(
ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ( 131 )
وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ( 132 ) )
يقول تعالى لنبيه
محمد صلوات الله وسلامه عليه : لا تنظر إلى هؤلاء المترفين وأشباههم ونظرائهم ، وما فيه من النعم فإنما هو زهرة زائلة ، ونعمة حائلة ، لنختبرهم بذلك ، وقليل من عبادي الشكور .
وقال مجاهد : (
أزواجا منهم ) يعني : الأغنياء فقد آتاك [ الله ] خيرا مما آتاهم ، كما قال في الآية الأخرى : (
ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ) [ الحجر : 87 ، 88 ] ، وكذلك ما ادخره الله تعالى لرسوله في الدار الآخرة أمر عظيم لا يحد ولا يوصف ، كما قال تعالى : (
ولسوف يعطيك ربك فترضى ) [ الضحى : 5 ] ولهذا قال : (
ورزق ربك خير وأبقى ) .
وفي الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825733أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب لما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك المشربة التي كان قد اعتزل فيها نساءه ، حين آلى منهم فرآه متوسدا مضطجعا على رمال حصير وليس في البيت إلا صبرة من قرظ ، وأهب معلقة ، فابتدرت عينا عمر بالبكاء ، فقال رسول الله : " ما يبكيك ؟ " . [ ص: 327 ] فقال : يا رسول الله ، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه ، وأنت صفوة الله من خلقه؟ فقال : " أوفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا " .
فكان صلوات الله وسلامه عليه
أزهد الناس في الدنيا مع القدرة عليها ، إذا حصلت له ينفقها هكذا وهكذا ، في عباد الله ، ولم يدخر لنفسه شيئا لغد .
قال
ابن أبي حاتم : أنبأنا
يونس ، أخبرني
ابن وهب ، أخبرني
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن
أبي سعيد; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822035 " إن أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله من زهرة الدنيا " . قالوا : وما زهرة الدنيا يا رسول الله؟ قال : " بركات الأرض " .
وقال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : زهرة الحياة الدنيا ، يعني : زينة الحياة الدنيا .
وقال
قتادة (
لنفتنهم فيه ) لنبتليهم .
وقوله : (
وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) أي : استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلاة ، واصطبر أنت على فعلها كما قال تعالى : (
يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) [ التحريم : 6 ] .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح ، حدثنا
ابن وهب أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن أبيه : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب كان يبيت عنده أنا ويرفأ ، وكان له ساعة من الليل يصلي فيها ، فربما لم يقم فنقول : لا يقوم الليلة كما كان يقوم ، وكان إذا [ استيقظ أقام ] - يعني أهله - وقال : (
وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) .
وقوله : (
لا نسألك رزقا نحن نرزقك ) يعني إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب ، كما قال تعالى : (
ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) [ الطلاق : 2 ، 3 ] ، وقال تعالى : (
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) [ الذاريات : 56 - 58 ] ولهذا قال : (
لا نسألك رزقا نحن نرزقك ) وقال
الثوري : (
لا نسألك رزقا ) أي : لا نكلفك الطلب . وقال
ابن أبي حاتم [ أيضا ] حدثنا
أبو سعيد الأشج ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث ، عن
هشام ، عن أبيه; أنه كان إذا دخل على أهل الدنيا ، فرأى من دنياهم طرفا فإذا رجع إلى أهله ، فدخل الدار
[ ص: 328 ] قرأ : (
ولا تمدن عينيك ) إلى قوله : (
نحن نرزقك ) ثم يقول : الصلاة الصلاة ، رحمكم الله .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا
سيار ، حدثنا
جعفر ، عن
ثابت قال :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه خصاصة نادى أهله : " يا أهلاه ، صلوا ، صلوا " . قال
ثابت : وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة .
وقد روى
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، من حديث
عمران بن زائدة ، عن أبيه ، عن
أبي خالد الوالبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822036 " يقول الله تعالى : يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى ، وأسد فقرك ، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك " .
وروى
ابن ماجه من حديث
الضحاك ، عن
الأسود ، عن
ابن مسعود : سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822037 " من جعل الهموم هما واحدا هم المعاد كفاه الله هم دنياه . ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك " .
وروي أيضا من حديث
شعبة ، عن
عمر بن سليمان عن
عبد الرحمن بن أبان ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822038 " من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له . ومن كانت الآخرة نيته ، جمع له أمره ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة " .
(
والعاقبة للتقوى ) أي : وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة ، وهي الجنة ، لمن اتقى الله .
وفي الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822039 " رأيت الليلة كأنا في دار عقبة بن رافع وأنا أتينا برطب [ من رطب ] ابن طاب ، فأولت ذلك أن العاقبة لنا في الدنيا والرفعة وأن ديننا قد طاب " .