما تشريفات [ يوم القيامة ] لا يشركه فيها أحد ، وتشريفات لا يساويه فيها أحد ؛ فهو أول من تنشق عنه الأرض ويبعث راكبا إلى المحشر ، وله اللواء الذي آدم فمن دونه تحت لوائه ، وله الحوض الذي ليس في الموقف أكثر واردا منه ، وله الشفاعة العظمى عند الله ليأتي لفصل القضاء بين الخلائق ، وذلك بعدما يسأل الناس
آدم ثم
نوحا ثم
إبراهيم ثم
موسى ثم
عيسى ، فكل يقول : " لست لها " حتى يأتوا إلى
محمد صلى الله عليه وسلم فيقول : " أنا لها ، أنا لها " كما سنذكر ذلك مفصلا في هذا الموضع ، إن شاء الله تعالى . ومن ذلك أنه يشفع في أقوام قد أمر بهم إلى النار ، فيردون عنها . وهو أول الأنبياء يقضى بين أمته ، وأولهم إجازة على الصراط بأمته . وهو أول شفيع في الجنة ، كما ثبت في صحيح مسلم . وفي حديث الصور : إن المؤمنين كلهم لا يدخلون الجنة إلا بشفاعته وهو أول داخل إليها وأمته قبل الأمم كلهم . ويشفع في رفع درجات أقوام لا تبلغها أعمالهم . وهو صاحب الوسيلة التي هي أعلى منزلة في الجنة ، لا تليق إلا له . وإذا أذن الله تعالى في الشفاعة للعصاة شفع الملائكة والنبيون والمؤمنون ، فيشفع هو في خلائق لا يعلم عدتهم إلا الله ، ولا يشفع أحد مثله ولا يساويه في ذلك . وقد بسطت ذلك مستقصى في آخر كتاب " السيرة " في باب الخصائص ، ولله الحمد والمنة .
[ ص: 105 ]
ولنذكر الآن الأحاديث الواردة في المقام المحمود ، وبالله المستعان :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
إسماعيل بن أبان ، حدثنا
أبو الأحوص ، عن
آدم بن علي ، سمعت
ابن عمر [ يقول ] : إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا ، كل أمة تتبع نبيها ، يقولون : يا فلان اشفع ، يا فلان اشفع حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذلك يوم يبعثه الله مقاما محمودا .
ورواه
حمزة بن عبد الله ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال
ابن جرير : حدثني
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا
شعيب بن الليث ، حدثني
الليث ، عن
عبيد الله بن أبي جعفر أنه قال : سمعت
حمزة بن عبد الله بن عمر يقول : سمعت
عبد الله بن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=821888 " إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن ، فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ، فيقول : لست صاحب ذلك ، ثم بموسى فيقول كذلك ، ثم بمحمد فيشفع بين الخلق ، فيمشي حتى يأخذ بحلقة باب الجنة ، فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا " . [ يحمده أهل الجنة كلهم ] .
وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " الزكاة " عن
يحيى بن بكير ،
وعبد الله بن صالح ، كلاهما عن
الليث بن سعد ، به ، وزاد
nindex.php?page=hadith&LINKID=821889 " فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا ، يحمده أهل الجمع كلهم " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16633علي بن عياش ، حدثنا
شعيب بن أبي حمزة ، عن
محمد بن المنكدر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821890 " من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، حلت له شفاعتي يوم القيامة " . انفرد به دون
مسلم .
حديث
أبي :
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
أبو عامر الأزدي ، حدثنا
زهير بن محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن
الطفيل بن أبي بن كعب ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825651 " إذا كان يوم القيامة ، كنت إمام الأنبياء وخطيبهم ، وصاحب شفاعتهم غير فخر " .
وأخرجه الترمذي ، من حديث أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، وقال : " حسن صحيح " .
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل به . وقد قدمنا في حديث : "
أبي بن كعب " في قراءة القرآن على سبعة أحرف ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخره :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821891 " فقلت : اللهم ، اغفر لأمتي ، اللهم اغفر لأمتي ، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي فيه الخلق ، حتى إبراهيم عليه السلام " .
