(
ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ( 11 )
يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد ( 12 )
يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير ( 13 ) ) .
قال
مجاهد ، وقتادة ، وغيرهما : (
على حرف ) : على شك .
وقال غيرهم : على طرف . ومنه حرف الجبل ، أي : طرفه ، أي : دخل في الدين على طرف ، فإن وجد ما يحبه استقر ، وإلا انشمر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
إبراهيم بن الحارث ، حدثنا
يحيى بن أبي بكير ، حدثنا
إسرائيل ، عن
أبي حصين ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس (
ومن الناس من يعبد الله على حرف ) قال : كان الرجل يقدم
المدينة ، فإن ولدت امرأته غلاما ، ونتجت خيله ، قال : هذا دين صالح . وإن لم تلد امرأته ، ولم تنتج خيله قال : هذا دين سوء .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
علي بن الحسين ، حدثنا
أحمد بن عبد الرحمن ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
أشعث بن إسحاق القمي ، عن
جعفر بن أبي المغيرة ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال :
كان ناس من الأعراب يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون ، فإذا رجعوا إلى بلادهم ، فإن وجدوا عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن ، قالوا : " إن ديننا هذا لصالح ، فتمسكوا به " . وإن وجدوا عام جدوبة وعام ولاد سوء وعام قحط ، قالوا : " ما في ديننا هذا خير " . فأنزل الله على نبيه : ( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه ) .
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس : كان أحدهم إذا قدم
المدينة ، وهي أرض وبيئة ، فإن صح بها جسمه ، ونتجت فرسه مهرا حسنا ، وولدت امرأته غلاما رضي به واطمأن إليه ، وقال : " ما أصبت منذ كنت على ديني هذا إلا خيرا " . وإن أصابته فتنة - والفتنة : البلاء - أي : وإن أصابه وجع
المدينة ، [ ص: 401 ] وولدت امرأته جارية ، وتأخرت عنه الصدقة ، أتاه الشيطان فقال : والله ما أصبت منذ كنت على دينك هذا إلا شرا . وذلك الفتنة .
وهكذا ذكر
قتادة ، والضحاك ، nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج ، وغير واحد من السلف ، في تفسير هذه الآية .
وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هو المنافق ، إن صلحت له دنياه أقام على العبادة ، وإن فسدت عليه دنياه وتغيرت ، انقلب فلا يقيم على العبادة إلا لما صلح من دنياه ، فإن أصابته فتنة أو شدة أو اختبار أو ضيق ، ترك دينه ورجع إلى الكفر .
وقال
مجاهد في قوله : (
انقلب على وجهه ) أي : ارتد كافرا .
وقوله : (
خسر الدنيا والآخرة ) أي : فلا هو حصل من الدنيا على شيء ، وأما الآخرة فقد كفر بالله العظيم ، فهو فيها في غاية الشقاء والإهانة; ولهذا قال : (
ذلك هو الخسران المبين ) أي : هذه هي الخسارة العظيمة ، والصفقة الخاسرة .
وقوله : (
يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ) أي : من الأصنام والأنداد ، يستغيث بها ويستنصرها ويسترزقها ، وهي لا تنفعه ولا تضره ، (
ذلك هو الضلال البعيد . يدعو لمن ضره أقرب من نفعه ) أي : ضرره في الدنيا قبل الآخرة أقرب من نفعه فيها ، وأما في الآخرة فضرره محقق متيقن .
وقوله : (
لبئس المولى ولبئس العشير ) : قال
مجاهد : يعني الوثن ، يعني : بئس هذا الذي دعا به من دون الله مولى ، يعني : وليا وناصرا ، (
ولبئس العشير ) وهو المخالط والمعاشر .
واختار
ابن جرير أن المراد : لبئس ابن العم والصاحب من يعبد [ الله ] على حرف ، (
فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه )
وقول
مجاهد : إن المراد به الوثن ، أولى وأقرب إلى سياق الكلام ، والله أعلم .