(
وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا ( 18 ) )
ذكر بعض أهل العلم أنهم لما ضرب الله على آذانهم بالنوم ، لم تنطبق أعينهم ؛ لئلا يسرع إليها البلى ، فإذا بقيت ظاهرة للهواء كان أبقى لها ؛ ولهذا قال تعالى : (
وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ) وقد ذكر عن الذئب أنه ينام فيطبق عينا ويفتح عينا ، ثم يفتح هذه ويطبق هذه وهو راقد ، كما قال الشاعر
[ ص: 144 ] ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى الرزايا فهو يقظان نائم
وقوله تعالى : (
ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ) قال بعض السلف : يقلبون في العام مرتين . قال
ابن عباس : لو لم يقلبوا لأكلتهم الأرض .
وقوله : (
وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد ) قال
ابن عباس ،
وقتادة ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير الوصيد : الفناء .
وقال
ابن عباس : بالباب . وقيل : بالصعيد ، وهو التراب . والصحيح أنه بالفناء ، وهو الباب ، ومنه قوله تعالى : (
إنها عليهم مؤصدة ) [ الهمزة : 8 ] أي : مطبقة مغلقة . ويقال : " وصيد " و " أصيد " .
ربض كلبهم على الباب كما جرت به عادة الكلاب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج يحرس عليهم الباب . وهذا من سجيته وطبيعته ، حيث يربض ببابهم كأنه يحرسهم ، وكان جلوسه خارج الباب ؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب - كما ورد في الصحيح - ولا صورة ولا جنب ولا كافر ، كما ورد به الحديث الحسن وشملت كلبهم بركتهم ، فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال . وهذا فائدة صحبة الأخيار ؛ فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن .
وقد قيل : إنه كان كلب صيد لأحدهم ، وهو الأشبه . وقيل : كان كلب طباخ الملك ، وقد كان وافقهم على الدين فصحبه كلبه فالله أعلم .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13359الحافظ ابن عساكر في ترجمة "
همام بن الوليد الدمشقي " : حدثنا
صدقة بن عمر الغساني ، حدثنا
عباد المنقري ، سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، رحمه الله ، يقول : كان اسم كبش
إبراهيم :
جرير واسم هدهد سليمان : عنقز ، واسم كلب أصحاب الكهف : قطمير ، واسم عجل بني إسرائيل الذي عبدوه : بهموت . وهبط
آدم ، عليه السلام ، بالهند ،
وحواء بجدة ،
وإبليس بدست بيسان ، والحية بأصبهان
وقد تقدم عن
شعيب الجبائي أنه سماه : حمران .
واختلفوا في لونه على أقوال لا حاصل لها ، ولا طائل تحتها ولا دليل عليها ، ولا حاجة إليها ، بل هي مما ينهى عنه ، فإن مستندها رجم بالغيب .
[ ص: 145 ]
وقوله تعالى : (
لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا ) أي : أنه تعالى ألقى عليهم المهابة بحيث لا يقع نظر أحد عليهم إلا هابهم ؛ لما ألبسوا من المهابة والذعر ؛ لئلا يدنو منهم أحد ولا تمسهم يد لامس ، حتى يبلغ الكتاب أجله ، وتنقضي رقدتهم التي شاء تبارك وتعالى فيهم ، لما له في ذلك من الحجة والحكمة البالغة ، والرحمة الواسعة .