(
ثم أتبع سببا ( 89 )
حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ( 90 )
كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا ( 91 ) ) .
يقول : ثم سلك طريقا فسار من مغرب الشمس إلى مطلعها ، وكان كلما مر بأمة قهرهم وغلبهم ودعاهم إلى الله عز وجل ، فإن أطاعوه وإلا أذلهم وأرغم آنافهم ، واستباح أموالهم ، وأمتعتهم واستخدم من كل أمة ما يستعين به مع جيوشه على أهل الإقليم المتاخم لهم . وذكر في أخبار بني إسرائيل أنه عاش ألفا وستمائة سنة يجوب الأرض طولها والعرض حتى بلغ المشارق والمغارب . ولما انتهى إلى مطلع الشمس من الأرض كما قال الله تعالى : (
وجدها تطلع على قوم )
[ ص: 194 ] أي أمة (
لم نجعل لهم من دونها سترا ) أي : ليس لهم بناء يكنهم ، ولا أشجار تظلهم وتسترهم من حر الشمس .
قال
سعيد بن جبير : كانوا حمرا قصارا ، مساكنهم الغيران ، أكثر معيشتهم من السمك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي : حدثنا
سهل بن أبي الصلت ، سمعت
الحسن وسئل عن قوله تعالى : (
لم نجعل لهم من دونها سترا ) قال : إن أرضهم لا تحمل البناء فإذا طلعت الشمس تغوروا في المياه ، فإذا غربت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم . قال
الحسن : هذا حديث سمرة .
وقال
قتادة : ذكر لنا أنهم بأرض لا تنبت لهم شيئا ، فهم إذا طلعت الشمس دخلوا في أسراب ، حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم .
وعن
سلمة بن كهيل أنه قال : ليس لهم أكنان ، إذا طلعت الشمس طلعت عليهم ، فلأحدهم أذنان يفترش إحداهما ويلبس الأخرى .
قال
عبد الرزاق : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله : (
وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ) قال : هم الزنج .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج في قوله : (
وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ) قال : لم يبنوا فيها بناء قط ، ولم يبن عليهم فيها بناء قط ، كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسرابا لهم حتى تزول الشمس ، أو دخلوا البحر ، وذلك أن أرضهم ليس فيها جبل ، جاءهم جيش مرة فقال لهم أهلها : لا تطلعن عليكم الشمس وأنتم بها . قالوا : لا نبرح حتى تطلع الشمس ، ما هذه العظام ؟ قالوا : هذه جيف جيش طلعت عليهم الشمس هاهنا فماتوا . قال : فذهبوا هاربين في الأرض .
وقوله : (
كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا ) قال
مجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : علما ، أي : نحن مطلعون على جميع أحواله وأحوال جيشه ، لا يخفى علينا منها شيء ، وإن تفرقت أممهم وتقطعت بهم الأرض ، فإنه تعالى : (
لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ) [ آل عمران : 5 ]