[ ص: 458 ] [ ص: 359 ] تفسير سورة المؤمنون مكية .
بسم الله الرحمن الرحيم
(
قد أفلح المؤمنون ( 1 )
الذين هم في صلاتهم خاشعون ( 2 )
والذين هم عن اللغو معرضون ( 3 )
والذين هم للزكاة فاعلون ( 4 )
والذين هم لفروجهم حافظون ( 5 )
إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ( 6 )
فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ( 7 )
والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ( 8 )
والذين هم على صلواتهم يحافظون ( 9 )
أولئك هم الوارثون ( 10 )
الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ( 11 ) ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
عبد الرزاق ، أخبرني
يونس بن سليم قال : أملى علي
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد الأيلي ، عن
ابن شهاب ، عن
عروة بن الزبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14937عبد الرحمن بن عبد القاري قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822142كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي ، يسمع عند وجهه كدوي النحل فمكثنا ساعة ، فاستقبل القبلة ورفع يديه ، فقال : " اللهم ، زدنا ولا تنقصنا ، وأكرمنا ولا تهنا ، وأعطنا ولا تحرمنا ، وآثرنا ولا تؤثر [ علينا ، وارض عنا ] وأرضنا " ، ثم قال : " لقد أنزلت علي عشر آيات ، من أقامهن دخل الجنة " ، ثم قرأ : ( قد أفلح المؤمنون ) حتى ختم العشر .
وكذا روى
الترمذي في تفسيره ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في الصلاة ، من حديث
عبد الرزاق ، به .
وقال
الترمذي : منكر ، لا نعرف أحدا رواه غير
يونس بن سليم ، ويونس لا نعرفه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في تفسيره : أنبأنا
قتيبة بن سعيد ، حدثنا
جعفر ، عن
أبي عمران عن
يزيد بن بابنوس قال : قلنا
nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة : يا أم المؤمنين ، كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت : كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، فقرأت : (
قد أفلح المؤمنون ) حتى انتهت إلى : (
والذين هم على صلواتهم يحافظون ) ، قالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد روي عن
كعب الأحبار ، ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية ، وغيرهم : لما خلق الله جنة عدن ،
[ ص: 460 ] وغرسها بيده ، نظر إليها وقال لها . تكلمي . فقالت : (
قد أفلح المؤمنون ) ، قال
كعب الأحبار : لما أعد لهم فيها من الكرامة . وقال
أبو العالية : فأنزل الله ذلك في كتابه .
وقد روي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري مرفوعا ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، حدثنا
المغيرة بن سلمة ، حدثنا
وهيب ، عن
الجريري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة ، عن
أبي سعيد قال : خلق الله الجنة ، لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وغرسها ، وقال لها : تكلمي . فقالت : (
قد أفلح المؤمنون ) ، فدخلتها الملائكة فقالت : طوبى لك ، منزل الملوك! .
ثم قال : وحدثنا
بشر بن آدم ، وحدثنا
يونس بن عبيد الله العمري ، حدثنا
عدي بن الفضل ، حدثنا
الجريري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة ، عن
أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822143خلق الله الجنة ، لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وملاطها المسك " . قال
أبو بكر : ورأيت في موضع آخر في هذا الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=825786حائط الجنة ، لبنة ذهب ولبنة فضة ، وملاطها المسك . فقال لها : تكلمي . فقالت : ( قد أفلح المؤمنون ) فقالت الملائكة : طوبى لك ، منزل الملوك ! " .
ثم قال
البزار : لا نعلم أحدا رفعه إلا
عدي بن الفضل ، وليس هو بالحافظ ، وهو شيخ متقدم الموت .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14687الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا
أحمد بن علي ، حدثنا
هشام بن خالد ، حدثنا
بقية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=825787لما خلق الله جنة عدن ، خلق فيها ما لا عين رأت ، [ ولا أذن سمعت ] ، ولا خطر على قلب بشر . ثم قال لها : تكلمي . فقالت : ( قد أفلح المؤمنون ) .
بقية : عن الحجازيين ضعيف .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني : حدثنا
محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا
منجاب بن الحارث ، حدثنا
حماد بن عيسى العبسي ، عن
إسماعيل السدي ، عن
أبي صالح ، عن
ابن عباس يرفعه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825788 " لما خلق الله جنة عدن بيده ، ودلى فيها ثمارها ، وشق فيها أنهارها ، ثم نظر إليها فقال : ( قد أفلح المؤمنون ) . قال : وعزتي لا يجاورني فيك بخيل " .
