[ ص: 117 ] (
ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا ( 86 )
إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا ( 87 )
قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ( 88 )
ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا ( 89 ) ) .
يذكر تعالى نعمته وفضله العظيم على عبده ورسوله الكريم ، فيما أوحاه إليه من القرآن المجيد ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد .
قال
ابن مسعود ، رضي الله عنه : يطرق الناس ريح حمراء - يعني في آخر الزمان - من قبل
الشام ، فلا يبقى في مصحف رجل ولا في قلبه آية ، ثم قرأ
ابن مسعود : (
ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ) الآية .
ثم نبه تعالى على شرف هذا القرآن العظيم ، فأخبر أنه
لو اجتمعت الإنس والجن كلهم ، واتفقوا على أن يأتوا بمثل ما أنزله على رسوله ، لما أطاقوا ذلك ولما استطاعوه ، ولو تعاونوا وتساعدوا وتظافروا ، فإن هذا أمر لا يستطاع ، وكيف يشبه كلام المخلوقين كلام الخالق ، الذي لا نظير له ، ولا مثال له ، ولا عديل له ؟ !
وقد روى
محمد بن إسحاق عن
محمد بن أبي محمد ، عن
سعيد [ بن جبير ] أو عكرمة ، عن
ابن عباس : إن هذه الآية نزلت في نفر من اليهود ، جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له : إنا نأتيك بمثل ما جئتنا به ، فأنزل الله هذه الآية .
وفي هذا نظر ؛ لأن هذه السورة مكية ، وسياقها كله مع قريش ، واليهود إنما اجتمعوا به في المدينة . فالله أعلم .
وقوله : (
ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ) أي : بينا لهم الحجج والبراهين القاطعة ، ووضحنا لهم الحق وشرحناه وبسطناه ، ومع هذا (
فأبى أكثر الناس إلا كفورا ) أي : جحودا وردا للصواب .