[ ص: 320 ] (
ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ( 115 )
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى ( 116 )
فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ( 117 )
إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى ( 118 )
وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ( 119 )
فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ( 120 )
فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى ( 121 )
ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ( 122 ) )
قال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أحمد بن سنان ، حدثنا
أسباط بن محمد ، حدثنا
الأعمش ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال : إنما سمي الإنسان لأنه عهد إليه فنسي . وكذا رواه
علي بن أبي طلحة ، عنه .
وقال
مجاهد والحسن : ترك .
وقوله : (
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) يذكر تعالى تشريف آدم وتكريمه ، وما فضله به على كثير ممن خلق تفضيلا .
وقد تقدم الكلام على هذه القصة في سورة " البقرة " وفي " الأعراف " وفي " الحجر " و " الكهف " وسيأتي في آخر سورة " ص " [ إن شاء الله تعالى ] . يذكر فيها تعالى خلق
آدم وأمره الملائكة بالسجود له تشريفا وتكريما ، ويبين
عداوة إبليس لبني آدم ولأبيهم قديما; ولهذا قال تعالى : (
فسجدوا إلا إبليس أبى ) أي : امتنع واستكبر . (
فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك ) يعني :
حواء ، عليهما السلام (
فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ) أي : إياك أن يسعى في إخراجك منها ، فتتعب وتعنى وتشقى في طلب رزقك ، فإنك هاهنا في عيش رغيد هنيء ، لا كلفة ولا مشقة .
(
إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى ) إنما قرن بين الجوع والعري; لأن الجوع ذل الباطن ، والعري ذل الظاهر .
(
وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ) وهذان أيضا متقابلان ، فالظمأ : حر الباطن ، وهو العطش . والضحى : حر الظاهر .
وقوله : (
فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) قد تقدم أنه (
دلاهما بغرور ) [ الأعراف : 22 ] ; (
وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) [ الأعراف : 21 ] . وقد
[ ص: 321 ] تقدم أن الله تعالى أوحى إلى
آدم وزوجته أن يأكلا من كل الثمار ، ولا يقربا هذه الشجرة المعينة في الجنة . فلم يزل بهما إبليس حتى أكلا منها ، وكانت شجرة الخلد - يعني : التي من أكل منها خلد ودام مكثه . وقد جاء في الحديث ذكر شجرة الخلد ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي : حدثنا
شعبة عن
أبي الضحاك سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يحدث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822026 " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ، ما يقطعها وهي شجرة الخلد " . ورواه الإمام
أحمد . .
وقول : (
فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما ) قال
ابن أبي حاتم :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16596علي بن الحسين بن إشكاب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16627علي بن عاصم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
قتادة ، عن
الحسن ، عن
أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=824621إن الله خلق آدم رجلا طوالا كثير شعر الرأس ، كأنه نخلة سحوق . فلما ذاق الشجرة سقط عنه لباسه ، فأول ما بدا منه عورته . فلما نظر إلى عورته جعل يشتد في الجنة ، فأخذت شعره شجرة ، فنازعها ، فنادى الرحمن : يا آدم ، مني تفر؟ فلما سمع كلام الرحمن قال : يا رب ، لا ولكن استحياء أرأيت إن تبت ورجعت ، أعائدي إلى الجنة؟ قال : نعم " فذلك قوله : (
فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه )
وهذا منقطع بين
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب ، فلم يسمعه منه ، وفي رفعه نظر أيضا .
وقوله : (
وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ) قال
مجاهد : يرقعان كهيئة الثوب . وكذا قال
قتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
جعفر ، عن
عون ، حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، عن
المنهال ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : (
وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ) قال : ينزعان ورق التين ، فيجعلانه على سوآتهما .
وقوله : (
وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
قتيبة ، حدثنا
أيوب بن النجار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، عن
أبي سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822027 " حاج موسى آدم ، فقال له : أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم؟ قال آدم : يا موسى ، أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، أتلومني على أمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني - أو : قدره الله علي قبل أن يخلقني - " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى " .
[ ص: 322 ]
وهذا الحديث له طرق في الصحيحين ، وغيرهما من المسانيد .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا
ابن وهب ، أخبرني
أنس بن عياض ، عن
الحارث بن أبي ذباب ، عن
يزيد بن هرمز قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822028 " حج آدم وموسى عند ربهما ، فحج آدم موسى ، قال موسى : أنت الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك في جنته ، ثم أهبطت الناس إلى الأرض بخطيئتك؟ قال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وكلامه ، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء ، وقربك نجيا ، فبكم وجدت الله كتب التوراة [ قبل أن أخلق ] قال موسى : بأربعين عاما . قال آدم : فهل وجدت فيها ( وعصى آدم ربه فغوى ) قال : نعم . قال : أفتلومني على أن عملت عملا كتب الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة " . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى " .
قال
الحارث : وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=13723عبد الرحمن بن هرمز بذلك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . .