( وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ( 50 ) ) .
يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله
عيسى ابن مريم ، عليهما السلام ، أنه جعلهما آية للناس : أي حجة قاطعة على قدرته على ما يشاء ، فإنه خلق
آدم من غير أب ولا أم ، وخلق
حواء من ذكر بلا أنثى ، وخلق
عيسى من أنثى بلا ذكر ، وخلق بقية الناس من ذكر وأنثى .
وقوله : (
وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) قال
الضحاك ، عن
ابن عباس : الربوة : المكان المرتفع من الأرض ، وهو أحسن ما يكون فيه النبات . وكذا قال
مجاهد ، وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وقتادة .
قال
ابن عباس : وقوله : ( ذات قرار ) يقول : ذات خصب ) ومعين ) يعني : ماء ظاهرا .
وقال
مجاهد : ربوة مستوية .
وقال
سعيد بن جبير : (
ذات قرار ومعين ) : استوى الماء فيها . وقال
مجاهد ، وقتادة : ( ومعين ) : الماء الجاري .
ثم اختلف المفسرون في مكان هذه الربوة في أي أرض [ الله ] هي ؟ فقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ليس الربى إلا
بمصر . والماء حين يرسل يكون الربى عليها القرى ، ولولا الربى غرقت القرى .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه نحو هذا ، وهو بعيد جدا .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا
سفيان ، عن
يحيى بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب في قوله تعالى : (
وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) ، قال : هي
دمشق .
قال : وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ، والحسن ، وزيد بن أسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=15802وخالد بن معدان نحو ذلك .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أبو سعيد الأشج ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
إسرائيل ، عن
سماك ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس : (
ذات قرار ومعين ) قال : أنهار
دمشق .
[ ص: 477 ] وقال
ليث بن أبي سليم ، عن
مجاهد : (
وآويناهما إلى ربوة [ ذات قرار ومعين ] ) ، قال :
عيسى ابن مريم وأمه ، حين أويا إلى غوطة
دمشق وما حولها .
وقال
عبد الرزاق ، عن
بشر بن رافع ، عن
أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : في قوله : (
إلى ربوة ذات قرار ومعين ) قال : هي
الرملة من فلسطين .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي ، حدثنا
رواد بن الجراح ، حدثنا
عباد بن عباد الخواص أبو عتبة ، حدثنا
السيباني ، عن
ابن وعلة ، عن
كريب السحولي ، عن
مرة البهزي قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لرجل :
" إنك ميت بالربوة " فمات
بالرملة . وهذا حديث غريب جدا .
وأقرب الأقوال في ذلك ما رواه
العوفي ، عن
ابن عباس في قوله : (
وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) ، قال : المعين الماء الجاري ، وهو النهر الذي قال الله تعالى : (
قد جعل ربك تحتك سريا ) [ مريم : 24 ] .
وكذا قال
الضحاك ، وقتادة : (
إلى ربوة ذات قرار ومعين ) : هو
بيت المقدس . فهذا والله أعلم هو الأظهر; لأنه المذكور في الآية الأخرى . والقرآن يفسر بعضه بعضا . وهو أولى ما يفسر به ، ثم الأحاديث الصحيحة ، ثم الآثار .