(
واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا ( 51 ) )
(
وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ( 52 )
ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ( 53 ) ) .
لما ذكر تعالى
إبراهيم الخليل وأثنى عليه ، عطف بذكر الكليم ، فقال : (
واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا ) قرأ بعضهم بكسر اللام ، من الإخلاص في العبادة .
قال
الثوري ، عن
عبد العزيز بن رفيع ، عن
أبي لبابة قال : قال
الحواريون : يا روح الله ، أخبرنا عن
المخلص لله . قال : الذي يعمل لله ، لا يحب أن يحمده الناس .
وقرأ الآخرون بفتحها ، بمعنى أنه كان مصطفى ، كما قال تعالى : ( إني اصطفيتك على الناس ) [ الأعراف : 144 ] .
( وكان رسولا نبيا ) ، جمع له بين الوصفين ، فإنه كان من المرسلين الكبار أولي العزم الخمسة ، وهم :
نوح وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد ، صلوات الله وسلامه عليهم وعلى سائر الأنبياء أجمعين .
وقوله : (
وناديناه من جانب الطور ) أي : الجبل (
الأيمن ) أي : من جانبه الأيمن من
موسى حين ذهب يبتغي من تلك النار جذوة ، رآها تلوح فقصدها ، فوجدها في جانب الطور الأيمن منه ، عند شاطئ الوادي . فكلمه الله تعالى ، ناداه وقربه وناجاه . قال
ابن جرير : حدثنا
ابن بشار ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى - هو القطان - حدثنا
سفيان ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : ( وقربناه نجيا ) قال : أدني حتى سمع صريف القلم .
[ ص: 238 ]
وهكذا قال مجاهد ، وأبو العالية ، وغيرهم . يعنون صريف القلم بكتابة التوراة .
وقال السدي : ( وقربناه نجيا ) قال : أدخل في السماء فكلم ، وعن مجاهد نحوه .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : ( وقربناه نجيا ) قال : نجا بصدقه .
قال
ابن أبي حاتم : حدثنا
عبد الجبار بن عاصم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16969محمد بن سلمة الحراني ، عن
أبي الوصل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، عن
عمرو بن معديكرب قال : لما قرب الله
موسى نجيا
بطور سيناء ، قال : يا
موسى ، إذا خلقت لك قلبا شاكرا ، ولسانا ذاكرا ، وزوجة تعين على الخير ، فلم أخزن عنك من الخير شيئا ، ومن أخزن عنه هذا فلم أفتح له من الخير شيئا .
وقوله : (
ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ) أي : وأجبنا سؤاله وشفاعته في أخيه ، فجعلناه نبيا ، كما قال في الآية الأخرى : (
وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون ) [ القصص : 34 ] ، وقال : (
قد أوتيت سؤلك يا موسى ) [ طه : 36 ] ، وقال : (
فأرسل إلى هارون ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون ) [ الشعراء : 13 ، 14 ] ; ولهذا قال بعض السلف : ما شفع أحد في أحد شفاعة في الدنيا أعظم من شفاعة
موسى في
هارون أن يكون نبيا ، قال الله تعالى : (
ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ) .
قال
ابن جرير : حدثنا
يعقوب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
داود ، عن
عكرمة قال : قال
ابن عباس : قوله : (
ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ) ، قال : كان
هارون أكبر من
موسى ، ولكن أراد : وهب له نبوته .
وقد ذكره
ابن أبي حاتم معلقا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14302يعقوب وهو ابن إبراهيم الدورقي ، به .