[ ص: 106 ]
حديث
أنس بن مالك :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
يحيى بن سعيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، حدثنا
قتادة ، عن
أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821892 " يجتمع المؤمنون يوم القيامة ، فيلهمون ذلك فيقولون : لو استشفعنا إلى ربنا ، فأراحنا من مكاننا هذا . فيأتون آدم فيقولون : يا آدم ، أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء ، فاشفع لنا إلى ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا . فيقول لهم آدم : لست هناكم ، ويذكر ذنبه الذي أصاب ، فيستحيي ربه - عز وجل - من ذلك ، ويقول : ولكن ائتوا نوحا ، فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض . فيأتون نوحا فيقول : لست هناكم ، ويذكر خطيئة سؤاله ربه ما ليس له به علم ، فيستحيي ربه من ذلك ، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن . فيأتونه فيقول : لست هناكم ، ولكن ائتوا موسى ، عبدا كلمه الله ، وأعطاه التوراة . فيأتون موسى فيقول : لست هناكم ، ويذكر لهم النفس التي قتل بغير نفس فيستحيي ربه من ذلك ، ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته وروحه ، فيأتون عيسى فيقول : لست هناكم ، ولكن ائتوا محمدا عبدا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني " . قال الحسن هذا الحرف : " فأقوم فأمشي بين سماطين من المؤمنين " . قال أنس : " حتى أستأذن على ربي ، فإذا رأيت ربي وقعت له - أو : خررت - ساجدا لربي ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني " . قال : " ثم يقال : ارفع محمد ، قل يسمع ، واشفع تشفع ، وسل تعطه . فأرفع رأسي ، فأحمده بتحميد يعلمنيه ، ثم أشفع فيحد لي حدا ، فأدخلهم الجنة " : " ثم أعود إليه الثانية ، فإذا رأيت ربي وقعت - أو : خررت - ساجدا لربي ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني . ثم يقال : ارفع محمد ، قل يسمع ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه ، ثم أشفع فيحد لي حدا ، فأدخلهم الجنة ، ثم أعود في الثالثة ؛ فإذا رأيت ربي وقعت - أو : خررت - ساجدا لربي ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني ، ثم يقال : ارفع محمد ، قل يسمع ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة . ثم أعود الرابعة فأقول : يا رب ، ما بقي إلا من حبسه القرآن " . فحدثنا
أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821893 " فيخرج من النار من قال : " لا إله إلا الله " وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، ثم يخرج من النار من قال : " لا إله إلا الله " وكان في قلبه من الخير ما يزن برة ثم يخرج من النار من قال : " لا إله إلا الله " وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة " .
أخرجاه [ في الصحيح ] من حديث
سعيد ، به وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، عن
عفان ، عن
حماد بن سلمة ، عن
ثابت ، عن
أنس بطوله .
[ ص: 107 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
يونس بن محمد ، حدثنا
حرب بن ميمون أبو الخطاب الأنصاري ، عن
النضر بن أنس ، عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821894حدثني نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " إني لقائم أنتظر أمتي تعبر الصراط ، إذ جاءني عيسى ، عليه السلام ، فقال : هذه الأنبياء قد جاءتك يا محمد يسألون - أو قال : يجتمعون إليك - ويدعون الله أن يفرق بين جميع الأمم إلى حيث يشاء الله ، لغم ما هم فيه ، فالخلق ملجمون بالعرق ، فأما المؤمن فهو عليه كالزكمة ، وأما الكافر فيغشاه الموت ، فقال : انتظر حتى أرجع إليك . فذهب نبي الله صلى الله عليه وسلم فقام تحت العرش ، فلقي ما لم يلق ملك مصطفى ولا نبي مرسل . فأوحى الله - عز وجل - إلى جبريل : أن اذهب إلى محمد ، وقل له : ارفع رأسك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فشفعت في أمتي : أن أخرج من كل تسعة وتسعين إنسانا واحدا . فما زلت أتردد إلى ربي - عز وجل - فلا أقوم منه مقاما إلا شفعت ، حتى أعطاني الله من ذلك ، أن قال : يا محمد ، أدخل [ من أمتك ] من خلق الله - عز وجل - من شهد أن لا إله إلا الله يوما واحدا مخلصا ومات على ذلك " .
