(
أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ( 77 )
أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا ( 78 )
كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ( 79 )
ونرثه ما يقول ويأتينا فردا ( 80 ) ) .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
أبو معاوية ، حدثنا
الأعمش ، عن
مسلم ، عن
مسروق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=211خباب بن الأرت قال : كنت رجلا قينا ، وكان لي على
العاص بن وائل دين ، فأتيته أتقاضاه . فقال : لا والله لا أقضيك حتى تكفر
بمحمد فقلت : لا والله لا أكفر
بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى تموت ثم تبعث . قال : فإني إذا مت ثم بعثت جئتني ولي ثم مال وولد ، فأعطيتك ، فأنزل الله : (
أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ) إلى قوله : (
ويأتينا فردا ) .
أخرجه صاحبا الصحيح وغيرهما ، من غير وجه ، عن
الأعمش به ، وفي لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : كنت قينا بمكة ، فعملت
للعاص بن وائل سيفا ، فجئت أتقاضاه . فذكر الحديث وقال : (
أم اتخذ عند الرحمن عهدا ) قال : موثقا .
وقال
عبد الرزاق : أخبرنا
الثوري ، عن
الأعمش ، عن
أبي الضحى ، عن
مسروق قال : قال
خباب [ ص: 260 ] بن الأرت ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=822006كنت قينا بمكة ، فكنت أعمل للعاص بن وائل ، قال : فاجتمعت لي عليه دراهم ، فجئت لأتقاضاه ، فقال لي : لا أقضيك حتى تكفر بمحمد . فقلت : لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث . قال : فإذا بعثت كان لي مال وولد . قال : فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله : ( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ) إلى قوله : ( ويأتينا فردا ) .
وقال
العوفي عن
ابن عباس : إن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون
العاص بن وائل السهمي بدين ، فأتوه يتقاضونه ، فقال : ألستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا ، ومن كل الثمرات ؟ قالوا : بلى . قال : فإن موعدكم الآخرة ، فوالله لأوتين مالا وولدا ، ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به . فضرب الله مثله في القرآن فقال (
أفرأيت الذي كفر بآياتنا ) إلى قوله : (
ويأتينا فردا )
وهكذا قال
مجاهد ، وقتادة ، وغيرهم : إنها نزلت في
العاص بن وائل .
وقوله : (
لأوتين مالا وولدا ) قرأ بعضهم بفتح " الواو " من " ولدا " وقرأ آخرون بضمها ، وهو بمعناه ، قال رؤبة :
الحمد لله العزيز فردا لم يتخذ من ولد شيء ولدا
وقال
الحارث بن حلزة :
ولقد رأيت معاشرا قد تمروا مالا وولدا
وقال الشاعر :
فليت فلانا كان في بطن أمه وليت فلانا كان ولد حمار
وقيل : إن " الولد " بالضم جمع ، " والولد " بالفتح مفرد ، وهي لغة
قيس ، والله أعلم .
وقوله : (
أطلع الغيب ) : إنكار على هذا القائل ، (
لأوتين مالا وولدا ) يعني : يوم القيامة ، أي : أعلم ما له في الآخرة حتى تألى وحلف على ذلك ، (
أم اتخذ عند الرحمن عهدا ) : أم له عند الله عهد سيؤتيه ذلك ؟ وقد تقدم عند
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : أنه الموثق .
وقال
الضحاك ، عن
ابن عباس : (
أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا ) قال : لا إله إلا الله ، فيرجو بها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي : (
أم اتخذ عند الرحمن عهدا ) قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، ثم قرأ : (
أم اتخذ عند الرحمن عهدا ) .
[ ص: 261 ]
وقوله : ( كلا ) : هي حرف ردع لما قبلها وتأكيد لما بعدها ، (
سنكتب ما يقول ) أي : من طلبه ذلك وحكمه لنفسه بما تمناه ، وكفره بالله العظيم (
ونمد له من العذاب مدا ) أي : في الدار الآخرة ، على قوله ذلك ، وكفره بالله في الدنيا .
(
ونرثه ما يقول ) أي : من مال وولد ، نسلبه منه ، عكس ما قال : إنه يؤتى في الدار الآخرة مالا وولدا ، زيادة على الذي له في الدنيا; بل في الآخرة يسلب من الذي كان له في الدنيا ، ولهذا قال : (
ويأتينا فردا ) أي : من المال والولد .
قال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : (
ونرثه ما يقول ) ، قال : نرثه
وقال
مجاهد : (
ونرثه ما يقول ) : ماله وولده ، وذلك الذي قال
العاص بن وائل .
وقال
عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن
قتادة : (
ونرثه ما يقول ) قال : ما عنده ، وهو قوله : (
لأوتين مالا وولدا ) وفي حرف
ابن مسعود : " ونرثه ما عنده " .
وقال
قتادة : (
ويأتينا فردا ) : لا مال له ، ولا ولد .
وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : (
ونرثه ما يقول ) قال : ما جمع من الدنيا ، وما عمل فيها ، قال : (
ويأتينا فردا ) قال : فردا من ذلك ، لا يتبعه قليل ولا كثير .