(
الذي خلقني فهو يهدين ( 78 )
والذي هو يطعمني ويسقين ( 79 )
وإذا مرضت فهو يشفين ( 80 )
والذي يميتني ثم يحيين ( 81 )
والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ( 82 ) )
يعني : لا أعبد إلا الذي يفعل هذه الأشياء ، (
الذي خلقني فهو يهدين ) أي : هو الخالق الذي قدر قدرا ، وهدى الخلائق إليه ، فكل يجري على [ ما ] قدر ، وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء .
(
والذي هو يطعمني ويسقين ) أي : هو خالقي ورازقي ، بما سخر ويسر من الأسباب السماوية والأرضية ، فساق المزن ، وأنزل الماء ، وأحيا به الأرض ، وأخرج به من كل الثمرات رزقا للعباد ، وأنزل الماء عذبا زلالا ل (
نسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا ) [ الفرقان : 49 ] .
وقوله : (
وإذا مرضت فهو يشفين ) أسند المرض إلى نفسه ، وإن كان عن قدر الله وقضائه وخلقه ، ولكن أضافه إلى نفسه أدبا ، كما قال تعالى آمرا للمصلي أن يقول : (
اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) [ الفاتحة : 6 ، 7 ] فأسند الإنعام إلى الله ، سبحانه وتعالى ، والغضب حذف فاعله أدبا ، وأسند الضلال إلى العبيد ، كما قالت الجن : (
وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا ) [ الجن : 10 ] ; ولهذا قال
[ ص: 147 ] إبراهيم : (
وإذا مرضت فهو يشفين ) أي : إذا وقعت في مرض فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره ، بما يقدر من الأسباب الموصلة إليه .
(
والذي يميتني ثم يحيين ) أي : هو الذي يحيي ويميت ، لا يقدر على ذلك أحد سواه ، فإنه هو الذي يبدئ ويعيد .
(
والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ) أي : هو الذي لا يقدر على غفر الذنوب في الدنيا والآخرة ، إلا هو ، ومن يغفر الذنوب إلا الله ، وهو الفعال لما يشاء .