(
وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ( 71 )
ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ( 72 ) ) .
قال الإمام
أحمد : حدثنا
سليمان بن حرب ، حدثنا
خالد بن سليمان ، عن
كثير بن زياد البرساني ، عن
أبي سمية قال : اختلفنا في الورود ، فقال بعضنا : لا يدخلها مؤمن . وقال بعضهم : يدخلونها جميعا ، ثم ينجي الله الذين اتقوا . فلقيت
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله فقلت له : إنا اختلفنا في الورود ، فقال : يردونها جميعا - وقال
سليمان مرة يدخلونها جميعا - وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه ، وقال : صمتا ، إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821997 " لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها ، فتكون على المؤمن بردا وسلاما ، كما كانت على إبراهيم ، حتى إن للنار ضجيجا من بردهم ، ثم ينجي الله الذين اتقوا ، ويذر الظالمين فيها جثيا " غريب ولم يخرجوه .
وقال
الحسن بن عرفة : حدثنا
مروان بن معاوية ، عن
بكار بن أبي مروان ، عن
خالد بن معدان قال : قال أهل الجنة بعدما دخلوا الجنة : ألم يعدنا ربنا الورود على النار ؟ قال : قد مررتم عليها وهي خامدة .
وقال
عبد الرزاق ، عن
ابن عيينة ، عن
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم قال : كان
عبد الله بن رواحة واضعا رأسه في حجر امرأته ، فبكى ، فبكت امرأته فقال ما يبكيك ؟ فقالت : رأيتك تبكي فبكيت . قال : إني ذكرت قول الله عز وجل : (
وإن منكم إلا واردها ) ، فلا أدري أنجو منها أم لا ؟ وفي رواية : وكان مريضا .
وقال
ابن جرير : حدثنا
أبو كريب ، حدثنا
ابن يمان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول ، عن
أبي إسحاق : كان
أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه قال : يا ليت أمي لم تلدني ثم يبكي ، فقيل : ما يبكيك يا أبا ميسرة ؟ فقال : أخبرنا أنا واردوها ، ولم نخبر أنا صادرون عنها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري قال : قال رجل لأخيه : هل أتاك أنك وارد النار ؟ قال : نعم . قال : فهل أتاك أنك صادر عنها ؟ قال : لا . قال : ففيم الضحك ؟ قال : فما رئي ضاحكا حتى لحق بالله .
[ ص: 253 ]
وقال
عبد الرزاق أيضا : أخبرنا
ابن عيينة ، عن
عمرو ، أخبرني من سمع
ابن عباس يخاصم
نافع بن الأزرق ، فقال
ابن عباس : الورود الدخول ؟ فقال
نافع : لا ، فقرأ
ابن عباس : (
إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) [ الأنبياء : 98 ] وردوا أم لا ؟ وقال : (
يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار ) [ هود : 98 ] أورد هو أم لا ؟ أما أنا وأنت فسندخلها ، فانظر هل نخرج منها أم لا ؟ وما أرى الله مخرجك منها بتكذيبك فضحك
نافع .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء قال : قال
أبو راشد الحروري - وهو نافع بن الأزرق - : (
لا يسمعون حسيسها ) [ الأنبياء : 102 ] فقال ابن عباس : ويلك : أمجنون أنت ؟ أين قوله : (
يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار ) [ هود : 98 ] ، (
ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) [ مريم : 86 ] ، (
وإن منكم إلا واردها ) ؟ والله إن كان دعاء من مضى : اللهم أخرجني من النار سالما ، وأدخلني الجنة غانما .
وقال
ابن جرير : حدثني
محمد بن عبيد المحاربي ، حدثنا
أسباط ، عن
عبد الملك ، عن
عبيد الله ، عن
مجاهد قال : كنت عند
ابن عباس ، فأتاه رجل يقال له :
أبو راشد ، وهو نافع بن الأزرق ، فقال له : يا
ابن عباس ، أرأيت قول الله : (
وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) ؟ قال : أما أنا وأنت يا
أبا راشد فسنردها ، فانظر : هل نصدر عنها أم لا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي : قال
شعبة ، أخبرني
عبد الله بن السائب ، عمن سمع
ابن عباس يقرؤها كذلك : " وإن منهم إلا واردها " يعني : الكفار
وهكذا روى
عمرو بن الوليد الشني ، أنه سمع
عكرمة يقرؤها كذلك : " وإن منهم إلا واردها " ، قال : وهم الظلمة . كذلك كنا نقرؤها . رواه
ابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير .
