[ ص: 277 ] (
ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين ( 31 )
قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ( 32 )
ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين ( 33 )
إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ( 34 )
ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون ( 35 ) ) .
لما استنصر لوط عليه السلام الله عليهم ، بعث الله لنصرته ملائكة فمروا على إبراهيم عليه السلام ، في هيئة أضياف ، فجاءهم بما ينبغي للضيف ، فلما رأى أنه لا همة لهم إلى الطعام نكرهم ، وأوجس منهم خيفة ، فشرعوا يؤانسونه ويبشرونه بوجود ولد صالح من امرأته
سارة - وكانت حاضرة - فتعجبت من ذلك ، كما تقدم بيانه في سورة " هود " و " الحجر " . فلما جاءت
إبراهيم بالبشرى ، وأخبروه بأنهم أرسلوا لهلاك قوم
لوط ، أخذ يدافع لعلهم ينظرون ، لعل الله أن يهديهم ، ولما قالوا : (
إنا مهلكو أهل هذه القرية ) ، (
قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ) أي : من الهالكين ; لأنها كانت تمالئهم على كفرهم وبغيهم ودبرهم . ثم ساروا من عنده فدخلوا على
لوط في صورة شباب حسان ، فلما رآهم كذلك ، (
سيء بهم وضاق بهم ذرعا ) أي : اهتم بأمرهم ، إن هو أضافهم خاف عليهم من قومه ، وإن لم يضفهم خشي عليهم منهم ، ولم يعلم بأمرهم في الساعة الراهنة . (
قالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين . إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ) ، وذلك أن
جبريل عليه السلام اقتلع قراهم من قرار الأرض ، ثم رفعها إلى عنان السماء ، ثم قلبها عليهم . وأرسل الله عليهم حجارة من سجيل منضود ، مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ، وجعل [ الله ] مكانها بحيرة خبيثة منتنة ، وجعلهم عبرة إلى يوم التناد ، وهم من أشد الناس عذابا يوم المعاد ; ولهذا قال تعالى : (
ولقد تركنا منها آية بينة ) أي : واضحة ، ( لقوم يعقلون ) ، كما قال (
وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون ) [ الصافات : 137 ، 138 ] .