[ ص: 138 ] (
أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ( 9 )
إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ( 10 )
فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ( 11 )
ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا ( 12 ) )
هذا إخبار عن قصة أصحاب الكهف [ والرقيم ] على سبيل الإجمال والاختصار ، ثم بسطها بعد ذلك فقال : ( أم حسبت ) يعني : يا
محمد (
أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ) أي : ليس أمرهم عجيبا في قدرتنا وسلطاننا ، فإن خلق السموات والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، وتسخير الشمس والقمر والكواكب ، وغير ذلك من الآيات العظيمة الدالة على قدرة الله تعالى ، وأنه على ما يشاء قادر ولا يعجزه شيء أعجب من أخبار أصحاب الكهف [ والرقيم ] كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
مجاهد : (
أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ) يقول : قد كان من آياتنا ما هو أعجب من ذلك!
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس : (
أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ) يقول : الذي آتيتك من العلم والسنة والكتاب ، أفضل من شأن أصحاب الكهف والرقيم .
وقال
محمد بن إسحاق : ما أظهرت من حججي على العباد ، أعجب من شأن
أصحاب الكهف والرقيم .
[ وأما " الكهف " فهو : الغار في الجبل ، وهو الذي لجأ إليه هؤلاء الفتية المذكورون . وأما " الرقيم " ] فقال
العوفي ، عن
ابن عباس : هو واد قريب من أيلة . وكذا قال
عطية العوفي ،
وقتادة .
وقال
الضحاك : أما " الكهف " فهو : غار الوادي ، و " الرقيم " : اسم الوادي .
وقال
مجاهد : " الرقيم " : كان بنيانهم ويقول بعضهم : هو الوادي الذي فيه كهفهم .
وقال
عبد الرزاق : أخبرنا
الثوري ، عن
سماك ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس في قوله : " الرقيم " ، قال : يزعم
كعب أنها القرية .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
ابن عباس : " الرقيم " الجبل الذي فيه الكهف .
وقال
ابن إسحاق ، عن
عبد الله بن أبي نجيح ، عن [
مجاهد عن ]
ابن عباس قال : اسم ذلك الجبل
بنجلوس .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أخبرني
وهب بن سليمان ، عن
شعيب الجبائي : أن اسم جبل الكهف
بنجلوس ،
واسم الكهف حيزم ، والكلب حمران .
[ ص: 139 ]
وقال
عبد الرزاق : أنبأنا
إسرائيل ، عن
سماك ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : القرآن أعلمه إلا حنانا ، والأواه ، والرقيم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، أنه سمع
عكرمة يقول : قال
ابن عباس : ما أدري ما الرقيم ؟ أكتاب أم بنيان ؟
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : الرقيم : الكتاب . وقال
سعيد بن جبير : [ الرقيم ] لوح من حجارة ، كتبوا فيه قصص أصحاب الكهف ثم وضعوه على باب الكهف .
وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الرقيم : الكتاب . ثم قرأ : ( كتاب مرقوم ) [ المطففين : 9 ]
وهذا هو الظاهر من الآية ، وهو اختيار
ابن جرير قال : " الرقيم " فعيل بمعنى مرقوم ، كما يقول للمقتول : قتيل ، وللمجروح : جريح . والله أعلم .
وقوله : (
إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ) يخبر تعالى عن أولئك الفتية ، الذين فروا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه ، فهربوا منه فلجئوا إلى غار في جبل ليختفوا عن قومهم ، فقالوا حين دخلوا سائلين من الله تعالى رحمته ولطفه بهم : ( ربنا آتنا من لدنك رحمة ) أي : هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها وتسترنا عن قومنا (
وهيئ لنا من أمرنا رشدا ) أي : وقدر لنا من أمرنا هذا رشدا ، أي : اجعل عاقبتنا رشدا كما جاء في الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825670 " وما قضيت لنا من قضاء ، فاجعل عاقبته رشدا " ، وفي المسند من حديث
بسر بن أبي أرطاة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821918 " اللهم ، أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة " .
وقوله : (
فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ) أي : ألقينا عليهم النوم حين دخلوا إلى الكهف ، فناموا سنين كثيرة ) ثم بعثناهم ) أي : من رقدتهم تلك ، وخرج أحدهم بدراهم معه ليشتري لهم بها طعاما يأكلونه ، كما سيأتي بيانه وتفصيله ؛ ولهذا قال : (
ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين ) أي المختلفين فيهم (
أحصى لما لبثوا أمدا ) قيل : عددا وقيل : غاية فإن الأمد الغاية كقوله
سبق الجواد إذا استولى على الأمد .