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس قوله : (
وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) يعني : البر والفاجر ، ألا تسمع إلى قول الله لفرعون : (
يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود ) (
ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) ، فسمى الورود في النار دخولا وليس بصادر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
عبد الرحمن ، عن
إسرائيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
مرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله - هو ابن مسعود - (
وإن منكم إلا واردها ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821998 " يرد الناس النار كلهم ، ثم يصدرون عنها بأعمالهم " .
[ ص: 254 ]
ورواه
الترمذي عن
عبد بن حميد ، عن
عبيد الله ، عن
إسرائيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي به . ورواه من طريق
شعبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
مرة ، عن
ابن مسعود موقوفا .
هكذا وقع هذا الحديث هاهنا مرفوعا . وقد رواه
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
مرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : يرد الناس جميعا الصراط ، وورودهم قيامهم حول النار ، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم ، فمنهم من يمر مثل البرق ، ومنهم من يمر مثل الريح ، ومنهم من يمر مثل الطير ، ومنهم من يمر كأجود الخيل ، ومنهم من يمر كأجود الإبل ، ومنهم من يمر كعدو الرجل ، حتى إن آخرهم مرا رجل نوره على موضعي إبهامي قدميه ، يمر يتكفأ به الصراط ، والصراط دحض مزلة ، عليه حسك كحسك القتاد ، حافتاه ملائكة ، معهم كلاليب من نار ، يختطفون بها الناس . وذكر تمام الحديث . رواه
ابن أبي حاتم .
وقال
ابن جرير : حدثنا
خلاد بن أسلم ، حدثنا
النضر ، حدثنا
إسرائيل ، أخبرنا
أبو إسحاق ، عن
أبي الأحوص عن
عبد الله : قوله : (
وإن منكم إلا واردها ) قال : الصراط على جهنم مثل حد السيف ، فتمر الطبقة الأولى كالبرق ، والثانية كالريح ، والثالثة كأجود الخيل ، والرابعة كأجود البهائم ، ثم يمرون والملائكة يقولون : اللهم سلم سلم .
ولهذا شواهد في الصحيحين وغيرهما ، من رواية
أنس ، وأبي سعيد ، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، وجابر ، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم .
وقال
ابن جرير : حدثني
يعقوب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية عن
الجريري ، عن
أبي السليل عن
غنيم بن قيس قال : ذكروا ورود النار ، فقال
كعب : تمسك النار للناس كأنها متن إهالة حتى يستوي عليها أقدام الخلائق ، برهم وفاجرهم ، ثم يناديها مناد : أن امسكي أصحابك ، ودعي أصحابي ، قال : فتخسف بكل ولي لها ، ولهي أعلم بهم من الرجل بولده ، ويخرج المؤمنون ندية ثيابهم . قال كعب : ما بين منكبي الخازن من خزنتها مسيرة سنة ، مع كل واحد منهم عمود ذو شعبتين ، يدفع به الدفع فيصرع به في النار سبعمائة ألف .
[ ص: 255 ]
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
أبو معاوية ، حدثنا
الأعمش ، عن
أبي سفيان ، عن
جابر ، عن
أم مبشر ، عن
حفصة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821999 " إني لأرجو ألا يدخل النار - إن شاء الله - أحد شهد بدرا والحديبية " قالت فقلت : أليس الله يقول ( وإن منكم إلا واردها ) ؟ قالت : فسمعته يقول : ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ) .
وقال الإمام
أحمد أيضا : حدثنا
ابن إدريس ، حدثنا
الأعمش ، عن
أبي سفيان ، عن
جابر ، عن
أم مبشر - امرأة زيد بن حارثة - قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت
حفصة ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822000 " لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية " قالت حفصة : أليس الله يقول : ( وإن منكم إلا واردها ) ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثم ننجي الذين اتقوا ) .
