[ ص: 324 ] )
وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ( 88 ) )
قال
محمد بن إسحاق : حدثني
محمد بن أبي محمد ، عن
عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : (
وقالوا قلوبنا غلف ) أي : في أكنة .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : (
وقالوا قلوبنا غلف ) أي : لا تفقه .
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس : (
وقالوا قلوبنا غلف ) [ قال ] هي القلوب المطبوع عليها .
وقال
مجاهد : (
وقالوا قلوبنا غلف ) عليها غشاوة .
وقال
عكرمة : عليها طابع . وقال
أبو العالية : أي لا تفقه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : يقولون : عليها غلاف ، وهو الغطاء .
وقال
عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن
قتادة : (
وقالوا قلوبنا غلف ) هو كقوله : (
وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ) [ فصلت : 5 ] .
وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، في قوله : (
غلف ) قال : يقول : قلبي في غلاف فلا يخلص إليه ما تقول ، قرأ (
وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه )
وهذا هو الذي رجحه
ابن جرير ، واستشهد مما روي من حديث
عمرو بن مرة الجملي ، عن
أبي البختري ، عن
حذيفة ، قال : القلوب أربعة . فذكر منها : وقلب أغلف مغضوب عليه ، وذاك قلب الكافر .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
محمد بن عبد الرحمن العرزمي ، أنبأنا أبي ، عن جدي ، عن
قتادة ، عن
الحسن في قوله : (
قلوبنا غلف ) قال : لم تختن .
هذا القول يرجع معناه إلى ما تقدم من عدم طهارة قلوبهم ، وأنها بعيدة من الخير .
قول آخر :
قال
الضحاك ، عن
ابن عباس في قوله : (
وقالوا قلوبنا غلف ) قال قالوا : قلوبنا مملوءة علما لا تحتاج إلى علم
محمد ، ولا غيره .
وقال
عطية العوفي : (
وقالوا قلوبنا غلف ) أي : أوعية للعلم .
وعلى هذا المعنى جاءت قراءة بعض
الأنصار فيما حكاه
ابن جرير : " وقالوا قلوبنا غلف " بضم اللام ، أي : جمع غلاف ، أي : أوعية ، بمعنى أنهم ادعوا أن قلوبهم مملوءة بعلم لا يحتاجون معه إلى علم آخر . كما كانوا يمنون بعلم التوراة . ولهذا قال تعالى : (
بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ) ، أي : ليس الأمر كما ادعوا بل
[ ص: 325 ] قلوبهم ملعونة مطبوع عليها ، كما قال في سورة النساء : (
وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ) [ النساء : 155 ] . وقد اختلفوا في معنى قوله : (
فقليلا ما يؤمنون ) وقوله : (
فلا يؤمنون إلا قليلا ) ، فقال بعضهم : فقليل من يؤمن منهم [ واختاره
فخر الدين الرازي وحكاه عن
قتادة والأصم وأبي مسلم الأصبهاني ] وقيل : فقليل إيمانهم . بمعنى أنهم يؤمنون بما جاءهم به
موسى من أمر المعاد والثواب والعقاب ، ولكنه إيمان لا ينفعهم ، لأنه مغمور بما كفروا به من الذي جاءهم به
محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال بعضهم : إنهم كانوا غير مؤمنين بشيء ، وإنما قال : (
فقليلا ما يؤمنون ) وهم بالجميع كافرون ، كما تقول العرب : قلما رأيت مثل هذا قط . تريد : ما رأيت مثل هذا قط . [ وقال
الكسائي : تقول العرب : من زنى بأرض قلما تنبت ، أي : لا تنبت شيئا ] . .
حكاه
ابن جرير ، والله أعلم .