[ ص: 132 ] [ ص: 133 ]
[ بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ] تفسير سورة الكهف وهي مكية .
ذكر ما ورد في
فضلها ، والعشر الآيات من أولها وآخرها ، وأنها عصمة من الدجال :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
محمد بن جعفر ، حدثنا
شعبة ، عن
أبي إسحاق قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821911سمعت البراء يقول : قرأ رجل الكهف ، وفي الدار دابة ، فجعلت تنفر ، فنظر فإذا ضبابة - أو : سحابة - قد غشيته ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : " اقرأ فلان ، فإنها السكينة تنزلت عند القرآن ، أو تنزلت للقرآن " .
أخرجاه في الصحيحين ، من حديث
شعبة ، به . وهذا الرجل الذي كان يتلوها هو :
أسيد بن الحضير ، كما تقدم في تفسير البقرة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
يزيد ، أخبرنا
همام بن يحيى ، عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد ، عن
معدان بن أبي طلحة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821912 " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف ، عصم من الدجال " .
رواه
مسلم ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث
قتادة به . ولفظ
الترمذي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825663 " من حفظ الثلاث الآيات من أول الكهف " وقال : حسن صحيح .
طريق أخرى : قال
] الإمام [ أحمد : حدثنا
حجاج ، حدثنا
شعبة ، عن
قتادة سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد يحدث عن
معدان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825664 " من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال " .
ورواه
مسلم أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، من حديث
قتادة ، به . وفي لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821913 " من قرأ عشر آيات من الكهف " ، فذكره .
حديث آخر : وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في " اليوم والليلة " عن
محمد بن عبد الأعلى ، عن
خالد ، عن
شعبة ، عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد ، عن
ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825665 " من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف ، فإنه عصمة له من الدجال " .
فيحتمل أن
سالما سمعه من
ثوبان ومن
[ ص: 134 ] nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
حسن ، حدثنا
ابن لهيعة ، حدثنا
زبان بن فايد عن
سهل بن معاذ بن
أنس الجهني ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821914 " من قرأ أول سورة الكهف وآخرها ، كانت له نورا من قدمه إلى رأسه ، ومن قرأها كلها كانت له نورا ما بين الأرض إلى السماء " انفرد به
أحمد ولم يخرجوه
وروى
الحافظ أبو بكر بن مردويه [ في تفسيره ] بإسناد له غريب ، عن
خالد بن سعيد بن أبي مريم ، عن
نافع ، عن
ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة ، سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء ، يضيء له يوم القيامة ، وغفر له ما بين الجمعتين " .
وهذا الحديث في رفعه نظر ، وأحسن أحواله الوقف .
وهكذا روى الإمام : "
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور " في سننه ، عن
هشيم بن بشير ، عن
أبي هاشم ، عن
أبي مجلز ، عن
قيس بن عباد عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821915من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة ، أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق .
هكذا وقع موقوفا ، وكذا رواه
الثوري ، عن
أبي هاشم ، به من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري .
وقد أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في مستدركه عن
أبي بكر محمد بن المؤمل ، حدثنا
الفضيل بن محمد الشعراني ، حدثنا
نعيم بن حماد ، حدثنا
هشيم ، حدثنا
أبو هاشم ، عن
أبي مجلز ، عن
قيس بن عباد ، عن
أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821916 " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة ، أضاء له من النور ما بينه وبين الجمعتين " ، ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .
وهكذا رواه الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13933أبو بكر البيهقي في سننه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم ، ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=17330يحيى بن كثير ، عن
شعبة ، عن
أبي هاشم بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825667 " من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت [ ص: 135 ] له نورا يوم القيامة " . [ والله أعلم ] .
وفي " المختارة "
nindex.php?page=showalam&ids=14679للحافظ الضياء المقدسي من حديث
عبد الله بن مصعب بن منظور بن زيد بن خالد الجهني ، عن
علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي مرفوعا :
" من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة ، فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة ، وإن خرج الدجال عصم منه " بسم الله الرحمن الرحيم [ رب وفقني ]
(
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ( 1 )
قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ( 2 )
ماكثين فيه أبدا ( 3 )
وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ( 4 )
ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ( 5 ) ) .
قد تقدم في أول التفسير أنه تعالى يحمد نفسه المقدسة عند فواتح الأمور وخواتيمها ، فإنه المحمود على كل حال ، وله الحمد في الأولى والآخرة ؛ ولهذا حمد نفسه على إنزاله كتابه العزيز على رسوله الكريم
محمد صلوات الله وسلامه عليه ، فإنه أعظم نعمة أنعمها الله على أهل الأرض ؛ إذ أخرجهم به من الظلمات إلى النور ، حيث جعله كتابا مستقيما لا اعوجاج فيه ولا زيغ ، بل يهدي إلى صراط مستقيم ، بينا واضحا جليا نذيرا للكافرين وبشيرا للمؤمنين ؛ ولهذا قال : (
ولم يجعل له عوجا ) أي : لم يجعل فيه اعوجاجا ولا زيغا ولا ميلا بل جعله معتدلا مستقيما ؛ ولهذا قال : ( قيما ) أي : مستقيما .
(
لينذر بأسا شديدا من لدنه ) أي : لمن خالفه وكذبه ولم يؤمن به ، ينذره بأسا شديدا ، عقوبة عاجلة في الدنيا وآجلة في الآخرة ) من لدنه ) أي : من عند الله الذي لا يعذب عذابه أحد ، ولا يوثق وثاقه أحد .
( ويبشر المؤمنين ) أي : بهذا القرآن الذين صدقوا إيمانهم بالعمل الصالح ) أن لهم أجرا حسنا ) أي مثوبة عند الله جميلة
( ماكثين فيه ) في ثوابهم عند الله ، وهو الجنة ، خالدين فيه ) أبدا ) دائما لا زوال له ولا انقضاء .
(
وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ) قال
ابن إسحاق : وهم مشركو العرب في قولهم : نحن
[ ص: 136 ] نعبد الملائكة ، وهم بنات الله .
( ما لهم به من علم ) أي : بهذا القول الذي افتروه وائتفكوه من علم ) ولا لآبائهم ) أي : أسلافهم .
( كبرت كلمة ) : نصب على التمييز ، تقديره : كبرت كلمتهم هذه كلمة .
وقيل : على التعجب ، تقديره : أعظم بكلمتهم كلمة ، كما تقول : أكرم بزيد رجلا ؛ قاله بعض
البصريين . وقرأ ذلك بعض قراء مكة : " كبرت كلمة " كما يقال : عظم قولك ، وكبر شأنك .
والمعنى على قراءة الجمهور أظهر ؛ فإن هذا تبشيع لمقالتهم واستعظام لإفكهم ؛ ولهذا قال : (
كبرت كلمة تخرج من أفواههم ) أي : ليس لها مستند سوى قولهم ، ولا دليل لهم عليها إلا كذبهم وافتراؤهم ؛ ولهذا قال : ( إن يقولون إلا كذبا ) .
وقد ذكر
محمد بن إسحاق سبب نزول هذه السورة الكريمة ، فقال : حدثني شيخ من أهل مصر قدم علينا منذ بضع وأربعين سنة ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال :
بعثت قريش النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط ، إلى أحبار يهود بالمدينة ، فقالوا لهم : سلوهم عن محمد ، وصفوا لهم صفته ، وأخبروهم بقوله ؛ فإنهم أهل الكتاب الأول ، وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء . فخرجا حتى قدما المدينة ، فسألوا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووصفوا لهم أمره وبعض قوله ، وقالا إنكم أهل التوراة ، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا . قال : فقالت لهم : سلوه عن ثلاث نأمركم بهن ، فإن أخبركم بهن ، فهو نبي مرسل ، وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم : سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ، ما كان من أمرهم ؟ فإنهم قد كان لهم حديث عجيب . وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، ما كان نبؤه ؟ [ وسلوه عن الروح ، ما هو ؟ ] فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه ، وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول ، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم .
فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش ، فقالا : يا معشر قريش ، قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد ، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور ، فأخبروهم بها ، فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد ، أخبرنا : فسألوه عما أمروهم به ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أخبركم غدا بما سألتم عنه " . ولم يستثن ، فانصرفوا عنه ، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة ، لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا ، ولا يأتيه جبريل ، عليه السلام ، حتى أرجف أهل مكة وقالوا : وعدنا محمد غدا ، واليوم خمس عشرة قد أصبحنا فيها ، لا يخبرنا بشيء عما سألناه عنه . وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه ، وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ، ثم جاءه جبريل ، عليه السلام ، من عند الله - عز وجل - بسورة أصحاب الكهف ، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم ، وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف ، وقول الله عز وجل : ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) [ الإسراء : 85 ]