[ ص: 178 ] سورة النمل وهي مكية .
بسم الله الرحمن الرحيم
(
طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين ( 1 )
هدى وبشرى للمؤمنين ( 2 )
الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون ( 3 )
إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون ( 4 )
أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون ( 5 )
وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم ( 6 ) )
قد تقدم الكلام في " سورة البقرة " على الحروف المتقطعة في أوائل السور .
وقوله : (
تلك آيات ) أي : هذه آيات (
القرآن وكتاب مبين ) أي : بين واضح .
(
هدى وبشرى للمؤمنين ) أي : إنما تحصل الهداية
والبشارة من القرآن لمن آمن به واتبعه وصدقه ، وعمل بما فيه ، وأقام الصلاة المكتوبة ، وآتى الزكاة المفروضة ، وآمن بالدار الآخرة والبعث بعد الموت ،
والجزاء على الأعمال ، خيرها وشرها ، والجنة والنار ، كما قال تعالى : (
قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ) [ فصلت : 44 ] . وقال : (
لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا ) [ مريم : 97 ] ; ولهذا قال هاهنا : (
إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ) أي : يكذبون بها ، ويستبعدون وقوعها (
زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون ) أي : حسنا لهم ما هم فيه ، ومددنا لهم في غيهم فهم يتيهون في ضلالهم . وكان هذا جزاء على ما كذبوا به من الدار الآخرة ، كما قال تعالى : (
ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) [ الأنعام : 110 ] ، (
أولئك الذين لهم سوء العذاب ) أي : في الدنيا والآخرة ، (
وهم في الآخرة هم الأخسرون ) أي : ليس يخسر أنفسهم وأموالهم سواهم من أهل المحشر .
وقوله : (
وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم ) أي : (
وإنك ) يا
محمد - قال
قتادة : (
لتلقى ) أي : لتأخذ . (
القرآن من لدن حكيم عليم ) أي : من عند حكيم عليم ، أي : حكيم في أوامره ونواهيه ، عليم بالأمور جليلها وحقيرها ، فخبره هو الصدق المحض ، وحكمه هو العدل التام ، كما قال تعالى : (
وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ) [
لا مبدل لكلماته ] ) [ الأنعام : 115 ] .