[ ص: 461 ]
وقال
أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا
محمد بن المثنىالبزار ، حدثنا
محمد بن زياد الكلبي ، حدثنا
يعيش بن حسين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
قتادة ، عن
أنس ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" خلق الله جنة عدن بيده ، لبنة من درة بيضاء ، ولبنة من ياقوتة حمراء ، ولبنة من زبرجدة خضراء ، ملاطها المسك ، وحصباؤها اللؤلؤ ، وحشيشها الزعفران ، ثم قال لها : انطقي . قالت : ( قد أفلح المؤمنون ) فقال الله : وعزتي ، وجلالي لا يجاورني فيك بخيل " . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) [ الحشر : 9 ] فقوله تعالى : (
قد أفلح المؤمنون ) أي : قد فازوا وسعدوا وحصلوا على الفلاح ، وهم المؤمنون المتصفون بهذه الأوصاف .
(
الذين هم في صلاتهم خاشعون ) " قال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : ( خاشعون ) : خائفون ساكنون . وكذا روي عن
مجاهد ، والحسن ، وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه : الخشوع : خشوع القلب . وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : كان خشوعهم في قلوبهم ، فغضوا بذلك أبصارهم ، وخفضوا الجناح .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة ، فلما نزلت هذه الآية : (
قد أفلح المؤمنون . الذين هم في صلاتهم خاشعون ) خفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم .
[ و ] قال
ابن سيرين : وكانوا يقولون : لا يجاوز بصره مصلاه ، فإن كان قد اعتاد النظر فليغمض . رواه
ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم .
ثم روى
ابن جرير عنه ، وعن
عطاء بن أبي رباح أيضا مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ، حتى نزلت هذه الآية .
والخشوع في الصلاة إنما يحصل بمن فرغ قلبه لها ، واشتغل بها عما عداها ، وآثرها على غيرها ، وحينئذ تكون راحة له وقرة عين ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، في الحديث الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، عن
أنس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822144 " حبب إلي الطيب والنساء ، وجعلت قرة عيني في الصلاة " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، حدثنا
مسعر ، عن
عمرو بن مرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد ، [ ص: 462 ] عن رجل من أسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822145 " يا بلال ، أرحنا بالصلاة " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أيضا; حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا
إسرائيل ، عن
عثمان بن المغيرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822146دخلت مع أبي على صهر لنا من الأنصار ، فحضرت الصلاة ، فقال : يا جارية ، ائتني بوضوء لعلي أصلي فأستريح . فرآنا أنكرنا عليه ذلك ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " قم يا بلال ، فأرحنا بالصلاة " .
وقال : (
والذين هم عن اللغو معرضون ) أي : عن الباطل ، وهو يشمل : الشرك كما قاله بعضهم والمعاصي كما قاله آخرون وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال ، كما قال تعالى : (
وإذا مروا باللغو مروا كراما ) [ الفرقان : 72 ] .
قال
قتادة : أتاهم والله من أمر الله ما وقذهم عن ذلك .
وقوله : (
والذين هم للزكاة فاعلون ) : الأكثرون على أن المراد بالزكاة هاهنا زكاة الأموال ، مع أن هذه [ الآية ] مكية ، وإنما فرضت الزكاة
بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة . والظاهر أن التي فرضت
بالمدينة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة ، وإلا فالظاهر أن
أصل الزكاة كان واجبا بمكة ، كما قال تعالى في سورة الأنعام ، وهي مكية : (
وآتوا حقه يوم حصاده ) [ الأنعام : 141 ] .
وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة هاهنا : زكاة النفس من الشرك والدنس ، كقوله : (
قد أفلح من زكاها . وقد خاب من دساها ) [ الشمس : 9 ، 10 ] ، وكقوله : (
وويل للمشركين . الذين لا يؤتون الزكاة ) [ فصلت : 6 ، 7 ] ، على أحد القولين في تفسيرها .
وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادا ، وهو زكاة النفوس وزكاة الأموال; فإنه من جملة زكاة النفوس ، والمؤمن الكامل هو الذي يتعاطى هذا وهذا ، والله أعلم .
وقوله : (
والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) أي : والذين قد حفظوا فروجهم من الحرام ، فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا أو لواط ، ولا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم ، وما ملكت أيمانهم من السراري ،
ومن تعاطى ما أحله الله له فلا لوم عليه ولا حرج ; ولهذا قال : (
فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك ) أي : غير الأزواج والإماء ، (
فأولئك هم العادون ) أي : المعتدون .
وقال
ابن جرير : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، حدثنا
عبد الأعلى ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، أن امرأة
[ ص: 463 ] اتخذت مملوكها ، وقالت : تأولت آية من كتاب الله : (
أو ما ملكت أيمانهم ) [ قال ] : فأتي بها
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فقال له ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : تأولت آية من كتاب الله على غير وجهها . قال : فغرب العبد وجز رأسه : وقال : أنت بعده حرام على كل مسلم . هذا أثر غريب منقطع ، ذكره
ابن جرير في أول تفسير سورة المائدة ، وهو هاهنا أليق ، وإنما حرمها على الرجال معاملة لها بنقيض قصدها ، والله أعلم .
