[ ص: 424 ] (
ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين ( 34 )
الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ( 35 ) ) .
يخبر تعالى أنه لم يزل
ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعا في جميع الملل .
قال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : (
ولكل أمة جعلنا منسكا ) قال : عيدا .
وقال
عكرمة : ذبحا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم في قوله : (
ولكل أمة جعلنا منسكا ) ، إنها
مكة ، لم يجعل الله لأمة قط منسكا غيرها .
[ وقوله ] : (
ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) ، كما ثبت في الصحيحين عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822116أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ، فسمى وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما .
وقال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، أنبأنا
سلام بن مسكين ، عن
عائذ الله المجاشعي ، عن
أبي داود وهو نفيع بن الحارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم قال : قلت أو :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822117قالوا : يا رسول الله ، ما هذه الأضاحي؟ قال : " سنة أبيكم إبراهيم " . قالوا : ما لنا منها؟ قال : " بكل شعرة حسنة " قالوا : فالصوف؟ قال : " بكل شعرة من الصوف حسنة " .
وأخرجه الإمام
أبو عبد الله محمد بن يزيد ابن ماجه في سننه ، من حديث
سلام بن مسكين ، به .
وقوله : (
فإلهكم إله واحد فله أسلموا ) أي : معبودكم واحد ، وإن تنوعت شرائع الأنبياء ونسخ بعضها بعضا ، فالجميع يدعون إلى عبادة الله وحده ، لا شريك له ، (
وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [ الأنبياء : 25 ] . ولهذا قال : (
فله أسلموا ) أي : أخلصوا واستسلموا لحكمه وطاعته .
(
وبشر المخبتين ) : قال
مجاهد : المطمئنين ، وقال
الضحاك ، وقتادة : المتواضعين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : الوجلين . وقال
عمرو بن أوس : المخبتون : الذين لا يظلمون ، وإذا ظلموا لم ينتصروا .
وقال
الثوري : (
وبشر المخبتين ) قال : المطمئنين الراضين بقضاء الله ، المستسلمين له .
[ ص: 425 ]
وأحسن ما يفسر بما بعده وهو قوله : (
الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) أي : خافت منه قلوبهم ، (
والصابرين على ما أصابهم ) أي : من المصائب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : والله لتصبرن أو لتهلكن .
(
والمقيمي الصلاة ) : قرأ الجمهور بالإضافة . السبعة ، وبقية العشرة أيضا . وقرأ
ابن السميقع : " والمقيمين الصلاة " بالنصب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : (
والمقيمي الصلاة ) ، وإنما حذفت النون هاهنا تخفيفا ، ولو حذفت للإضافة لوجب خفض الصلاة ، ولكن على سبيل التخفيف فنصبت .
أي : المؤدين حق الله فيما أوجب عليهم من أداء فرائضه ، (
ومما رزقناهم ينفقون ) أي : وينفقون ما آتاهم الله من طيب الرزق على أهليهم وأرقائهم وقراباتهم ، وفقرائهم ومحاويجهم ، ويحسنون إلى خلق الله مع محافظتهم على حدود الله . وهذه بخلاف صفات المنافقين ، فإنهم بالعكس من هذا كله ، كما تقدم تفسيره في سورة " براءة " [ فلله الحمد والمنة ] .