حديث
بريدة ، رضي الله عنه :
قال
الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16081الأسود بن عامر ، أخبرنا
أبو إسرائيل ، عن
الحارث بن حصيرة ، عن
ابن بريدة ، عن أبيه : أنه دخل على
معاوية ، فإذا رجل يتكلم ، فقال
بريدة : يا
معاوية ، تأذن لي في الكلام ؟ فقال : نعم - وهو يرى أنه يتكلم بمثل ما قال الآخر - فقال
بريدة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821895 " إني لأرجو أن أشفع يوم القيامة عدد ما على الأرض من شجرة ومدرة " . قال : فترجوها أنت
يا معاوية ، ولا يرجوها
علي ، رضي الله عنه ؟ ! .
حديث
ابن مسعود :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16272عارم بن الفضل ، حدثنا
سعيد بن زيد ، حدثنا
علي بن الحكم البناني ، عن
عثمان ، عن
إبراهيم ، عن
علقمة والأسود ، عن
ابن مسعود قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821896جاء ابنا مليكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا : إن أمنا [ كانت ] تكرم الزوج ، وتعطف على الولد - قال : وذكر الضيف - غير أنها كانت وأدت في الجاهلية ؟ فقال : " أمكما في النار " . قال : فأدبرا والسوء يرى في وجوههما ، فأمر بهما فردا ، فرجعا والسرور يرى في وجوههما ؛ رجاء أن يكون قد حدث شيء ، فقال : " أمي مع أمكما " . فقال رجل من المنافقين : وما يغني هذا عن أمه شيئا! ونحن نطأ عقبيه . فقال رجل من الأنصار - ولم أر رجلا قط أكثر سؤالا منه - : يا رسول الله ، هل وعدك ربك فيها أو فيهما ؟ . قال : فظن أنه من شيء قد سمعه ، فقال : " ما شاء الله ربي وما أطمعني فيه ، وإني لأقوم المقام المحمود يوم القيامة " . فقال الأنصاري : يا رسول الله ، وما ذاك المقام المحمود ؟ قال : " ذاك إذا [ ص: 108 ] جيء بكم حفاة عراة غرلا فيكون أول من يكسى إبراهيم ، عليه السلام ، فيقول : اكسوا خليلي . فيؤتى بريطتين بيضاوين ، فيلبسهما ثم يقعده مستقبل العرش ، ثم أوتى بكسوتي فألبسها ، فأقوم عن يمينه مقاما لا يقومه أحد ، فيغبطني فيه الأولون والآخرون . ويفتح نهر من الكوثر إلى الحوض " . فقال المنافقون : إنه ما جرى ماء قط إلا على حال أو رضراض . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " حاله المسك ، ورضراضه التوم " . [ قال المنافق : لم أسمع كاليوم . قلما جرى ماء قط على حال أو رضراض ، إلا كان له نبتة . فقال الأنصاري : يا رسول الله ، هل له نبت ؟ قال " نعم ، قضبان الذهب " ] . قال المنافق : لم أسمع كاليوم ، فإنه قلما ينبت قضيب إلا أورق ، وإلا كان له ثمر! قال الأنصاري : يا رسول الله ، هل له ثمرة ؟ قال : " نعم ، ألوان الجوهر ، وماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، من شرب منه شربة لا يظمأ بعده ، ومن حرمه لم يرو بعده " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي : حدثنا
يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن
أبي الزعراء ، عن
عبد الله قال : ثم يأذن الله - عز وجل - في الشفاعة ، فيقوم
روح القدس جبريل ، ثم يقوم
إبراهيم خليل الله ، ثم يقوم
عيسى أو
موسى - قال
أبو الزعراء : لا أدري أيهما - قال : ثم يقوم نبيكم صلى الله عليه وسلم رابعا ، فيشفع لا يشفع أحد بعده أكثر مما شفع ، وهو المقام المحمود الذي قال الله عز وجل : (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) .
حديث
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك ، رضي الله عنه :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
يزيد بن عبد ربه ، حدثنا
محمد بن حرب ، حدثنا
الزبيدي ، عن
الزهري ، عن
عبد الرحمن بن عبد الله [ بن كعب ] بن مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821897 " يبعث الناس يوم القيامة ، فأكون أنا وأمتي على تل ، ويكسوني ربي - عز وجل - حلة خضراء ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول ، فذلك المقام المحمود " .
