(
وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ( 29 ) )
يقول تعالى لرسوله
محمد صلى الله عليه وسلم : وقل يا
محمد للناس : هذا الذي جئتكم به من ربكم هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك (
فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) هذا من باب التهديد والوعيد الشديد ؛ ولهذا قال : (
إنا أعتدنا ) أي : أرصدنا ) للظالمين ) وهم الكافرون بالله ورسوله وكتابه (
نارا أحاط بهم سرادقها ) أي : سورها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
حسن بن موسى ، حدثنا
ابن لهيعة ، حدثنا
دراج ، عن
أبي الهيثم عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821930 " لسرادق النار أربعة جدر ، كثافة كل جدار مسافة أربعين سنة " .
وأخرجه
الترمذي في " صفة النار "
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير في تفسيره ، من حديث
دراج أبي السمح به
[ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قال
ابن عباس : (
أحاط بهم سرادقها ) قال : حائط من نار ]
وقال
ابن جرير : حدثني
الحسين بن نصر والعباس بن محمد قالا : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عبد الله بن أمية ، حدثني
محمد بن حيي بن يعلى ، عن
صفوان بن يعلى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822390 " البحر هو جهنم " قال : فقيل له : [ كيف ذلك ؟ ] فتلا هذه الآية - أو : قرأ هذه الآية - : ( نارا أحاط بهم سرادقها ) ثم قال : " والله لا أدخلها أبدا أو : ما دمت حيا - ولا تصيبني منها قطرة " .
وقوله : (
وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ) قال
ابن عباس : " المهل " : ماء غليظ مثل دردي الزيت .
[ ص: 155 ] وقال
مجاهد : هو كالدم والقيح . وقال
عكرمة : هو الشيء الذي انتهى حره : وقال آخرون : هو كل شيء أذيب .
وقال
قتادة : أذاب
ابن مسعود شيئا من الذهب في أخدود ، فلما انماع وأزبد قال : هذا أشبه شيء بالمهل .
وقال
الضحاك : ماء جهنم أسود ، وهي سوداء وأهلها سود .
وهذه الأقوال ليس شيء منها ينفي الآخر ، فإن المهل يجمع هذه الأوصاف الرذيلة كلها ، فهو أسود منتن غليظ حار ؛ ولهذا قال : (
يشوي الوجوه ) أي : من حره ، إذا أراد الكافر أن يشربه وقربه من وجهه ، شواه حتى يسقط جلد وجهه فيه ، كما جاء في الحديث الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد بإسناده المتقدم في سرادق النار عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821931 " ماء كالمهل " . قال كعكر الزيت فإذا قربه إليه سقطت فروة وجهه فيه " وهكذا رواه
الترمذي في " صفة النار " من جامعه ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13172رشدين بن سعد عن
عمرو بن الحارث ، عن
دراج ، به ثم قال : لا نعرفه إلا من حديث "
رشدين " ، وقد تكلم فيه من قبل حفظه ، هكذا قال ، وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد كما تقدم عن
nindex.php?page=showalam&ids=13715حسن الأشيب ، عن
ابن لهيعة ، عن
دراج ، والله أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ،
وبقية بن الوليد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16230صفوان بن عمرو ، عن
عبد الله بن بسر ، عن
أبي أمامة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : (
ويسقى من ماء صديد يتجرعه ) [ إبراهيم : 16 ، 17 ] قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821932 " يقرب إليه فيتكرهه ، فإذا قرب منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطع أمعاءه ، يقول الله تعالى : (
وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب ) .
وقال
سعيد بن جبير : إذا جاع أهل النار استغاثوا بشجرة الزقوم ، فأكلوا منها فاختلست جلود وجوههم ، فلو أن مارا مر بهم يعرفهم ، لعرف جلود وجوههم فيها . ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون . فيغاثون بماء كالمهل ، وهو الذي قد انتهى حره ، فإذا أدنوه من أفواههم اشتوى من حره لحوم وجوههم التي قد سقطت عنها الجلود .
ولهذا قال تعالى بعد وصفه هذا الشراب بهذه الصفات [ الذميمة ] القبيحة : (
بئس الشراب ) أي : بئس هذا الشراب كما قال في الآية الأخرى : (
وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ) [ محمد : 15 ] وقال تعالى : (
تسقى من عين آنية ) [ الغاشية : 5 ] أي حارة ، كما قال : (
وبين حميم آن ) [ الرحمن : 44 ]
[ ص: 156 ]
(
وساءت مرتفقا ) [ أي : وساءت النار ] منزلا ومقيلا ومجتمعا وموضعا للارتفاق كما قال في الآية الأخرى : (
إنها ساءت مستقرا ومقاما ) [ الفرقان : 66 ]