[ ص: 500 ] ( قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين ( 112 )
قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين ( 113 )
قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ( 114 )
أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ( 115 )
فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ( 116 ) ) .
يقول تعالى منبها لهم على ما أضاعوه في عمرهم القصير في الدنيا من طاعة الله تعالى وعبادته وحده ، ولو صبروا في مدة الدنيا القصيرة لفازوا كما فاز أولياؤه المتقون ، (
قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين ) أي : كم كانت إقامتكم في الدنيا؟ (
قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين ) أي : الحاسبين
(
قال إن لبثتم إلا قليلا ) أي : مدة يسيرة على كل تقدير (
لو أنكم كنتم تعلمون ) أي : لما آثرتم الفاني على الباقي ، ولما تصرفتم لأنفسكم هذا التصرف السيئ ، ولا استحققتم من الله سخطه في تلك المدة اليسيرة ، ولو أنكم صبرتم على طاعة الله وعبادته كما فعل المؤمنون لفزتم كما فازوا .
قال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
محمد بن الوزير ، حدثنا
الوليد ، حدثنا
صفوان ، عن
أيفع بن عبد الكلاعي; أنه سمعه يخطب الناس فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الله إذا أدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، قال : يا أهل الجنة ، كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟ قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم . قال : لنعم ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم : رحمتي ورضواني وجنتي ، امكثوا فيها خالدين مخلدين؟ ثم يقول : يا أهل النار ، كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟ قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم . فيقول : بئس ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم : ناري وسخطي ، امكثوا فيها خالدين مخلدين " .
وقوله : (
أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ) أي : أفظننتم أنكم مخلوقون عبثا بلا قصد ولا إرادة منكم ولا حكمة لنا ، (
وأنكم إلينا لا ترجعون ) أي : لا تعودون في الدار الآخرة ، كما قال : (
أيحسب الإنسان أن يترك سدى ) [ القيامة : 36 ] ، يعني هملا .
وقوله : (
فتعالى الله الملك الحق ) أي : تقدس أن يخلق شيئا عبثا ، فإنه الملك الحق المنزه عن ذلك ، (
لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) ، فذكر العرش; لأنه سقف جميع المخلوقات ، ووصفه بأنه كريم ، أي : حسن المنظر بهي الشكل ، كما قال تعالى : (
فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ) [ لقمان : 10 ] .
قال
ابن أبي حاتم : حدثنا
علي بن الحسين ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14714علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا
إسحاق بن سليمان شيخ من أهل العراق أنبأنا
شعيب بن صفوان ، عن رجل من
آل سعيد بن العاص قال :
[ ص: 501 ] كان آخر خطبة خطب
عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإنكم لم تخلقوا عبثا ، ولن تتركوا سدى ، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم بينكم والفصل بينكم ، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله ، وحرم جنة عرضها السماوات والأرض ، ألم تعلموا أنه
لا يأمن غدا إلا من حذر هذا اليوم وخافه ، وباع نافدا بباق ، وقليلا بكثير ، وخوفا بأمان ، ألا ترون أنكم من أصلاب الهالكين ، وسيكون من بعدكم الباقين ، حتى تردون إلى خير الوارثين؟ ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل ، قد قضى نحبه ، وانقضى أجله ، حتى تغيبوه في صدع من الأرض ، في بطن صدع غير ممهد ولا موسد ، قد فارق الأحباب وباشر التراب ، وواجه الحساب ، مرتهن بعمله ، غني عما ترك ، فقير إلى ما قدم . فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ، ونزول الموت بكم ثم جعل طرف ردائه على وجهه ، فبكى وأبكى من حوله .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
يحيى بن نصر الخولاني ، حدثنا
ابن وهب ، أخبرني
ابن لهيعة ، عن
أبي هبيرة عن
حنش بن عبد الله; nindex.php?page=hadith&LINKID=825805أن رجلا مصابا مر به nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، فقرأ في أذنه هذه الآية : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق ) ، حتى ختم السورة فبرأ ، [ فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ] ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بماذا قرأت في أذنه؟ " فأخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، لو أن رجلا موقنا قرأها على جبل لزال " .
وروى
أبو نعيم من طريق
خالد بن نزار ، عن
سفيان بن عيينة ، عن
محمد بن المنكدر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن أبيه قال :
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ، وأمرنا أن نقول إذا نحن أمسينا وأصبحنا : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) ، قال : فقرأناها فغنمنا وسلمنا .
وقال
ابن أبي حاتم أيضا : حدثنا
إسحاق بن وهب العلاف الواسطي ، حدثنا
أبو المسيب سلمة بن سلام ، حدثنا
بكر بن خنيس ، عن
نهشل بن سعيد ، عن
الضحاك بن مزاحم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825807 " أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا في السفن : بسم الله الملك الحق ، ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) [ الزمر : 67 ] ، ( بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ) [ هود : 41 ] .