وقد استدل
الإمام الشافعي ، رحمه الله ، ومن وافقه على تحريم
الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة (
والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) قال : فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين ، وقد قال : (
فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) وقد استأنسوا بحديث رواه
الإمام الحسن بن عرفة في جزئه المشهور حيث قال :
حدثني
علي بن ثابت الجزري ، عن
مسلمة بن جعفر ، عن
حسان بن حميد ، عن
أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولا يجمعهم مع العاملين ، ويدخلهم النار أول الداخلين ، إلا أن يتوبوا ، فمن تاب تاب الله عليه : ناكح يده ، والفاعل ، والمفعول به ، ومدمن الخمر ، والضارب والديه حتى يستغيثا ، والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه ، والناكح حليلة جاره " .
هذا حديث غريب ، وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته ، والله أعلم .
وقوله : (
والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ) أي : إذا اؤتمنوا لم يخونوا ، بل يؤدونها إلى أهلها ، وإذا عاهدوا أو عاقدوا أوفوا بذلك ، لا كصفات المنافقين الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825791 " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان " .
وقوله : (
والذين هم على صلواتهم يحافظون ) أي : يواظبون عليها في مواقيتها ، كما قال
ابن مسعود : سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822147يا رسول الله ، أي العمل أحب إلى الله؟ قال : " الصلاة على وقتها " . قلت : ثم أي؟ قال : " بر الوالدين " . قلت : ثم أي؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " .
أخرجاه في الصحيحين . وفي مستدرك
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822148الصلاة في أول وقتها " .
[ ص: 464 ]
وقال
ابن مسعود ، ومسروق في قوله : (
والذين هم على صلواتهم يحافظون ) يعني : مواقيت الصلاة . وكذا قال
أبو الضحى ، nindex.php?page=showalam&ids=16588وعلقمة بن قيس ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وعكرمة .
وقال
قتادة : على مواقيتها وركوعها وسجودها .
وقد افتتح الله ذكر هذه الصفات الحميدة بالصلاة ، واختتمها بالصلاة ، فدل على أفضليتها ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822149استقيموا ولن تحصوا ، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن " .
ولما وصفهم [ الله ] تعالى بالقيام بهذه الصفات الحميدة والأفعال الرشيدة قال : (
أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون )
وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822150 " إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس ، فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ، ومنه تفجر أنهار الجنة ، وفوقه عرش الرحمن " .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أحمد بن سنان ، حدثنا
أبو معاوية ، حدثنا
الأعمش ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825792 " ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة ومنزل في النار ، فإن مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله ، فذلك قوله : ( أولئك هم الوارثون ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن ليث ، عن
مجاهد : (
أولئك هم الوارثون ) قال : ما من عبد إلا وله منزلان : منزل في الجنة ، ومنزل في النار ، فأما المؤمن فيبنى بيته الذي في الجنة ، ويهدم بيته الذي في النار ، وأما الكافر فيهدم بيته الذي في الجنة ، ويبنى بيته الذي في النار . وروي عن
سعيد بن جبير نحو ذلك .
فالمؤمنون يرثون منازل الكفار ; لأنهم [ كلهم ] خلقوا لعبادة الله تعالى ، فلما قام هؤلاء المؤمنون بما وجب عليهم من العبادة ، وترك أولئك ما أمروا به مما خلقوا له أحرز هؤلاء نصيب
[ ص: 465 ] أولئك لو كانوا أطاعوا ربهم عز وجل ، بل أبلغ من هذا أيضا ، وهو ما ثبت في صحيح
مسلم ، عن
أبي بردة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822152يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال ، فيغفرها الله لهم ، ويضعها على اليهود والنصارى " .
وفي لفظ له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822153 " إذا كان يوم القيامة دفع الله لكل مسلم يهوديا أو نصرانيا ، فيقال : هذا فكاكك من النار " . فاستحلف
عمر بن عبد العزيز أبا بردة بالله الذي لا إله إلا هو ، ثلاث مرات ، أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فحلف له . قلت : وهذه الآية كقوله تعالى : (
تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا ) [ مريم : 63 ] ، وكقوله : (
وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ) [ الزخرف : 73 ] . وقد قال
مجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير : الجنة بالرومية هي الفردوس .
وقال بعض السلف : لا يسمى البستان فردوسا إلا إذا كان فيه عنب ، فالله أعلم .