حديث
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ، رضي الله عنه :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
حسن ، حدثنا
ابن لهيعة ، حدثنا
يزيد بن أبي حبيب ، عن
عبد الرحمن بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820615 " أنا أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة ، وأنا أول من يؤذن له أن يرفع رأسه ، فأنظر إلى ما بين يدي ، فأعرف أمتي من بين الأمم ، ومن خلفي مثل ذلك ، وعن يميني مثل ذلك ، وعن شمالي مثل ذلك " . فقال رجل : يا رسول الله ، كيف تعرف أمتك من بين الأمم ، فيما بين نوح إلى أمتك ؟ قال : " هم غر محجلون ، من أثر الوضوء ، ليس أحد كذلك غيرهم ، وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم ، وأعرفهم تسعى بين أيديهم ذريتهم " .
[ ص: 109 ]
حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، رضي الله عنه :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، رحمه الله : حدثنا
يحيى بن سعيد ، حدثنا
أبو حيان ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12007أبو زرعة بن عمرو بن جرير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821898أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم ، فرفع إليه الذراع - وكانت تعجبه - فنهس منها نهسة ، ثم قال : " أنا سيد الناس يوم القيامة ، وهل تدرون مم ذاك ؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ، وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون . فيقول بعض الناس لبعض : [ ألا ترون إلى ما أنتم فيه ؟ ألا ترون إلى ما قد بلغكم ؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم عز وجل ؟ فيقول بعض الناس لبعض ] : أبوكم آدم ! .
فيأتون آدم ، فيقولون : يا آدم ، أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ؛ فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول آدم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته ، نفسي ، نفسي ، نفسي! اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى نوح .
فيأتون نوحا فيقولون : يا نوح ، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض ، وسماك الله عبدا شكورا ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول نوح : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه كانت لي دعوة على قومي ، نفسي ، نفسي ، نفسي! اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى إبراهيم .
فيأتون إبراهيم فيقولون : يا إبراهيم ، أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض ، [ اشفع لنا إلى ربك ] ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، فذكر كذباته نفسي ، نفسي ، نفسي [ اذهبوا إلى غيري ] اذهبوا إلى موسى .
فيأتون موسى فيقولون : يا موسى ، أنت رسول الله ، اصطفاك الله برسالاته وبكلامه على الناس ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم موسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإني قتلت نفسا لم أومر بقتلها ، نفسي ، نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى عيسى .
فيأتون عيسى فيقولون : يا عيسى ، أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه - قال : هكذا هو - وكلمت الناس في المهد ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم عيسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، ولم يذكر ذنبا ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى محمد . [ ص: 110 ]
فيأتوني فيقولون : يا محمد ، أنت رسول الله ، وخاتم الأنبياء ، غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فأقوم فآتي تحت العرش ، فأقع ساجدا لربي - عز وجل - ثم يفتح الله علي ، ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه ما لم يفتحه على أحد قبلي . فيقال : يا محمد ، ارفع رأسك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فأقول : يا رب ، أمتي أمتي ، يا رب أمتي أمتي ، يا رب ، أمتي أمتي! فيقال : يا محمد : أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة ، وهم شركاء الناس فيما سواه من الأبواب " . ثم قال : " والذي نفس محمد بيده لما بين مصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر ، أو كما بين مكة وبصرى " . أخرجاه في الصحيحين .
وقال
مسلم ، رحمه الله : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14153الحكم بن موسى ، حدثنا
هقل بن زياد ، عن
الأوزاعي ، حدثني
أبو عمار ، حدثني
عبد الله بن فروخ ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820615 " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر ، وأول شافع ، وأول مشفع " .
وقال
ابن جرير : حدثنا
أبو كريب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
داود بن يزيد الزعافري ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=821899قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) ، سئل عنها فقال : " هي الشفاعة " .
رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع وعن
محمد بن عبيد ، عن
داود ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821900 " هو المقام الذي أشفع لأمتي فيه " .
وقال
عبد الرزاق : أخبرنا
معمر ، عن
الزهري ، عن
علي بن الحسين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825652 " إذا كان يوم القيامة ، مد الله الأرض مد الأديم ، حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدمه . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فأكون أول من يدعى ، وجبريل عن يمين الرحمن ، والله ما رآه قبلها ، فأقول : رب ، إن هذا أخبرني أنك أرسلته إلي . فيقول الله تبارك وتعالى : صدق ، ثم أشفع . فأقول : يا رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض " ، قال : " فهو المقام المحمود " ، وهذا حديث مرسل .