(
لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين ( 12 )
لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ( 13 ) )
هذا تأديب من الله للمؤمنين في قضية
عائشة ، رضي الله عنها ، حين أفاض بعضهم في
[ ص: 27 ] ذلك الكلام السيئ ، وما ذكر من شأن الإفك ، فقال : ( لولا ) بمعنى : هلا ) إذ سمعتموه ) أي : ذلك الكلام ، أي : الذي رميت به أم المؤمنين (
ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ) أي : قاسوا ذلك الكلام على أنفسهم ، فإن كان لا يليق بهم فأم المؤمنين أولى بالبراءة منه بطريق الأولى والأحرى .
وقد قيل : إنها نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري وامرأته ، رضي الله عنهما ، كما قال الإمام
محمد بن إسحاق بن يسار ، عن أبيه ، عن بعض رجال
بني النجار; أن
أبا أيوب خالد بن زيد قالت له امرأته
أم أيوب : يا
أبا أيوب ، أما تسمع ما يقول الناس في
عائشة ، رضي الله عنها؟ قال : نعم ، وذلك الكذب . أكنت فاعلة ذلك يا
أم أيوب؟ قالت : لا والله ما كنت لأفعله . قال :
nindex.php?page=showalam&ids=25فعائشة والله خير منك . قال : فلما نزل القرآن ذكر الله ، عز وجل ، من قال في الفاحشة ما قال من أهل الإفك : (
إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم ) [ النور : 11 ] وذلك
حسان وأصحابه ، الذين قالوا ما قالوا ، ثم قال : (
لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون ) الآية ، أي : كما قال
أبو أيوب وصاحبته .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15472محمد بن عمر الواقدي : حدثني
ابن أبي حبيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15855داود بن الحصين ، عن
أبي سفيان ، عن
أفلح مولى أبي أيوب ، أن
أم أيوب قالت
لأبي أيوب : ألا تسمع ما يقول الناس في
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة؟ قال : بلى ، وذلك الكذب ، أفكنت يا
أم أيوب [ فاعلة ذلك ] ؟ قالت : لا والله . قال :
nindex.php?page=showalam&ids=25فعائشة والله خير منك . فلما نزل القرآن ، وذكر أهل الإفك ، قال الله عز وجل : (
لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين ) يعني :
أبا أيوب حين قال
لأم أيوب ما قال .
ويقال : إنما قالها
أبي بن كعب .
وقوله : (
ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ) أي : هلا ظنوا الخير ، فإن أم المؤمنين أهله وأولى به ، هذا ما يتعلق بالباطن ، ( وقالوا ) أي : بألسنتهم (
هذا إفك مبين ) أي : كذب ظاهر على أم المؤمنين ، فإن الذي وقع لم يكن ريبة ، وذلك أن مجيء أم المؤمنين راكبة جهرة على راحلة
صفوان بن المعطل في وقت الظهيرة ، والجيش بكماله يشاهدون ذلك ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم ، لو كان هذا الأمر فيه ريبة لم يكن هكذا جهرة ، ولا كانا يقدمان على مثل ذلك على رءوس الأشهاد ، بل كان يكون هذا - لو قدر - خفية مستورا ، فتعين أن ما جاء به أهل الإفك مما رموا به أم المؤمنين هو الكذب البحت ، والقول الزور ، والرعونة الفاحشة [ الفاجرة ] والصفقة الخاسرة .
قال الله تعالى : ( لولا ) أي : هلا (
جاءوا عليه ) أي : على ما قالوه (
بأربعة شهداء ) يشهدون على صحة ما جاءوا به (
فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ) أي : في حكم الله كذبة فاجرون .