[ ص: 160 ] (
وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول ياليتني لم أشرك بربي أحدا ( 42 )
ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا ( 43 )
هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا ( 44 ) )
يقول تعالى : (
وأحيط بثمره ) بأمواله ، أو بثماره على القول الآخر . والمقصود أنه وقع بهذا الكافر ما كان يحذر ، مما خوفه به المؤمن من إرسال الحسبان على جنته ، التي اغتر بها وألهته عن الله ، عز وجل (
فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها ) وقال قتادة : يصفق كفيه متأسفا متلهفا على الأموال التي أذهبها عليه (
ويقول ياليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة ) أي : عشيرة أو ولد ، كما افتخر بهم واستعز (
ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هنالك الولاية لله الحق ) اختلف القراء هاهنا ، فمنهم من يقف على قوله : (
وما كان منتصرا هنالك ) أي : في ذلك الموطن الذي حل به عذاب الله ، فلا منقذ منه . ويبتدئ [ بقوله ] (
الولاية لله الحق ) ومنهم من يقف على : (
وما كان منتصرا ) ويبتدئ بقوله : (
هنالك الولاية لله الحق ) .
ثم اختلفوا في قراءة (
الولاية ) فمنهم من فتح الواو ، فيكون المعنى : هنالك الموالاة لله ، أي : هنالك كل أحد من مؤمن أو كافر يرجع إلى الله وإلى موالاته والخضوع له إذا وقع العذاب ، كقوله : (
فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين ) [ غافر : 84 ] وكقوله إخبارا عن
فرعون : (
حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ) [ يونس : 91 ، 90 ]
ومنهم من كسر الواو من (
الولاية ) أي : هنالك الحكم لله الحق .
ثم منهم من رفع ) الحق ) على أنه نعت للولاية ، كقوله تعالى : (
الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا ) [ الفرقان : 26 ]
ومنهم من خفض القاف ، على أنه نعت لله عز وجل ، كقوله : (
ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين ) [ الأنعام : 62 ] ؛ ولهذا قال تعالى : (
هو خير ثوابا ) أي : جزاء (
وخير عقبا ) أي : الأعمال التي تكون لله - عز وجل - ثوابها خير ، وعاقبتها حميدة رشيدة ، كلها خير .