[ ص: 388 ] (
قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون ( 108 )
فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ( 109 )
إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ( 110 )
وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ( 111 )
قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ( 112 ) ) .
يقول تعالى آمرا رسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، أن يقول للمشركين : (
إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون ) أي : متبعون على ذلك ، مستسلمون منقادون له .
( فإن تولوا ) أي : تركوا ما دعوتهم إليه ، (
فقل آذنتكم على سواء ) أي : أعلمتكم أني حرب لكم ، كما أنكم حرب لي ، بريء منكم كما أنكم برآء مني ، كقوله : (
وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ) [ يونس : 41 ] . وقال (
وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء ) [ الأنفال : 58 ] : ليكن علمك وعلمهم بنبذ العهود على السواء ، وهكذا هاهنا ، (
فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء ) أي : أعلمتكم ببراءتي منكم ، وبراءتكم مني; لعلمي بذلك .
وقوله : (
وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ) أي : هو واقع لا محالة ، ولكن لا علم لي بقربه ولا ببعده ، (
إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ) أي : إن الله يعلم الغيب جميعه ، ويعلم ما يظهره العباد وما يسرون ، يعلم الظواهر والضمائر ، ويعلم السر وأخفى ، ويعلم ما العباد عاملون في أجهارهم وأسرارهم ، وسيجزيهم على ذلك ، على القليل والجليل .
وقوله : (
وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) أي : وما أدري لعل هذا فتنة لكم ومتاع إلى حين .
قال
ابن جرير : لعل تأخير ذلك عنكم فتنة لكم ، ومتاع إلى أجل مسمى . وحكاه
عون ، عن
ابن عباس ، والله أعلم .
(
قال رب احكم بالحق ) أي : افصل بيننا وبين قومنا المكذبين بالحق .
قال
قتادة : كان الأنبياء عليهم السلام ، يقولون : (
ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ) [ الأعراف : 89 ] ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ذلك .
وعن
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شهد قتالا قال : ( رب احكم بالحق ) .
وقوله : (
وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ) أي : على ما يقولون ويفترون من الكذب ، ويتنوعون في مقامات التكذيب والإفك ، والله المستعان عليكم في ذلك .