وفي الصحيحين ، من حديث
الزهري ، عن
سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822001 " لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد تمسه النار ، إلا تحلة القسم " .
وقال
عبد الرزاق : قال
معمر : أخبرني
الزهري ، عن
ابن المسيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822002 " من مات له ثلاثة لم تمسه النار إلا تحلة القسم " يعني الورود .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي : حدثنا
زمعة ، عن
الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822003 " لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد ، تمسه النار إلا تحلة القسم " . قال
الزهري : كأنه يريد هذه الآية : (
وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) .
وقال
ابن جرير : حدثني
عمران بن بكار الكلاعي ، حدثنا
أبو المغيرة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16352عبد الرحمن بن يزيد بن تميم ، حدثنا
إسماعيل بن عبيد الله ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825709خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلا من أصحابه وعكا ، وأنا معه ، ثم قال : " إن الله تعالى يقول : هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن ; لتكون حظه من النار في الآخرة " غريب ولم يخرجوه من هذا الوجه .
وحدثنا
أبو كريب ، حدثنا
ابن يمان ، عن
عثمان بن الأسود ، عن
مجاهد قال : الحمى حظ كل مؤمن من النار ، ثم قرأ : " وإن منكم إلا واردها " .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
حسن ، حدثنا
ابن لهيعة ، حدثنا
زبان بن فائد ، عن
سهل بن معاذ بن أنس الجهني ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822004 " من قرأ : ( قل هو الله أحد ) حتى يختمها عشر [ ص: 256 ] مرات ، بنى الله له قصرا في الجنة " . فقال عمر : إذا نستكثر يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لله أكثر وأطيب " .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822005 " من قرأ ألف آية في سبيل الله ، كتب يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا ، إن شاء الله . ومن حرس من وراء المسلمين في سبيل الله متطوعا لا بأجرة سلطان ، لم ير النار بعينيه إلا تحلة القسم ، قال الله تعالى : ( وإن منكم إلا واردها ) وإن الذكر في سبيل الله يضعف فوق النفقة بسبعمائة ضعف " . وفي رواية : " بسبعمائة ألف ضعف "
وروى
أبو داود ، عن
أبي الطاهر ، عن
ابن وهب ، عن
يحيى بن أيوب nindex.php?page=showalam&ids=15986وسعيد بن أبي أيوب كلاهما عن
زبان ، عن
سهل ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501271إن الصلاة والصيام والذكر تضاعف على النفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف " .
وقال
عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن
قتادة قوله : (
وإن منكم إلا واردها ) قال : هو الممر عليها .
وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : (
وإن منكم إلا واردها ) ، قال : ورود المسلمين المرور على الجسر بين ظهريها ، وورود المشركين : أن يدخلوها ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "
الزالون والزالات يومئذ كثير ، وقد أحاط بالجسر يومئذ سماطان من الملائكة ، دعاؤهم : يا ألله سلم سلم " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
مرة ، عن
ابن مسعود في قوله : (
كان على ربك حتما مقضيا ) قال : قسما واجبا . وقال
مجاهد : حتما ، قال : قضاء . وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج
وقوله : (
ثم ننجي الذين اتقوا ) أي : إذا مر الخلائق كلهم على النار ، وسقط فيها من سقط من الكفار والعصاة ذوي المعاصي بحسبهم ، نجى الله تعالى المؤمنين المتقين منها بحسب أعمالهم . فجوازهم على الصراط وسرعتهم بقدر أعمالهم التي كانت في الدنيا ، ثم يشفعون في أصحاب الكبائر من المؤمنين ، فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون ، فيخرجون خلقا كثيرا قد أكلتهم النار ، إلا دارات وجوههم - وهي مواضع السجود - وإخراجهم إياهم من النار بحسب ما في قلوبهم من الإيمان ، فيخرجون أولا من كان في قلبه مثقال دينار من إيمان ، ثم الذي يليه ، ثم الذي يليه ، ثم الذي يليه حتى يخرجوا من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان ثم يخرج الله من النار
[ ص: 257 ] من قال يوما من الدهر : " لا إله إلا الله " وإن لم يعمل خيرا قط ، ولا يبقى في النار إلا من وجب عليه الخلود ، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم; ولهذا قال تعالى : (
ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا )