(
واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ( 54 )
وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ( 55 ) ) .
هذا ثناء من الله تعالى على
إسماعيل بن إبراهيم الخليل ، عليهما السلام ، وهو والد عرب الحجاز كلهم بأنه ) كان صادق الوعد )
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : لم يعد ربه عدة إلا أنجزها ، يعني : ما التزم قط عبادة بنذر إلا قام بها ، ووفاها حقها .
وقال
ابن جرير : حدثني
يونس ، أنبأنا
ابن وهب ، أخبرني
عمرو بن الحارث ، أن
سهل بن عقيل حدثه ، أن
إسماعيل النبي ، عليه السلام ، وعد رجلا مكانا أن يأتيه ، فجاء ونسي الرجل ، فظل به إسماعيل وبات حتى جاء الرجل من الغد ، فقال : ما برحت من هاهنا ؟ قال : لا . قال : إني نسيت . قال : لم أكن لأبرح حتى تأتيني . فلذلك (
كان صادق الوعد ) .
[ ص: 239 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : بلغني أنه أقام في ذلك المكان ينتظره حولا حتى جاءه .
وقال
ابن شوذب : بلغني أنه اتخذ ذلك الموضع سكنا .
وقد روى
أبو داود في سننه ،
nindex.php?page=showalam&ids=14203وأبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي في كتابه " مكارم الأخلاق " من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان ، عن
عبد الله بن ميسرة ، عن
عبد الكريم - يعني : ابن عبد الله بن شقيق - عن أبيه ، عن
عبد الله بن أبي الحمساء قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث فبقيت له علي بقية ، فوعدته أن آتيه بها في مكانه ذلك ، قال : فنسيت يومي والغد ، فأتيته في اليوم الثالث وهو في مكانه ذلك ، فقال لي : " يا فتى ، لقد شققت علي ، أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك " لفظ الخرائطي ، وساق آثارا حسنة في ذلك .
ورواه
ابن منده أبو عبد الله في كتاب " معرفة الصحابة " ، بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان ، عن
بديل بن ميسرة ، عن
عبد الكريم ، به .
وقال بعضهم : إنما قيل له : ( صادق الوعد ) ; لأنه قال لأبيه : (
ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) [ الصافات : 102 ] ، فصدق في ذلك .
فصدق الوعد من الصفات الحميدة ، كما أن خلفه من الصفات الذميمة ، قال الله تعالى : (
يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) الصف : 2 ، 3 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820411 " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان "
ولما كانت هذه صفات المنافقين ، كان التلبس بضدها من صفات المؤمنين ، ولهذا أثنى الله على عبده ورسوله إسماعيل بصدق الوعد ، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق الوعد أيضا ، لا يعد أحدا شيئا إلا وفى له به ، وقد أثنى على
nindex.php?page=showalam&ids=9920أبي العاص بن الربيع زوج ابنته
زينب ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821984 " حدثني فصدقني ، ووعدني فوفى لي " . ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قال الخليفة
أبو بكر الصديق : من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتني أنجز له ، فجاءه
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821985 " لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا " ، يعني : ملء كفيه ، فلما جاء مال البحرين أمر
الصديق جابرا ، فغرف بيديه من المال ، ثم أمره بعده ، فإذا هو خمسمائة درهم ، فأعطاه مثليها معها
وقوله : ( وكان رسولا نبيا ) في هذا دلالة على شرف
إسماعيل على أخيه
إسحاق ; لأنه إنما
[ ص: 240 ] وصف بالنبوة فقط ،
وإسماعيل وصف بالنبوة والرسالة . وقد ثبت في صحيح
مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821986 " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل . . . " وذكر تمام الحديث ، فدل على صحة ما قلناه .
وقوله : (
وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ) : هذا أيضا من الثناء الجميل ، والصفة الحميدة ، والخلة السديدة ، حيث كان مثابرا على طاعة ربه آمرا بها لأهله ، كما قال تعالى لرسوله : (
وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ) [ طه : 132 ] ، وقال تعالى : (
يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد ) الآية التحريم : 6 أي : مروهم بالمعروف ، وانهوهم عن المنكر ، ولا تدعوهم هملا فتأكلهم النار يوم القيامة ، وقد جاء في الحديث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821987 " رحم الله رجلا قام من الليل فصلى ، وأيقظ امرأته ، فإن أبت نضح في وجهها الماء ، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت ، وأيقظت زوجها ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء " أخرجه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه .
وعن أبي سعيد ، وأبي هريرة ، رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ امرأته ، فصليا ركعتين ، كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات " . رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، واللفظ له .