(
يابني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى ( 80 )
كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ( 81 )
وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ( 82 ) ) .
يذكر تعالى نعمه على بني إسرائيل العظام ، ومننه الجسام ، حيث نجاهم من عدوهم
فرعون ، وأقر أعينهم منه ، وهم ينظرون إليه وإلى جنده قد غرقوا في صبيحة واحدة ، لم ينج منهم أحد ، كما قال [ تعالى ] : (
وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون ) [ البقرة : 50 ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا
روح بن عبادة ، حدثنا
شعبة ، حدثنا
أبو بشر ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825723لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود تصوم عاشوراء ، فسألهم فقالوا : هذا اليوم الذي أظفر الله فيه موسى على فرعون ، فقال : " نحن أولى بموسى فصوموه " رواه
مسلم أيضا في صحيحه .
ثم إنه تعالى واعد
موسى وبني إسرائيل بعد هلاك
فرعون إلى جانب الطور الأيمن ، وهو الذي كلمه تعالى عليه ، وسأل فيه الرؤية ، وأعطاه التوراة هناك . وفي غضون ذلك عبد بنو إسرائيل العجل ، كما يقصه تعالى قريبا .
وأما المن والسلوى ، فقد تقدم الكلام على ذلك في سورة " البقرة " وغيرها . فالمن : حلوى كانت تنزل عليه من السماء . والسلوى : طائر يسقط عليهم ، فيأخذون من كل قدر الحاجة إلى الغد ، لطفا من الله ورحمة بهم ، وإحسانا إليهم; ولهذا قال تعالى : (
كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ) أي : كلوا من هذا [ الرزق ] الذي رزقتكم ، ولا تطغوا في رزقي ، فتأخذوه من غير حاجة ، وتخالفوا ما آمركم به ، (
فيحل عليكم غضبي ) أي : أغضب عليكم (
ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) قال
علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس : أي : فقد شقي .
وقال
شفي بن ماتع : إن في جهنم قصرا يرمى الكافر من أعلاه ، فيهوي في جهنم أربعين خريفا قبل أن يبلغ الصلصال ، وذلك قوله : (
ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) رواه
ابن أبي حاتم .
وقوله : (
وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ) أي : كل من تاب إلي تبت عليه من أي ذنب كان ، حتى إنه تعالى تاب على من عبد العجل من بني إسرائيل .
[ ص: 309 ]
وقوله : (
تاب ) أي : رجع عما كان فيه من كفر أو شرك أو نفاق أو معصية .
وقوله : (
وآمن ) أي : بقلبه (
وعمل صالحا ) أي : بجوارحه .
وقوله : (
ثم اهتدى ) قال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : أي ثم لم يشكك .
وقال
سعيد بن جبير : (
ثم اهتدى ) أي : استقام على السنة والجماعة . وروي نحوه عن
مجاهد ، والضحاك ، وغير واحد من السلف .
وقال
قتادة : (
ثم اهتدى ) أي : لزم الإسلام حتى يموت .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : ( ثم اهتدى ) أي : علم أن لهذا ثوابا .
وثم هاهنا لترتيب الخبر على الخبر ، كقوله : (
ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ) [ البلد : 17 ] .